بالقرب من مسجد عمر بن العاص، وكنيسة مارى جرجس، ومعابد اليهود، بمنطقة مصر القديمة، يقع سوق الفسطاط والذي يمكن أن نسميه، "كنز المواهب المجهول". هذا السوق الفريد من نوعه من حيث موقعه التاريخى المميز ومنتجاته الحرفية المصنوعة بخامات وأيادي مصرية 100 % تنافس أجود المنتجات العالمية، حيث أنشئ هذا السوق من قبل وزارة السياحة ضمن خطة تطوير منطقة مصر القديمة التى يقع بها مجمع الأديان ليكون أول مجمع صناعي تجاري للحرف اليدوية والتراثية التى أوشكت على الاندثار، بهدف حماية هذه الصناعات التى تميز مصر عن غيرها من الدول، وإتاحة الفرصة لاستغلال قدرات ومواهب الفنانين والحرفيين من الشباب للحفاظ على هذا التراث الذى يساعد فى تنمية الاقتصاد، وزيادة الدخل القومى للدولة من النقد الأجنبى من خلال دعم هذه الصناعات الحرفية والترويج لها بالشكل اللائق وتصديرها للأسواق الخارجية تحت شعار صنع فى مصر.
ورغم أهمية هذا السوق الإبداعي والتجاري واهتمام الدولة به إلا أنه لم يلق حقه فى الدعاية اللازمة، ولازال الكثيرين على أرض مصر يجهلون وجوده ولا يعرفون عنه الكثير.
وفى جولة ل"مجلة الشباب" داخل هذا السوق لاكتشافه عن قرب التقينا، شيماء إسماعيل، الشهيرة "بزقزوقة" فقالت إنها عانت من اكتئاب لمدة عام ونصف العام، وقررت أن تتغلب على هذه الحالة، ففكرت فى عمل مشروعها الخاص بإعادة تدوير الأشياء القديمة والبالية، لتخرج بعد ذلك منتجات جديدة ومبتكرة صالحة للاستخدام من جديد، وبالفعل بدأت مشروعها ونجح، وبعد وقت أصبح لديها منتجات للبيع وأصبحت تشارك فى معارض محلية ودولية، وبعد ثلاث سنوات فكرت فى البحث عن مكان مميز يناسب طبيعة منتجاتها فاختارت سوق الفسطاط ليكون مقرا لمشروعها نظرا لما يمتاز به هذا المكان من طبيعة مختلفة.
وأكدت أن منتجاتها قائمة على خامات طبيعية واستخدام الأصداف والأحجار الكريمة فى المشغولات اليدوية التى تصنعها، وبأقل التكاليف.
وأشارت أنها تقوم بتصنيع صنادل بخيوط وأحجار مصرية ويتم بيع الواحد منها بحوالي 150 جنيها، وهو لا يقل جودة عن مثيله المستورد، والذى يصل سعره إلى 1200 جنية.
وأضافت زقزوقة، أنها تتمنى أن تتوسع فى منتجاتها وتسعى دائما لتطويرها من أجل الوصول بمنتجها المصري إلى العالمية، مؤكدة أن هذا السوق قادر على دعم الاقتصاد الوطنى من خلال تصدير وبيع هذه المنتجات بالأسواق الخارجية مطالبة الدولة بجهاتها المعنية بضرورة الاهتمام بهذا السوق والحفاظ على الهوية والمنتج المصرى، وأن يظل هذا السوق مميزا بذلك حتى لا يكون مصيره مثل "خان الخليلى" أحد أكثر المناطق السياحية جذبا للسياح، والذى أصبحت كافة المنتجات التى تباع فى أسواقه صناعة صينية، وفقدت المنطقة هويتها المصرية.
أما حسن خالد، وهو صاحب مشروع خشبة، أشهر المشروعات بالسوق والذى يحمل اسم "جاليرى المولد"، حيث قال عن تجربته داخل السوق، بدأت منذ سنتين بمشروع الأركت اليدوي، وهو فن يتوارثه الشعب المصرى من عصر الفراعنة، وانتشر ليصل إلى عدد من الدول حول العالم، ولكنه اشتهر بشكل كبير في تركيا وروسيا، وكان يتم تصنيعه يدويا عن طريق أزميل خشبى ولكن مع التطور التكنولوجى ظهرت ماكينات الليزر لتحول هذا الفن إلى صناعة تدر دخلا أكبر مما تقدمه من قيمة، ولذا قررت فى مشروعى أن أقوم بالحفاظ على هذه الصنعة التراثية بذوق وخامات مصرية 100%، والمشاركة بهذه المنتجات فى معارض مختلفة داخليا وخارجيا، من أجل إبراز جودة الحرف المصرية.
وأضاف، السوق برغم تميزه، وانفراده بالحفاظ على المهن التراثية المصرية الأصيلة والتى بدأت تندثر إلا أنه لازال يعانى من عدم الاهتمام من قبل الجهات المعنية، ولا يلقى الشهرة التى يستحقها، والتى من الممكن أن تجعله أكبر الأسواق التجارية للصناعات اليدوية، لافتا إلى أنه يحتوى أيضا على ورش لتعليم الراغبين لصناعات يدوية مختلفة.