الأوضاع في سيناء وعلى الحدود المصرية الإسرائيلية وصلت لقمة توترها ولا تدعو للتفاؤل، إسرائيل تهدد، ومصر تنفي، والملايين تترقب ما سيحدث خلال الأيام القادمة. هجوم مسلح في إيلات على حافلتين أدي لمقتل 6 وإصابة 26 إسرائيليا، دارت بعدها معركة عنيفة بين مسلحين وأفراد من الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود المصرية، الأمر لم يتوقف عند هذا بل تخطاه بتصريحات إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي متهما مصر بأنها فقدت السيطرة على سيناء، وحملها مسئولية الحادث، إلا أن التليفزيون الإسرائيلي نقل على لسان خالد فوده محافظ جنوبسيناء بأن مصر لا علاقة لها بما حدث في إيلات، وأن المهاجمون لم يذهبوا لإسرائيل عبر الحدود المصرية، ولم يتم إطلاق نار من داخل الحدود المصرية على الحافلتين الإسرائيليتين، وأن العملية برمتها تمت داخل الحدود الإسرائيلية. وواصلت إسرائيل تصعيدها للموقف، وأغلقت حدودها مع مصر، وقامت بنشر قواتها على الشريط الحدودي، وتقوم طائرات تابعة للجيش الإسرائيلي بالتحليق فوق الحدود المصرية الإسرائيلية بحثا عن منفذو الهجمات. إلا أنه رغم النفي المصري إلا أن تهديدات إسرائيل مازالت قائمة، ونواياها الخبيثة لا تخفى على أحد، وهذا ما اتضح من تصريحات اللواء سامح سيف اليزل، في ندوة عقدتها المنظمة الشبابية للاستقرار والتنمية، حيث قال إن تصريحات بنيامين نتنياهو ومدير المخابرات الحربية الإسرائيلية بأن لديهم معلومات بعدم قدرة مصر على السيطرة على الأوضاع على سيناء، وأن هذا وضع سيء، وإسرائيل لديها خطة لعبور الحدود المصرية بحجة تأمينها، وفى حال قيامهم بذلك سوف يحتلون 5 أو 7 كيلو من سيناء بدعوى تأمين حدودهم، والقوة الدولية ستوافق على ذلك. ولكن تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، في ظل التساؤلات التالية .. هل هناك علاقة بين عملية إيلات، وبين العملية العسكرية نسر التي تقوم بها القوات المسلحة حاليا في سيناء، وهل وجدت إسرائيل المبرر للقيام بعمل عسكري ضد مصر؟ الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات، أكد أن هناك 3 احتمالات لما حدث في إيلات، الأول هو بداية ظهور بصمات تنظيم القاعدة في سيناء والحدود مع قطاع غزة، حيث أن بعضهم كان في السجون المصرية، وهربوا في أحداث 25 يناير، ومنهم رمزي موافي طبيب أسامة بن لادن، الاحتمال الثاني هو أن ما حدث في إيلات له علاقة بالعملية نسر التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية في سيناء، فبعد ظهور 10 آلاف مسلح في سيناء، ومحاولة الجيش السيطرة عليهم، طبيعي أن يكون هناك رد فعل، ومحاولة للانتقام من جانبهم، وهذا يتم في المناطق الرخوة والتي لا يوجد بها استنفار عسكري مثل إيلات، فحادث إيلات قد يكون ردا على العملية العسكرية المصرية، الاحتمال الثالث هو أن تكون العملية قامت بها جماعات جهادية فلسطينية في محاولة منها للرد على العمليات التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة. وأكد الدكتور رفعت سيد أحمد أننا أمام احتمالات كثيرة بسبب ظهور تيارات عديدة في المنطقة غير حماس والجهاد، وفي نفس الوقت أشار إلى أن نتائج هذه الأحداث لن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين مصر وإسرائيل، وأن إسرائيل بخبثها ستستغل هذا المناخ وستمهد لنفسها للقيام بعمل عسكري ضد قطاع غزة، وستقوم بضرب المدنيين تحت مبرر حماية الأمن الإسرائيلي، أما بالنسبة لفقدان سيطرة مصر على الأوضاع في سيناء فهذا غير صحيح، لأن مصر مرتبكة فقط، ولكن الجيش المصري لديه القوة التي تمكنه من إحكام قبضته على الأوضاع في سيناء، مؤكدا أن السيناريو الأسوأ لما يحدث هو عدم القضاء على الجماعات المسلحة في سيناء، بسبب الطبيعة الجبلية للمنطقة، وبالتالي لابد من حوار مجتمعي مع بدو سيناء حتى يمارسوا مع الجيش والشرطة فرض السيطرة على المنطقة. وأكد الدكتور رفعت أن إسرائيل لن تدخل في مواجهة عسكرية مع مصر، ولكنها قد تقوم بعمل تفجيرات في مصر وتنسبها لجماعات فلسطينية كمحاولة للوقيعة. أما اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري والاستراتيجي فأكد أننا أما حدث مفتوح ولا نستبعد أي شيء، فقد يكون ما حدث تمهيد لعمل عسكري تقوم به إسرائيل ضد مصر، بحجة السيطرة على الأوضاع في سيناء، وقد تلقى إسرائيل دعما من الولاياتالمتحدةالأمريكية سواء في نوعية الأسلحة المستخدمة، أو من خلال المعلومات العلمية والفنية. وعن إمكانية تحول هذه العمليات إلى مواجهة كاملة مع مصر أكد اللواء مسلم أن هذا يتوقف على مصر، لأن ظروفها الحالية وأوضاعها الداخلية لا تسمح بمواجهة كاملة ضد إسرائيل، كل كل شيء وارد خلال الأيام القادمة، في ظل رغبة إسرائيل في احتلال سيناء، ومحاولة توطين فلسطينيين بها. رغم كل الآراء والتوقعات والاحتمالات، يبق السؤال : هل فعلا دقت طبول الحرب بين مصر وإسرائيل؟