في يوم الخميس 11 أبريل 2013، وكنت حينها لازلت أغطي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ل"بوابة الأهرام"، تم تنظيم مؤتمر صحفي كبير على هامش ملتقى "عرض أولويات القطاع" بحضور المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حينها، وعدد من كبير من كبار المسئولين في القطاع.. بقلم - محمد وطني: تصدر المشهد يومها المهندس ياسر القاضي، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، المعروفة اختصارا ب "إيتيدا"، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحالي، ليكشف النقاب عما وصف حينها بأول تابلت مصري "إينار" من إنتاج شركة بنها للصناعات التكنولوجية. أول تابلت مصري جاء في تفاصيل ما أعلنته وزارة الاتصالات حينها على لسان "القاضي" أن هذا التابلت يعد أول منتج إلكتروني يحمل علامة تجارية مصرية هي "إينار"، وهو اسم معناه بالعربية مشتق من النور، فيما يعني اسم "Einar" في اللغات الإسكندنافية القديمة المقاتل أو قائد المعركة. وقال القاضي إن عملية الحصول على اسم تجاري وماركة مصرية لم تكن عملية سهلة، ولكنه فخور بإطلاق التابلت الذي قام بعرض وحدة منه على الحضور خلال المؤتمر. أوردت حينها في الخبر الذي كتبته ما نصه: "وعلى الرغم من أن القاضي لم يذكر تفاصيل هامة تتيح لنا تقييم التجربة بشكل أفضل، كالمنصة التي يعمل عليها الجهاز "نظام التشغيل"، وتفاصيل مكوناته التقنية، والنواة التي يعتمد عليها "البروسيسور"، وإمكانياته، وسعره؛ إلا أن وجود منتج إلكتروني يحمل علامة تجارية مصرية، هو خطوة جريئة تستحق التقدير، والدراسة، ونواة للتطوير خاصة، وأن سوق توزيع الجهاز اللوحي المشار إليه شبه مضمون لعدة ملايين من الوحدات، لو أخذنا في الاعتبار أن الجهاز سيتم إتاحته لطلبة المدارس، في المبادرة التي تستهدف تحديث المناهج المصرية والتخلص من عبء طباعة الكم الهائل من الكتب المدرسية كل عام". وخلال اللقاء قال المهندس عاطف حلمي، وزير الاتصالات آنذاك إنه سيتم تصنيع نحو 3 ملايين حاسب لوحى خلال العام (2013 -2014) بحجم استثمارات يصل إلى 300 مليون جنيه، والوصول بمراحل الإنتاج إلى 6 ملايين حاسب لوحى بنهاية عام 2017 بتكلفة استثمارية إجمالية تصل الى 1.8 مليار دولار، حيث يتم التصنيع بشركة بنها للصناعات الالكترونية باستخدام تقنيات التركيب السطحي لعدد 10 آلاف حاسب لوحي بتكلفة تصل إلى 10 ملايين جنيه كمشروع استرشادي لخطوط إنتاج الحاسبات اللوحية والمحمولة والتليفون المحمول. بعد ذلك التاريخ بنحو شهرين، وتحديدا في 4 يونيو 2013، أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات، أعلن عن بدء توزيع التابلت المصري "إينار" على طلبة الجامعات المصرية اعتبارا من 25 يونيو الجاري، وبأسعار مناسبة، وذلك في إطار المشروع الاسترشادي الذي يتضمن إنتاج 10 آلاف جهاز حاسب لوحي محلي الصنع كدفعة أولى، وأضافت الوكالة أن هذا الإعلان "جاء خلال زيارة تفقدية التي قام حلمي، والفريق رضا حافظ وزير الإنتاج الحربي والدكتور عادل زايد محافظ القليوبية لخطوط إنتاج جهاز التابلت المصري "إينار" الذي تتولى شركة بنها للصناعات الإلكترونية إنتاجه وهى إحدى شركات الصناعية التابعة للهيئة القومية للإنتاج الحربي..". تضارب.. و"بلوتو" على الطريق!! استمر التضارب في الأنباء رغم الضجة الكبيرة التي أحدثتها خطوة "القاضي" بالكشف عن إينار، حتى جاء يوم 26 سبتمبر 2013 ليفيد خبر نشرته معظم المواقع الإخبارية المصرية، أن "منافسة" اشتعلت بين الهيئة العربية للتصنيع، وشركة بنها للإلكترونيات بعد أن أعلنت الهيئة عن إنتاج تابلت يحمل اسم "بلوتو" بالتعاون مع شركة "إنتل" قبل نهاية عام 2013 الجاري بسعر 1777 جنيهًا، ويعمل بنظام تشغيل (آندرويد) وذاكرة تخزين 16 جيجا بايت ووزن 685 جرامًا، وشاشة بقياس 10 بوصات ليدخل في منافسة شديدة مع الحاسب اللوحي "إينار" من إنتاج بنها للصناعات الإلكترونية. وقال الفريق عبد العزيز سيف الدين، رئيس الهيئة العربية للتصنيع حينها "إن (بلوتو) يعتبر طفرة جديدة للهيئة العربية للتصنيع..". وفي أكتوبر 2013، استغل المهندس عاطف حلمي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري تواجده على رأس وفد مصري للمشاركة في معرض جيتكس للتقنية في الإمارات، ليدشن إطلاق وبدء عملية تصنيع الحاسب اللوحي المصري "بلوتو"، وتراجع الاهتمام ب"إينار". رحيل القاضي.. واندثار "إينار" بعد ذلك بأسابيع، وتحديدا في يناير 2014 ترك ياسر القاضي منصبه في إيتيدا، وترك قطاع الاتصالات الحكومي ليتولى منصب المدير الإقليمي لشركة "إتش بي" لمنطقة أفريقيا والبحر المتوسط والشرق الأوسط، والمدير التنفيذي لها في مصر. وبرحيله عنه القطاع، رويدا رويدا قل الحديث عن حلم إنتاج التابلت المصري الأول "إينار" الذي عرضه القاضي لأول مرة، وصنف واحدا من أهم إنجازات حكومة رئيس الوزراء المصري الأسبق هشام قنديل. لم يمض عامان على رحيل "القاضي" عن إيتيدا حتى أدى اليمين الدستورية وزير للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في 19 سبتمبر 2015، وكأحد الصحفيين المتخصصين انتظرت أن يعيد "القاضي" إحياء مشروع "إينار" أو يخرج للرأي العام ليكشف حقيقة ما حصل، خصوصا وقد أصبح المسئول الأول عن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر. مضى ثلاثة أشهر على أداء "القاضي" اليمين الدستورية، ولم يخرج أحد من الوزارة ليخبر المصريين ما الذي حدث، وعليه يحق لنا التساؤل هل باع "القاضي" و"حلمي" وغيرهما من المسئولين الوهم للمصريين؟!! ليس هذا مجرد تساؤل يبحث عن إجابة في قطاع كنا ننظر إليه باعتباره مرشحا لقطر التنمية في مصر، ولازال مسئولوه يرددون ذلك، بل قد تكون الإجابة - وهي حق للمصريين - كاشفة عن الكثير من خفايا أداء المسئولين الحكوميين عقب يناير 2011، ويونيو 2013، في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر.