أثارت التغريدة الأخيرة للدكتور محمد البرادعى على موقع تويتر حالة من الجدل السياسي .. فالرجل الذى توقف دوره السياسي نهائيا فى أعقاب استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية للشئون الخارجية ردا على فض اعتصامى رابعة والنهضة، نراه قد تحول إلى ما يشبه المنصة الإفتراضية لإطلاق وابل كثيف من التغريدات والمقولات المثيرة التى تكشف كل يوم عن جانب شديد التعقيد فى شخصيته المتناقضة ..فماذا يريد هذا الرجل؟ ولماذا يصر على الهروب من الموقف والتفكير بطريقة متناقضة؟ فقد ذكر البرادعى فى تغريدته أن " حملة فاشية ممنهجة من "مصادر سيادية" وإعلام مستقل ضد الإصرار على إعلاء قيمة الحياة الإنسانية وحتمية التوافق الوطنى .. العنف لا يولد إلا العنف" .. وكانت هذه التغريدة قد فجرت حالة من الغضب فى الوسط السياسي نظرأ لتلميحاته الصريحة لوصف القوات المسلحة والنظام الحالى بالنظام الفاشى ودعوته الفاشلة لعودة الإخوان مرة أخرى للتوافق السياسي ناسيا أن الإخوان هم من رفضوا التوافق منذ البداية . طارق الخولى وكيل مؤسسى حزب شباب 6 إبريل يؤكد ل "بوابة الشباب" فى سياق تحليله لشحصية البرادعى أنه لايشكك مطلقا فى انتماءه الوطنى ولكن ليست لديه القدرة على الموازنة بين الأمور وهو شخص سريع الهروب من المواقف فعندما يواجه الوطن حادث جلل نجده هاربا، أيضا هناك أشخاص معينون يلتفون حوله ويدلونه على تصرفات ومواقف غير سليمة وهو يثق فى استشارتهم .. ومعلوم أن البرادعى كان يعتقد أن الاستقالات سوف تتوالى عندما يقدم هو استقالته ولكنه فوجىء أن الرأى العام كله يقف ضده ويصف موقفه بالتراجع والخيانة للأمانة خاصة وأنه لم يرفض أصلا فض الاعتصام بالقوة ولهذا يعد ذلك نوعا من الغباء السياسي، والآن هو يحاول أن يبرهن للجميع أنه كان على صواب وأن العنف يولد العنف ولكن هذا أيضا غير صحيح بدليل أن العنف يتراجع بشدة الآن والأوضاع الأمنية باتت تحت السيطرة .. أيضا الدكتور البرادعى يجب أن يعلم أن دوره السياسي انتهى تماما بعد هذه السقطة وأنه لم يعد بمقدوره أن يعود الآن تحت أى ظرف من الظروف، ورغم ذلك من خلال تغريداته يحاول أن يبرهن أنه كان على صواب ويحاول الدعوة للتوافق الوطنى ويبدو فى صورة المصلح السياسي وهو أبعد ما يكون عن تحمل المسئولية .. .. ويشعر شباب حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وغيرهم من الشباب الذين عاصروا فترة صعود نجم البرادعى قبل عامين من الثورة بوصفه الأب الروحى للثورة أو "البوب".. يشعرون بالإحباط وبعضهم أيقن أن البرادعى كان مجرد بالون طائر فى الهواء تتقاذفه الأنواء دون أن يكون لهذا البالون ولو قدرة بسيطة على تحمل مسئولية الهبوط أو الصعود .. حيث يحكى لنا الشاب خالد المصرى أحد شباب ثورة 25 يناير وعضو بحركة كفاية أنه لم يكن مصدوما فى موقف البرادعى لأنه كان شخصا صادما منذ بداية ظهوره على المشهد السياسي فكان أول ما دعا لجمع توكيلات شعبية لرحيل مبارك وبدأ يتصدى للنظام ثم تراجع وسافر للخارج ثم عاد مرة أخرى، وبعد الثورة أيضا رفض الترشح للانتخابات الرئاسية وسحب نفسه .. وفى أحداث مجلس الوزراء الشهيرة كان الاعتصام أصلا فى أهم أهدافه أن يأتى البرادعى لرئاسة الوزارة وحدث أن التقاه المشير طنطاوى وعرض عليه الوزارة لكنه رفض متعللا بأنه يطالب بصلاحيات رئيس الجمهورية لكن المشير رفض ورفض البرادعى رغم أنه كانت أمامه فرصة جيدة وهكذا .. أيضا معلوم فى أوساط الشباب الثورى أنه شخص متكبر جدا ومغرور ويفكر بطريقة مختلفة جدا ويشعر أنه يتواجد فى سياق اجتماعى وسياسي يختلف تماما عن السياق الذى عاش فيه طيلة حياته فى أوروبا. لكن الشىء الذى لا نختلف عليه كثيرا أن له ميول أمريكية واضحة بديل اتساق موقفه مما ترتب على 30 يونيو مع موقف الرئيس الأمريكى. وقد دافعت صفحات عديدة تحمل اسم البرادعى على الفيس بوك عن مواقف الراجل منها صفحة ذكرت عدة مؤشرات ومواقف تدلل أن البرادعى شخصية مثالية وأنه كان يرلفض إراقة دماء المصريين .. وتسائل الصفحة " هل نحتاج أن نذكر أن البرادعى هو واضع خارطة الطريق .. هل نحتاج أن نذكر أن البرادعى نادى فى مادة تليفزيونية قبيل 30 يونيو فى الناس لأجل المشاركة فى إزاحة الحكم الفاشي .. هل نحتاج أن نذكر أن البرادعى شارك فى مسيرات ثورة 30 يونيو، هل نحتاج أن نذكر البرادعى وحزب الدستور سخروا كل الإمكانيات الشبابية لخدمة حركة تمرد وفتح مقاراته و تم تسليم عشرات الآلاف من التوقيعات فى مقر حزب الدستور بالاسكندرية فقط" .. وأضافت الصفحة " هل نحتاج أن نذكر أن البرادعى كان مادة للنهش فى شرفه وفى عرضه و فى عقيدته فى الأبواق ما تسمى بالإسلامية و الدينية و على المنابر و الفضائيات التى تدور فى فلكهم، هل نحتاج التذكير أن البرادعى كان اسم يتردد فى اعتصام رابعة عن طريق عرض متواصل من السب و الشتم و الشيطنة و التكفير؟ هل نحتاج أن نذكر بأن البرادعى شارك فى اقناع العالم أن 30 يونيو ليست انقلاب بل ثورة شعبية خرج فيها الملايين و قال " لقد تجاوزنا الحديث مع العالم عن إذا كان ثورة أم انقلاب" ؟ وهل نحتاج إلى التذكير بكلمة محمد حسنين هيكل أن البرادعى رفض الاستفتاء على بقاء مرسى فى الحكم بعد نزول الجماهير الغفيرة فى 30 يونيو و كان موقفه أشد صرامة من الفريق أول عبد الفتاج السيسى نفسه" . هكذا بات موقف الدكتور البرادعى شديد الحرج بفعل تصريحاته وتغريداته التى تبدو دائما خارج السياق الذى تطور كثيرا متجاوزا رؤيته التى تقف عند حدود زمنية سابقة.. وهو الآن يدفع ثمن تراجعه : فقد قررت نقابة المحامين إسقاط عضويته من جداولها وذلك لعدم ممارسته المهنة. صرح بذلك صلاح صالح، عضو مجلس النقابة العامة للمحامين، وذلك بحجة سفره للخارج وعدم ممارسته للمهنة. كما يواجه البرادعى دعاوى قضائية عديدة منظورة الآن أمام القضاء منها دعوى تطالب بمحاكمته بتهمة خيانة الأمانة ودعوى ثانية تطالب بإسقاط الجنسية عنه ودعوى ثالثة طالبت بسحب قلادة النيل منه .