في ذلك المحفل الرائع المعروف بالمؤتمر الوطني السادس للشباب أعجبني اقتراح لممثل شباب الأحزاب يتعلق بتفعيل دور وزارة الثقافة، ويتضمن مخططاً طموحاً لتعميق تأثير المؤسسات الثقافية القومية في القري والنجوع والمناطق المحرومة، والتي دائما ما يلفظها المسئولون بحجة نفاد الميزانيات وضعف الإمكانات، فقد وضع المشروع المقترح يده علي الأسباب الحقيقية لغياب الدور الثقافي، واختفاء التأثير الواجب في شرايين البلاد من شرقها إلي غربها، خاصة في آونة ملحة تتعطش فيها الأذهان لقطرات الثقافة الراقية، كما تتلهف أفواه الظامئين علي جرعة ماء بارد في يوم صيف حار، حيث تمر الأوطان بمحنة تفجر أحقاد الإرهاب، وضغائن الغلو والتطرف في وجوهنا جميعا، وعلي الرغم من أن ذلك الإرهاب الحقود يحاول بث سمومه في شتي الأماكن، ويجتهد في زرع الفتن علي امتداد الوطن، ولا يفرق بين إقليم وآخر، أو قرية أو مدينة، فكل الأمكنة سواء لديه، تقف الثقافة للأسف عاجزة عن مد التأثير إلي شتي المناطق والأنحاء، والحجة جاهزة دائما الميزانيات الضعيفة، والاعتمادات المالية العاجزة، ولا ندري طالما كان الأمر كذلك، فلماذا هذا التسليم والإذعان لأن تلتهم هذه الميزانيات الضعيفة مكافآت المرتزقة وعطايا الطفيليين من المتسولين الذين يتعالي طنين حشودهم كالذباب علي كعكة الثقافة المسكينة المعدة أصلا لإشباع الجموع المتعطشة للخدمات الثقافية، أما المقترح الوجيه الذي قدمه ممثل شباب الأحزاب فيحاول أن يدعم تأثير وزارة الثقافة والمؤسسات القومية التابعة لها، وأن يمد الخدمات الثقافية إلي المناطق المحرومة والأماكن النائية، عبر هيكل تنظيمي جديد، يتضمن وجود وكيل لوزارة الثقافة في كل محافظة، يمنح سلطات تنفيذية واسعة لتفعيل دور قصور وبيوت الثقافة والمنتديات الفكرية الواقعة في نطاق المحافظة، وهو مقترح وجيه يمكن أن يؤدي إذا جري تنفيذه بشفافية إلي تدفق الخدمات الثقافية بشكل سلس في شرايين حياتنا، وذلكم من أفضل الأسلحة الفعالة في مواجهة الإرهاب، ولكن تبقي ضرورة تطهير المجري من الأعشاب السامة، والحشرات المهلكة المتمثلة في متسولي الثقافة ومرتزقتها من أشباه الكتاب وحملة الأقلام المزيفين، فهم عار علي مسيرتنا وخناجر في ظهورنا، تلتهم الميزانيات بدون وجه حق، وتعرقل تدفق الخدمات الثقافية إلي الظامئين في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لَلمسات الثقافة وتأثيرها الأخاذ!