كواليس قرار «السادات» بزيارة إسرائيل خلال سعيه الدائم لتحقيق السلام الشامل والعادل، فكر الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يزور إسرائيل، وتحدث عن استعداده لعقد اتفاق سلام، خاصة بعد أن وجد السادات، أن خيار الحرب لم يعد متاحا، بعد أن وصلت الأسلحة من أمريكا إلي أرض المعركة، وحدوث الثغرة، فواجه الحقيقة وقال إنه لن يستطيع محاربة أمريكا. وفي رومانيا استدعي السادات، وزير الخارجية إسماعيل فهمي، وقال له: "عندي فكرة ربما تبدو غريبة، ولكنني أعتقد أنها ستحرك الموقف الميت الجامد، ما رأيك أن أذهب إلى الإسرائيليين في عقر دارهم، وأعلن شروطنا للسلام"، وذهل فهمي، متسائلا:" تروح فين يا ريس.. إسرائيل! فرد عليه: ولم لا، إحنا منتصرين، ومعندناش عقد، ولن نتنازل عن أي حق عربي، ولكنني أضعهم في موقف محرج أمام العالم كله، ولن يستطيعوا التملص من فكرة السلام"، وتساءل فهمي، عن جدية الأمر والرئيس أكد له جدية حديثه. عاد فهمي، إلى مقره، وكان في انتظاره أسامة الباز، ومحمد البرادعي المستشار بالخارجية، فقال لهما: "تصوروا الراجل عنده فكرة حشاش، وباين إنه واخدها جد"، وروى لهما ما سمعه من الرئيس، مؤكدا رفضه للفكرة تماما، فاقترح الباز، مناقشة الفكرة، وإذا ما تم الانتهاء إلى رفضها يتم تقديم البديل لتحريك الموقف. خلصت المناقشة إلى دعوة الرئيس السادات، لعقد مؤتمر قمة للدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وأطراف المشكلة الملك حسين، وياسر عرفات، وسوريا ولبنان وإسرائيل، على أن يعقد المؤتمر في القدس في مبنى الأممالمتحدة بها وتحت علمها، وإذا رفضت إسرائيل الدعوة فسيكون ذلك إحراجا لها وإسقاطا لدعواتها أمام العالم. عرض فهمي، الاقتراح البديل على السادات، ووافق عليه، وطلب إخطار أمريكا بذلك، وأعد أسامة الباز، خطابا وعرضه على الرئيس الذي أجرى تعديلا في بعض عباراته، ثم توجه السادات، إلى بوخارست حيث قابل السفير الأمريكي، وطلب منه إرسال خطابه إلى الرئيس وقتها كارتر، مع مبعوث خاص. جاء الرد من كارتر، يرجو السادات، بالعدول عن هذه الدعوة، حتى لا تتأثر الجهود التي تبذلها أمريكا لعقد مؤتمر جينيف ولا تشتت كثرة الاقتراحات تركيزه على خط واحد، وطلب منحه فرصة أخرى لاستئناف مؤتمر جينيف وهنا زادت قناعة السادات، بفكرة زيارة إسرائيل. وكان الرئيس السادات، عرض موضوع زيارته للقدس خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، وقال في هذا الاجتماع: لقد حاولنا طول الوقت حل قضيتنا عن طريق وسيط ثالث، وإذا كنت صاحب قضية فلماذا لا أحلها أنا مباشرة؟، أنا مستعد أن ألتقي بهم في أي مكان ولو كان في القدس، ولم يحدد السادات، في الاجتماع توقيتا لهذه الزيارة. وفي خطابه بمجلس الشعب أعلن السادات، استعداده للذهاب إلى العدو في عقر داره، وأن يسافر إلى القدس، وكان ممدوح سالم، رئيس الوزراء وسيد مرعي، رئيس مجلس الشعب، يتصوران أن السادات، يلقي قنبلة سياسية كبالون اختبار لا أكثر ولا أقل، واتصل مرعي ببعض رؤساء تحرير الصحف ورجاهم ألا يبرزوا هذه الفقرة من الخطاب، ولما علم السادات بذلك اتصل بمرعي، وأخبره أن إعلان زيارته للقدس قرار جاد وحقيقي، وليس للمناورة. وحدث نفس الموقف مع سعد زغلول نصار، السكرتير الصحفي للرئيس، حينما اتصل به المراسلون الأجانب يستوضحونه الأمر، فلم يستطع الإجابة على أسئلتهم، واتصل بالرئيس السادات، يسأله ماذا يقول لصحافة العالم، فقال له السادات بكل ثقة: نعم سأزور إسرائيل، هذا خبر حقيقي.