سعر الذهب اليوم السبت 4-5-2024 في مصر.. الآن عيار 21 بالمصنعية بعد الارتفاع الأخير    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    بعد إعلان موعد فتح باب التقديم.. اعرف هتدفع كام للتصالح في مخالفات البناء    وانتصرت إرادة الطلبة، جامعات أمريكية تخضع لمطالب المحتجين الداعمين لفلسطين    حسين هريدي: نتنياهو ينتظر للانتخابات الأمريكية ويراهن على عودة ترامب    حزب الله يستهدف جنود الاحتلال الاسرائيلي داخل موقع بيّاض بليدا    روسيا ترد على اتهامات أمريكا بشأن تورط موسكو في هجمات إلكترونية ضد دول أوروبية    صلاح سليمان يعلن رحيله عن قناة النهار بسبب هجوم إبراهيم سعيد على شيكابالا    مفاجآت بالجملة في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي بكري يكتب : اللحظات الأخيرة في حكم مبارك
نشر في أخبار السيارات يوم 06 - 04 - 2018


مصطفي بكري
‎في الحلقة الثامنة من سيناريو الأحداث من »25 يناير إلي 30 يونيو.. ثورة أم مؤامرة»‬ يتعرض الكاتب الصحفي الزميل مصطفي بكري لوقائع اليوم الأخير في حكم الرئيس مبارك، وتفاصيل قبوله بطلب التخلي عن السلطة. وتكشف أحداث هذه الحلقة عن قبول الرئيس مبارك لمطلب التخلي دون أية تحفظات، خوفًا من تداعي الأحداث في البلاد مما يؤدي إلي الفوضي وانهيار المؤسسات. وتتعرض الحلقة لوقائع ما جري من حوار بين الرئيس مبارك ونائبه عمر سليمان، وكيف قام اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية للقوات المسلحة في هذا الوقت بإيصال فيديو إعلان تخلي الرئيس عن السلطة في 11 فبراير 2011.
‎كان كل شيء ينذر بالمواجهة،‮ ‬قبيل صلاة الجمعة بقليل كان اللواء عمر سليمان يمارس مهامه من داخل القصر الرئاسي،‮ ‬وعندما بدأت طلائع المتظاهرين تزحف نحو القصر،‮ ‬نصحه معاونوه بأن يترك القصر علي الفور؛ خوفًا من حدوث تطورات‮ ‬غير محسوبة قد تؤدي إلي اقتحام القصر الرئاسي‮.‬ خرج اللواء عمر سليمان بسيارته واتجه إلي مقر الحرس الجمهوري،‮ ‬حيث أدي الصلاة هناك،‮ ‬وكان معه الفريق أحمد شفيق وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية واللواء نجيب عبدالسلام،‮ ‬قائد الحرس الجمهوري،‮ ‬ود. زكريا عزمي،‮ ‬وبعد قليل حضر إليهم علاء مبارك فنصحه اللواء عمر سليمان بأن يصطحب والدته وشقيقه جمال وبقية الأسرة ويلحقوا بالرئيس مبارك الذي كان قد‮ ‬غادر منذ قليل بطائرة هليكوبتر من القصر الرئاسي إلي مطار ألماظة ومنه إلي شرم الشيخ،‮ ‬وبصحبته صهره منير ثابت‮.‬ اقتنع علاء مبارك بنصيحة اللواء عمر سليمان،‮ ‬وبالفعل اصطحب زوجته ونجله عمر وغادروا في طائرة خاصة إلي شرم الشيخ،‮ ‬بينما أصرت السيدة سوزان مبارك ونجلها جمال علي البقاء في منزل الأسرة الواقع في مواجهة القصر الرئاسي بالاتحادية‮.‬ في الواحدة والنصف ظهرًا اتصل اللواء عمر سليمان بالمشير طنطاوي،‮ ‬وأبلغه أنه قادم إليه هو والفريق شفيق لدراسة آخر التطورات والأوضاع التي تشهدها البلاد‮.‬
مبارك في شرم
في هذا الوقت كان الرئيس مبارك قد وصل إلي شرم الشيخ وبصحبته مجموعة محدودة من رجال الحرس والسكرتارية وطبيبه الخاص وطباخه المسئول. اتجه الرئيس علي الفور إلي مقر إقامته،‮ ‬فرض الحرس الجمهوري إجراءات أمنية مشددة حول المكان،‮ ‬يبدو أن مبارك كان مطمئنًا إلي أن الأمور ستدخل مرحلة الاستقرار بعد أن نقل كامل اختصاصاته إلي اللواء عمر سليمان‮.‬ كانت الأجواء في القاهرة والسويس والإسكندرية والعديد من المحافظات الأخري تنبئ بموقف مختلف،‮ ‬حشود جماهيرية كبيرة تطالب الرئيس بالرحيل وترفض تفويض اللواء عمر سليمان،‮ ‬وتتدفق في الشوارع بلا حدود‮.‬ في مبني وزارة الدفاع،‮ ‬كان اللقاء،‮ ‬لقد اجتمع‮: ‬اللواء عمر سليمان نائب الرئيس والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء والمشير طنطاوي وزير الدفاع،‮ ‬لبحث كيفية مواجهة الموقف الراهن وتداعياته المتوقعة‮.‬ تحدث اللواء عمر سليمان عن توقعاته للتطورات المقبلة،‮ ‬قال إن الرئيس سافر إلي شرم الشيخ،‮ ‬ولكن هناك إصرارًا من بعض القوي،‮ ‬خاصة جماعة الإخوان،‮ ‬علي إسقاط النظام نهائيًا.
تحذير من الفوضي
‮ ‬وحذر من خطورة الفوضي العارمة التي يمكن أن تشهدها البلاد حال اقتحام القصر الجمهوري. وأكد المشير طنطاوي أنه أصدر تعليماته إلي الحرس الجمهوري بعدم التصدي للمتظاهرين أو استخدام العنف ضدهم،‮ ‬إلا أنه شارك اللواء عمر سليمان في أن الأوضاع لا تزال علي خطورتها،‮ ‬وأن الساعات المقبلة قد تشهد المزيد من التصعيد‮.‬ وقال اللواء عمر سليمان‮: »‬‬هناك قوي لا تريد انتقالاً‮ ‬سلميًا للسلطة في إطار النظام،‮ ‬وهؤلاء صوتهم عالٍ،‮ ‬والجماهير محتقنة وليس لديها ثقة في أحد،‮ ‬لقد كانت مطالبهم في البداية محدودة،‮ ‬ولكن بسبب تباطؤ الرئيس في اتخاذ القرارات ورضوخه لمواقف بعض المقربين منه،‮ ‬ارتفع سقف المطالب حتي وصل إلي نقل الاختصاصات إلي نائب الرئيس،‮ ‬ولكن التأخر في القرار جعل الناس لا تثق في شيء،‮ ‬ولذلك يطالبون برحيله عن الحكم نهائيًا‮».‬ قال الفريق أحمد شفيق‮: »‬‬وفيها إيه‮.. ‬ما يرحل‮.. ‬المهم البلد،‮ ‬أنا أقترح إنك تكلمه وتقنعه،‮ ‬وأنا علي ثقة أن الرئيس عندما يعرف حقيقة الوضع سوف يستجيب علي الفور‮».‬ نظر اللواء عمر سليمان إلي المشير وقال له‮: »‬‬إيه رأيك يا سيادة المشير؟‮».. ‬رد عليه‮: »‬‬أنا مع هذا الاقتراح،‮ ‬نحن نريد حسم الأمر وإنهاءه،‮ ‬وهذا لن يتم إلا برحيل الرئيس،‮ ‬ولكن أنا أعرف أنه عنيد وقد لا‮ ‬يقبل»‮!! هنا تساءل اللواء عمر سليمان‮: »‬‬وماذا سنقول له؟ وكيف سنبلغه؟‮». قال الفريق شفيق‮: ‬أقترح أن تقوم أنت يا سيادة النائب بإبلاغه،‮ ‬أنت الأقرب إليه،‮ ‬وهو يثق فيك ثقة كبيرة،‮ ‬وعندما تشرح له ما يجري حتمًا سيأخذ بنصيحتك‮.
الخيار الوحيد
قال اللواء عمر سليمان‮: ‬أنا سأتحدث معه وأطرح عليه الصورة كاملة،‮ ‬ولكن علينا أن نجد مخرجًا دستوريًا للبديل الذي سيتولي السلطة في البلاد‮. في هذا الوقت تم أخذ رأي أحد المتخصصين في القانون والدستور فكانت الإجابة‮: ‬الخيار الوحيد والمقبول في هذا الوقت هو أن يتسلم المجلس الأعلي للقوات المسلحة مهام السلطة في البلاد بقرار من الرئيس واستنادًا إلي الشرعية الثورية‮. كان المشير طنطاوي يبدو مترددًا،‮ ‬وبعد مناقشات قصيرة وافق علي أن يتسلم المجلس العسكري السلطة من الرئيس،‮ ‬خاصة أن عمر سليمان قال له‮: ‬ليس أمامنا من خيار‮.. ‬اتفق الحاضرون بعد أن يصلوا إلي اتفاق مع الرئيس أن يجلسوا لطرح رؤيتهم للفترة المقبلة‮.‬ أمسك اللواء عمر سليمان بالهاتف الأرضي،‮ ‬اتصل بقصر الرئاسة،‮ ‬طلب منه توصيله علي الفور بالرئيس مبارك في شرم الشيخ،‮ ‬كان علي الجانب الآخر اللواء حسين محمد من سكرتارية الرئيس،‮ ‬والذي سافر معه إلي شرم الشيخ،‮ ‬وكانت المكالمة التاريخية‮. ‬كتم الحاضرون أنفاسهم،‮ ‬تركزت العيون علي اللواء عمر سليمان وهو يمسك الهاتف في انتظار مكالمة رئيس الجمهورية الذي ‬غادر لتوه إلي شرم الشيخ‮.. ‬كان المشير طنطاوي يشعر بعبء الأزمة ومخاطرها،‮ ‬كانت الجماهير مستمرة في زحفها باتجاه القصر الجمهوري،‮ ‬والحرس الجمهوري في حيرة من أمره،‮ ‬ومخاوف اقتحام القصر الجمهوري تتصاعد،‮ ‬إلا أن تعليمات قائد الحرس اللواء نجيب عبدالسلام كانت واضحة لا صدام مع المتظاهرين‮.‬
صعوبة الموقف
بعد قليل بدأ النائب عمر سليمان حديثه مع الرئيس مبارك،‮ ‬شرح له الأوضاع وخطورتها،‮ ‬قال له‮: »‬إن الموقف الأمني يزداد صعوبة،‮ ‬ولابد من البحث عن حل خوفًا من تردي الأوضاع وحدوث انفلات وفوضي عارمة‮».‬ كان مبارك يظن أن قرار نقل اختصاصاته لنائبه،‮ ‬يمكن أن‮ ‬يهدئ الأجواء،‮ ‬ويدفع المتظاهرين إلي العودة لمساكنهم،‮ ‬بدا الرئيس مندهشًا،‮ ‬بادر علي الفور بالقول‮: ‬وما الذي يمكن أن أقدمه؟ لقد تركت القاهرة وجئت إلي شرم الشيخ،‮ ‬لم تعد لي أي سلطة،‮ ‬السلطة انتقلت إليك‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬ولكن الأوضاع تزداد تدهورًا يا ريس‮.. ‬لازم نشوف حل‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬فيه إيه تاني؟‮!‬ - عمر سليمان‮: ‬لأ الوضع صعب جدًا‮!!‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬أنا قدمت كل ما عندي وفوَّضتك في كل المسئوليات،‮ ‬اتصرف انت،‮ ‬البركة فيك‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬الناس رافضة التفويض ياريس‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬ليه‮.. ‬عاوزين إيه؟ أنا تركت كل حاجة وجيت علي شرم الشيخ،‮ ‬إيه المطلوب مني أكتر من كده؟ - قال عمر سليمان‮: ‬الناس موش مقتنعة،‮ ‬وبتقول إن دي تمثيلية‮!!‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬تمثيلية إزاي يا عمر؟ بالذمة ده كلام،‮ ‬أنا موش عاوز حاجة،‮ ‬أنا خلاص حرتاح من المسئولية والحكم ومشاكله‮.. ‬اتصرف انت‮!!‬ - قال عمر سليمان‮: ‬أتصرف إزاي يا ريس،‮ ‬المتظاهرين بيرفضوا أي قرار،‮ ‬وغير مقتنعين بأي كلام‮.. ‬افتح التليفزيون يا ريس‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬فيه إيه في التليفزيون؟ - قال عمر سليمان‮: ‬الجماهير تزحف إلي القصر الجمهوري وتحاصره‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬طب والباقيين رأيهم إيه؟‮!‬ - قال عمر سليمان‮: ‬هذا ليس رأيي وحدي،‮ ‬هذا رأي جماعي،‮ ‬أنا موجود وإلي جواري الفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوي،‮ ‬كلنا متفقين علي هذا القرار‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬طيب،‮ ‬إذا كان مفيش‮ ‬غير كده،‮ ‬ابعت لي التليفزيون،‮ ‬واكتب الصيغة علشان أقولها في خطاب قصير للناس‮.‬
الخروج من الأزمة
قال عمر سليمان‮: ‬مفيش وقت يا ريس‮.. ‬إزاي أبعت التليفزيون لشرم الشيخ ونظل منتظرين،‮ ‬الأوضاع في البلاد تتفاقم،‮ ‬وأنا خايف أحسن البلد تدخل في بحور من الدم،‮ ‬أرجوك ياريس عاوزين نخلص‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬انت عارف يا عمر أنا ولا عاوز موت ولا عاوز دم،‮ ‬أنا سبت كل حاجة وجيت شرم الشيخ موش عاوز حاجة،‮ ‬بس قولي انت وضعك حيكون إيه بعد التنحي؟‮!‬ - قال عمر سليمان‮: ‬أنا لا يهمني حيكون وضعي إيه،‮ ‬المهم ننقذ البلد وبأقصي سرعة‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬طيب شوفوا الصيغة المطلوبة وقول لي،‮ ‬وخلي بالك لازم تدرسوها من الناحية الدستورية كويس،‮ ‬حتي ‬لا تقعوا في حيص بيص‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬احنا حندرس الموقف من الناحية الدستورية وحكلمك‮.‬ ‮- قال ‬الرئيس‮: ‬وأنا في الانتظار‮.‬ أبلغ‮ ‬اللواء عمر سليمان الحاضرين بتفاصيل ردود الرئيس التي كانوا يتابعونها بالقرب منه،‮ ‬قال لهم‮: ‬الرئيس لم يعترض علي شيء،‮ ‬الراجل خايف علي البلد وكان متجاوب برغم قسوتي عليه. وكان الرأي الدستوري الذي استقر عليه الثلاثة الكبار يقول‮: ‬لا خيار سوي تنازل الرئيس عن السلطة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة استنادًا إلي مبدأ الشرعية الثورية،‮ ‬فهذا وحده الذي يمكن أن يمثل مخرجًا للأزمة،‮ ‬والمجلس الأعلي سوف يتولي بصفته الهيئة التأسيسية مهام السلطة التشريعية والتنفيذية في البلاد لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت لاحق،‮ ‬وكان مبارك مع هذا الاتجاه منذ البداية‮.‬
قرار التخلي
كانت الصيغة التي جري الاتفاق عليها تقول‮: »‬‬أيها المواطنون،‮ ‬في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد،‮ ‬قرر الرئيس محمد حسني مبارك تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية،‮ ‬وكلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد،‮ ‬والله الموفق والمستعان‮».‬ بعدها علي الفور أعاد عمر سليمان الاتصال مجددًا بالرئيس مبارك،‮ ‬وقال له‮: ‬لقد أعددنا الصيغة وهي‮ ‬تتضمن تكليف المجلس الأعلي ‬للقوات المسلحة كما طلبت‮.‬ قال مبارك لعمر سليمان‮: ‬وهذا هو المطلوب،‮ ‬ولكن أرجو استبدال كلمة‮ »‬‬تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية‮» ‬كما ورد في البيان إلي »‬‬تخليه عن منصب رئيس الجمهورية‮». طلب مبارك من عمر سليمان ألا يذيع هذا البيان إلا بعد مغادرة سوزان مبارك ونجله جمال المقر الرئاسي إلي شرم الشيخ؛ حتي لا يتعرضا لأية مشاكل. ‬وافق عمر سليمان علي ذلك وطلب من الرئيس أن يجري اتصالاته بهما لإقناعهما بالمغادرة فورًا‮.‬
خلوا بالكم من البلد
قبيل أن ينهي عمر سليمان المكالمة سأل الرئيس،‮ ‬عما إذا كانت له أية طلبات أخري؟‮!‬ ‮ ‬- فقال مبارك‮: ‬لا أريد شيئًا،‮ ‬فقط خلوا بالكم من البلد‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬ألا تفكر في السفر أنت والعائلة إلي الخارج؟ ‮- قال مبارك‮: ‬واسافر بره ليه؟ أنا حقعد في شرم الشيخ ولن أغادر مصر إلا للضرورة،‮ ‬ولكن لأعود مرة أخري،‮ ‬وليس في جدولي الآن مغادرة البلاد‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬نعطيك فترة أسبوع للتفكير‮.‬ - قال مبارك‮: ‬ولا أسبوع ولا‮ ‬غيره،‮ ‬أنا باقٍ‮ ‬في مصر‮.‬ - قال عمر سليمان‮: ‬طيب ما رأيك في أن تكون لك حصانة قضائية؟ لا أحد يعرف إلي أين يمكن أن تمضي الأمور‮.‬ ‮- ‬قال مبارك‮: ‬حصانة قضائية،‮ ‬ليه،‮ ‬هوه أنا عملت حاجة؟ أنا ستين سنة وأنا بخدم مصر،‮ ‬أنا موش عاوز أي حصانة،‮ ‬لو كان هناك حاجة‮ ‬غلط عملتها،‮ ‬أنا مستعد للمحاسبة‮.. ‬أنا لو قبلت بالحصانة معني ذلك إن هناك شيء عاوز أتستر عليه‮.‬ عدل عمر سليمان صيغة البيان كما طلب مبارك،‮ ‬استدعي الفريق سامي عنان اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لتجهيز كاميرات التصوير،‮ ‬لقد جري الاتفاق علي أن يقوم اللواء سليمان بإلقاء البيان بنفسه،‮ ‬حتي يتأكد الناس أن ما جري لم يكن انقلابًا عسكريًا،‮ ‬وإنما كان قرارًا توافقيًا،‮ ‬بدليل أن نائب الرئيس هو الذي يلقي البيان،‮ ‬كما تم الاتفاق علي أن يجري تسجيل البيان داخل مبني وزارة الدفاع،‮ ‬وأن يقوم اللواء إسماعيل عتمان بتوصيل شريط الفيديو إلي مبني التليفزيون ومتابعة إذاعته في السادسة مساء‮.‬ لقد جري التسجيل في الساعة الرابعة من بعد عصر الحادي عشر من فبراير،‮ ‬ثم تسلَّم اللواء إسماعيل عتمان شريط الفيديو ومضي ومعه سائقه إلي مبني التليفزيون علي كورنيش النيل لإذاعته في الوقت المحدد‮.‬
مهمة خطيرة
قبيل أن يغادر هو وسائقه،‮ ‬قال له الفريق سامي عنان‮: »‬‬انت الآن في مهمة خطيرة،‮ ‬يتحدد في ضوئها مستقبل البلاد،‮ ‬ابذل كل جهدك وحافظ علي السرية الكاملة،‮ ‬وأتمني أن تكون جاهزًا قبل السادسة مساء،‮ ‬ولا تذع شريط الفيديو إلا بعد أن أتصل بك‮». ‬كان كل شيء قد اكتمل،‮ ‬قبل التسجيل بقليل جري الاتفاق بين الثلاثة الكبار علي تشكيل مجلس رئاسي يدير شئون الحكم كهيئة تنفيذية إلي جانب المجلس العسكري. في هذا الوقت أجري اللواء عمر سليمان اتصالات متعددة بجمال مبارك،‮ ‬طلب منه خلالها اصطحاب والدته والمغادرة إلي شرم الشيخ للحاق بوالده،‮ و‬لم يبلغه حتي هذا الوقت بقرار الرئيس مبارك بالتخلي عن السلطة،‮ ‬كما أن مبارك تعمد عدم إبلاغ‮ ‬نجله أو زوجته وإنما طلب منهما ضرورة الحضور سريعًا إلي شرم الشيخ‮.‬ لقد ظل عمر سليمان يلحُّ‮ ‬علي جمال مبارك مرات عديدة،‮ ‬إلا أن نجل الرئيس كان يبلغه في كل مرة أن والدته ترفض المغادرة وتقول‮: »‬‬لن أترك بيتي».‬ وفي نحو الخامسة إلا الربع أبلغ‮ ‬جمال مبارك اللواء عمر سليمان بأنه سيغادر هو ووالدته بعد قليل إلي شرم الشيخ‮.‬ كانت الحشود الجماهيرية قد تزايدت في الشارع الذي يفصل بين قصر الاتحادية ومقر الرئيس،‮ ‬شعر جمال مبارك بالخطر،‮ ‬إلا أن والدته ظلت علي رأيها،‮ ‬وفي الخامسة مساء اضطرت سوزان مبارك إلي مغادرة المقر الرئاسي في الخامسة وعشر دقائق متجهة إلي شرم الشيخ‮ مع نجلها جمال.

»‬إذاعة البيان»
وصل اللواء إسماعيل عتمان إلي ميدان عبدالمنعم رياض القريب من مبني التليفزيون،‮ ‬كانت الحشود‮ ‬غفيرة أمام مبني ماسبيرو،‮ ‬وضع الشريط داخل‮ »‬الزنط‮»،‮ ‬شاهده المتظاهرون،‮ ‬حملوه علي الأكتاف،‮ ‬دخل إلي مبني التليفزيون،‮ ‬التقي عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار،‮ ‬أبلغه أن هناك شريط فيديو مطلوب إذاعته،‮ ‬لم يفصح له عن مضمون الشريط،‮ ‬ظل إلي جواره في انتظار مكالمة الفريق سامي عنان‮.‬ قبيل السادسة مساء بقليل،‮ ‬دقَّ‮ ‬جرس الموبايل،‮ ‬وكان علي الجانب الآخر الفريق سامي عنان،‮ ‬قال له بلهجة قوية‮: »‬‬في السادسة مساء بالضبط عليك أن تذيع شريط الفيديو،‮ ‬أليس كل شيء تمام‮».‬ ‬ردَّ‮ ‬اللواء إسماعيل عتمان‮: ‬نعم كل شيء تمام‮ ‬يا افندم‮.‬ وفي السادسة مساء كان اللواء عمر سليمان،‮ ‬يطل من شاشة التليفزيون المصري،‮ ‬ليقرأ بيان تخلي الرئيس عن السلطة،‮ ‬انفجر الناس بالهتاف‮ »‬‬الجيش والشعب إيد واحدة»،‮ ‬اختلطت الدموع بالفرحة،‮ ‬عمَّت الاحتفالات أنحاء الوطن،‮ ‬نسي الناس كل شيء،‮ ‬ولم يفكر أحد منهم ماذا تخبئ الأقدار‮؟ ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.