كتاب "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب" اعتمد على عشر قواعد أصولية وثلاثة عشر نصا من القرآن والأحاديث ليثبت أن النقاب حرام شرعا لأنه تشبه بزوجات النبى واتهام للشريعة بالتقصير إنه مفكر فذ.. وإنه كتاب بالغ الأهمية..! المفكر هو الدكتور إسماعيل منصور.. دكتوراة فى الطب الشرعى والسموم.. ليسانس الآداب من جامعة القاهرة.. ماجستير الفلسفة الإسلامية من جامعة القاهرة.. دكتوراة فى القانون.. عمل فى حقل الدعوة عقودا طويلة.. له مؤلفات علمية وإسلامية.. أما الكتاب فبعنوان "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب".. وهو بحث علمى مستفيض وفق القواعد المستمدة من علمى الأصول والحديث.. احتوى عشر قواعد أصولية، وثلاثة عشر نصا من القرآن والحديث.. وخلص إلى هذا الرأى بالغ الأهمية وهو أن: النقاب حرام! ولا أدرى - والله - والكتاب طبعته الأولى عام 0991 لماذا لم يحظ بالشهرة، ولم لم يدر حوله أكبر قدر من الحوار؟! وإليك - عزيزى القارئ - بعضا من خلاصة الخلاصة لهذا الكتاب. والمناسبة كما لابد أن الجميع يعلم هذه الضجة المثارة حول موقف فضيلة "شيخ الأزهر" من إحدى المنتقبات الصغيرات، ورفض فضيلته للنقاب فى قاعات الدرس للبنات مع وجود مدرسة.. وآمل بعد قراءة هذا التلخيص أن يكون شعارنا هو: رفض "النقاب" فى كل الأماكن: فى الشارع والمعهد والعمل، لأنه فضلا عن مخالفته للشرع فهو مخالف للقانون! "نشأ حول النقاب وعلاقته بالدين خلاف كبير: 1- غلا فيه قوم حتى رأوه الواجب المطلوب من قبل الشرع على وجه الحتم والإلزام. 2- اكتفى قوم آخرون باعتقاد أنه الثوب الذى يطلب لأفضليته دون وجوب أو إلزام. 3- اتجاه ثالث قال أن النقاب ليس واجبا، ولكنه من المباح المستحب عند الفتنة (أى عندما تكون المرأة جميلة). وهذا الاختلاف فى الآراء من "الوجوب" إلى "الندب" إلى "الإباحة" دليل على أن النصوص الشرعية الثابتة لم تقطع بنص واحد بعينه من تلك الاتجاهات الثلاثة - الأمر الذى يجعلها كلها محاولات "اجتهادية" لاتزعم إحداها أنها الحق، وأن ما سواها باطل.. ومن حيث إنها آراء ظنية وليست أحكاما قطعية، فيجوز فيها النظر، كما هو مقرر فى علم أصول الفقه.. وهذا يطمئن أى مجتهد يحاول أن يصل إلى اجتهاد جديد: إننا إذا نظرنا فى كتاب الله - عز وجل - ورجعنا إلى السنة النبوية، وإلى التاريخ الإسلامى وأفعال الصحابة - رضى الله عنهم- يتبين لنا أن "تغطية الوجه"، وقد سمى فى القرآن ب "الحجاب" كان أمرا خاصا بزوجات النبى - عليه الصلاة والسلام - وحدهن، لايشاركهن فيه أحد. فلهن خصوصيتهن ولهن تشريعهن، وذلك بما يلى: 1- أعلن القرآن أنهن لسن كأحد من النساء، وأمرهن وحدهن بالقرار فى بيوتهن فقال تعالى: "يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن فى بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى" (الأحزاب 23، 33). 2- أطلق القرآن عليهن "أمهات المؤمنين"، فقال تعالى: "النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" (الأحزاب: 6). 3- أمر القرآن الصحابة إذا سألوا نساء النبى شيئا فليكن ذلك من وراء حجاب فلايبصر بعضهم بعضا (وليس كذلك بقية نساء المسلمين) فقال تعالى: "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" (الأحزاب: 35). 4- حرم القرآن زواج المسلمين بهن من بعد رسول الله، فقال تعالى: "وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما" (الأحزاب: 35) هذا عن "القرآن الكريم"، فإذا تحولنا إلى السيرة النبوية، وأفعال الصحابة نجد: 1- أن أمهات المؤمنين كان لهن ستر مضروب فى البيت، بحيث يسمعن ما يطلب القوم منهن، من غير مواجهة ولا استئناس فى المخاطبة، وهو خاص بهن، كذلك ما عرف عنهن من تغطية الوجه عند الخروج (بالنقاب) دون غيرهن من سائر النساء فى عهد النبى وعهد الخلفاء من بعده، ويؤكد ذلك هذه الرواية التى رواها "البخارى" و»مسلم": عن أنس "رضى الله عنه" - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما اصطفى لنفسه من سَبْى "خيبر" "صفية بنت حُيىَ" فقال الصحابة: ما ندرى أتزوجها أم اتخذها أُمْ ولد؟ فقالوا: إن يحجبها فهى امرأته، وإن لم يحجبها فهى أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، فعرفوا أنه تزوجها".أ.ه. 2- وثمة دليل آخر على عدم محاكاة نساء الصحابة لأمهات المؤمنين فى "التنقب" باعتباره خصوصية لهن، لعلو منزلتهن وارتفاع درجتهن: روى "الطبرانى" عن "قيس بن حازم": "دخلنا على أبى بكر" - رضى الله عنه - فى مرضه، فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه، وهى "أسماء بنت عميس" (زوجة أبى بكر)، أى أن الراوى أبصر وجه زوجة "أبى بكر" وأبصر يديها؛ فعلم أنها بيضاء موشومة اليدين، وأنها "أسماء بنت عميس".. فتعلم أن "أبابكر" لم ينقب زوجته، ولم يجعلها تغطى يديها فى حضرة الرجال. وبديهى أنه لو كان "النقاب" أو "القفاز" فضيلة لكان "الصديق" سباقا إليهما، فهل ثمة فى أيامنا من هو أفضل وأورع من "أبى بكر"؟ "النقاب" - يا نساء عصرنا - هو تكلف محض. والتكلف هو تجشم الشىء على مشقة وعلى خلاف العادة. فهو يخالف العادة التى اعتادها الصحابة أنفسهم، إذ تركوا أمر النقاب "لأمهات المؤمنين" وحدهن.. ولقد نهى المولى - سبحانه - رسوله الكريم عن التكلف: "وقل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين" (ص: 68). والآن هذا سؤال مهم للغاية، أسأله على مسمع من المنقبات، وأرجو أن يتدبرن جوابه: "هل يكفى ما شرعه الله لعموم النساء من أحكام - دون تكلف - لإيصالهن إلى منزلة "الفردوس الأعلى" وهى أعلى منازل الجنة؟ - والجواب هو: نعم يكفى.. وسؤال آخر: ماذا لو رأت امرأة أن نوال هذه الدرجة لا يكون فى مسألة وجه المرأة - إلا باستعارة حكم خاص هو لزوجات النبى؟ الجواب: إنها فى هذه الحالة ستكون قد اقترفت هذه الآثام. 1- قد اتهمت التشريع بالتقصير فى حقها؛ لأنه لم يجعل لها - أصلا - ما يوصلها إلى تلك المنزلة، فاستعارته واتخذته تشريعا لها باختيارها.. ولو أسلمت الأمر لدينها الذى هدى الخلائق جميعها إلى ما يصلحها لاستراح ضميرها، وسكنت نفسها. 2- ثم إن هذا الفعل لايخلو من "تزكية نفس" لأنه يوحى للمنقبة بأنها من الصفوة وليست من عموم المسلمات اللائى اكتفين بمنزلة تراها أقل من ذلك، وهى ليست أقل - كما علمنا - لأن الله تعالى لايشرع إلا الكمال؛ فيدخل بذلك عليها الوهم الذى يفتح أبواب الكبر والعجب وغيرهما من المهلكات، فتحسب نفسها أشرف وأفضل؛ وأن الله راض عنها وغاضب على الباقيات، وقد يجرها هذا إلى البغض عليهن! 3- ثم هذا الفعل يحمل معنى التقليل من قدر أمهات المؤمنين بإسقاط معنى الخصوصية التى لهن، ومنزلتهن ليست كمنازل العموم، ولادرجاتهن كدرجات سائر النساء، فلزم استقلال كل بدرجته، واكتفاء كل بمنزلته. ثم قد فتحت "المنقبة" أبوابا تستجلب الضرر للمسلمين، إذ يمكن أن: - يخفى هذا الغطاء بعض المجرمين والهاربين من القصاص، الذين يستترون به حتى يتموا أغراضهم فى غفلة من الرأى العام.. ويستر رجالا يدخلون بيوتا على أنهم من النساء - لمظهرهم - فيؤمن جانبهم، بينما هم يأتون الفاحشة فى هذه البيوت.. ويؤوى بعض اللصوص فى المواصلات العامة فتكثر الجريمة.. ويزيد امكانات الراغبات فى الانحراف فيمكن لنساء منحرفات أن يسرن مع غير أزواجهن ويسافرن معهم دون خوف كشف أمرهن". أيها السادة، لقد سألوا الشيخ "الشعراوى" يوما عن رأيه فى النقاب فقال: "لا مفروض، ولا مرفوض"، وأنا بعدما تقدم أقول رأيى فيه وهو: "لا مفروض.. ومرفوض" والله أعلم.