نقيب المحامين يطالب أعضاء النقابة بالالتزام بقرارات المجلس حول «الرسوم القضائية»    فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعي 2025/ 2026    «حماة الوطن» يكشف تفاصيل استعدادات الحزب لانتخابات الشيوخ: لدينا كوادر قادرة على المنافسة بقوة    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    «مال سايب ملوش صاحب».. ساويرس: نُنادي بإنهاء أسطورة القطاع العام لأنه لا لازمة له    سعر الدولار اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 في البنوك بعد انخفاض العملة الخضراء    مدبولي: زيارة رئيس وزراء صربيا تمثل نقطة انطلاق جديدة لتعزيز شراكتنا الثنائية    «مشاركة زيزو خطأ».. أحمد بلال يحذر لاعبي الأهلي قبل مباراة بالميراس    «الكلام مش جد».. طارق مصطفى يكشف سبب عدم تدريبه الزمالك    ضبط تشكيل عصابى تخصص فى سرقة الدراجات النارية ببنى سويف    مصرع عامل إثر سقوطه من برج سكنى بالمنيا    2000 جنيه للمصري و125 دولار للأجنبي، الثقافة تحدد أسعار ترخيص وعرض نسخ الأفلام والمسرحيات    «غنوة الليل والسكين» و«المدسوس» في ختام الموسم المسرحي للثقافة بجنوب الصعيد    بعد مطالبات سحب الجنسية.. يسري نصر الله يدعم هند صبري: «حبها للمصريين صعب حد يشكك فيه»    محافظ قنا: إجراءات شاملة لضبط النمو السكاني وتعزيز جهود التنمية المستدامة    بمكونات بسيطة.. طريقة عمل آيس كريم البستاشيو في المنزل    «طب القصر العيني» تستقبل سفير الكونغو الديمقراطية في مصر لتعزيز التعاون الأكاديمي    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    "أنا مصمم".. وصلة غناء من مرموش للاعبي مانشستر سيتي قبل مونديال الأندية (فيديو)    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    مشاورات مصرية هولندية بلاهاي تبحث الاستثمار والتعاون الإقليمي    سلطنة عُمان تشهد نشاطًا دبلوماسيًّا مكثفًا لوقف التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل    الرئيس الإسرائيلي يعلّق على فكرة اغتيال خامنئي: القرار بيد السلطة التنفيذية    النواب يوافق نهائيا على الموازنة العامة 2025l2026 بإجمالى 6.7تريليون جنيه    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    نور عمرو دياب تثير الجدل بتصريحاتها الأخيرة: "أنا بنت شيرين رضا" (فيديو)    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء    تخصيص بالأسبقية.. مواعيد الحجز الإلكتروني لشقق صبا بأرقام العمارات    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع المنيا إلى 509 آلاف طن    ضربة قوية لمنتخب السعودية قبل مباراة أمريكا بالكأس الذهبية    ماذا يحدث لجسمك عند التعرض لأشعة الشمس وقت الذروة؟    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    الداخلية تضبط منادى سيارات "بدون ترخيص" بالقاهرة    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    أستاذ هندسة بترول: هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها من إيران أو إسرائيل    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور «الأزهر» أكثر تشدداً من دستور «الإخوان»!

بين الأمس واليوم ساعات قليلة.. لكنها - بحسابات السياسة - ترسم ملامح سنوات مقبلة، لم تكن قد بدت قسماتها جيدا لوقت قريب.. إذ بدا الجميع وكأنه يهرول خلف الكل.. فقبل يومين شهدت ساحة ميدان التحرير إعادة طرح مشروع دستور إسلامى كان قد أصدره الأزهر نهاية السبعينيات.. وهو ما دفعنا لتتبع التجارب المشابهة.
لكن أيا كانت النتائج.. فالمجهول لابد أن يصير معلوما.. والمغمور لابد أن يصبح مرئيا.. وما فشلنا فى الوصول إليه عبر معادلات الرياضيات، لابد ألا تسقطه من ذاكرتنا لغة الاحتمالات!
فالساحة السياسية الآن - سواء ما كان منها فى التحرير أو خارجه - متخمة بالأحداث.. تمتلئ، يوما وراء يوم بالمفاجآت.. ويضع نفسه على أجندتها، شيئا فشيئا، ما لم يكن مطروحا من قبل.. لكن بين هذا وذاك، تبقى الفكرة هى البطل، الذى لابد ألا تفقده أعيننا أثناء المشاهدة. فمنذ 60 عاما تقريبا.. وفى أعقاب ثورة يوليو .1952 كان أن طرحت جماعة «الإخوان» أول مشاريعها الدستورية الموصوفة بالإسلامية، إذ كانت قد استشعرت - آنذاك - أنها باتت قريبة من السلطة، وأنها فى أقل تقدير، سوف تكون شريكا بها بعد أن ربطتها صلات بعدد من رجال مجلس قيادة الثورة.
علي جريشة
لكن يمكننا القول إن هذا الدستور الذى أقرته الهيئة التأسيسية للجماعة فى 16 سبتمبر 1952 كان «النواة» التى خرجت منها العديد من النصوص «الفكرية والتربوية» للإخوان، إذ نجد بعضا من أثره قد انعكس على البرنامج الحزبى «الأول» للجماعة، الذى ظهر قبل بضعة أعوام.. وكذلك «مشروع الدستور الإسلامى» المنسوب للمستشار على جريشة، أحد قيادات الجماعة البارزين، الذى أسهم فى تدشين قواعد «التنظيم» بالخليج العربى.
فمن مغازلة الوافد الجديد لقمة السلطة على حساب النظام السابق «الملك»، كما أن نصت مقدمة «دستور الجماعة» على أن اختيار صفة «الإسلامية» يرجع إلى فساد أغلب النظم الدستورية القائمة، إذ إن النظام البرلمانى - على سبيل المثال - الذى نشأ فى إنجلترا ثم انتقل إلى فرنسا وبلجيكا ومصر، ينطوى على استقلال رئيس الدولة عن الهيئة التى تمثل الأمة - أى البرلمان - إذ إن الأصل فى رئيس الدولة حيث نشأ النظام أنه فوق البشر معصوم من الخطأ «الملك لا يخطئ»!
صفة «الإسلامية» ترجمها دستور الجماعة بصورة رئيسية، عبر الوظيفة التشريعية للبرلمان، إذ تحكمها حدود تعاليم الإسلام، وأحكام هذا الدستور فمجلس الأمة هو الذى يتولى التشريع وفقا للشريعة الإسلامية ويفوض الرئيس فى التنفيذ «المادة 10».
ولكل عضو من أعضاء مجلس الأمة لرئيس الدولة حق اقتراح القوانين بما لا يجافى الإسلام «المادة 45».. ويبعث رئيس المجلس بالقانون بعد إقراره إلى رئيس الدولة ليصدره.. فإذا لم يصدر خلال عشرة أيام، أصدره رئيس المجلس.. ويسأل عن ذلك رئيس الدولة سياسيا، إلا إذا كان الامتناع لمخالفة القانون لأحكام الإسلام «المادة 48».
ونص مشروع الدستور على أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم، وتصدر الأحكام باسم الله جل جلاله «المادة 59».. وأن لكل مواطن الحق فى رفع دعوى يطالب فيها بإبطال قانون مخالف لأحكام الإسلام أو مجاف لها أمام محكمة خاصة ينظمها القانون «المادة 63».. وهى فكرة أقرب لمفهوم «دعاوى الحسبة» التى كانت ترفع أمام المحاكم لوقت قريب!
لكن اللافت أن مشروع الدستور الذى أعاد موقع ikhwan wiki نشره، نص فى «المادة 101» على أنه لا يجوز تنقيح حكم من أحكام هذا الدستور بتعديل أو حذف أو إضافة إلا بموافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الذين يتكون منهم مجلس الأمة.. ومع ذلك فإن الأحكام الخاصة ب «سيادة القرآن» ونظام الحكم، لا يجوز تنقيحها.. وهو مصطلح لم نجده بين أى من النصوص فى النسخة المنشورة مؤخرا!
ما دشنته الجماعة كان أن أعاد المستشار على جريشة، الذى وافته المنية أبريل الماضى، صياغته فى إعلان دستورى جديد، بشكل أكثر تفصيلا.
وقال جريشة: الإسلام دين الدولة.. وعقيدته مصونة.. وشريعته واجبة ومشروعيته هى العليا فوق كل النصوص.. ومصدره الأساسى الوحى «قرآنا وسنة».. وكل ما يخالفه رد باطل «مادة 1».. والأمة الإسلامية أمة واحدة.. أفضلها عند الله أتقاها.. وتسقط حواجز الحدود والقوميات والعصبيات «مادة 2».. وهو ما يتماشى مع مبدأ «أستاذية العالم» الذى أرساه حسن البنا مؤسس الجماعة.
وتستمد شرعية السلطة من إقامتها لشرع الله ورضا الأمة «مادة 3».. وأحكام الشريعة تطبق تطبيقا إقليميا داخل الدولة.. وتطبيقا شخصيا على المسلمين خارجها «مادة 10».
وفى حين أن التشريع ابتداء خالص حق لله، ولأولى الأمر أن يشرعوا ابتناء لا ابتداء «مادة 17»، ذهب جريشة إلى أن أمير المؤمنين، هو من يرأس الدولة! ويلزم فيه: الإسلام والذكورة والبلوغ، والعقل والصلاح، والعلم بأحكام الشريعة.
ويجرى اختياره - مدى الحياة - من أهل الاختيار، كما تجرى بيعته من أفراد الأمة.. ويفتح باب الهجرة إلى دار الإسلام أمام المؤمنين، خاصة الكفاءات العلمية والبشرية «مادة 19».
وجريشة فيما ذهب إليه «تفصيلا» لم يخرج عن إطار النظرة «التقليدية» التى تقسم البلدان إلى «دار حرب» و«دار إسلام».. حتى إن جماعته أعادت طرح أفكاره حول مجلسى الحل والعقد بين سطور برنامجها السياسى الأول، إذ رأت الجماعة أن اختيار الحاكم - أمير المؤمنين بحسب تسمية جريشة - مسئولية أهل الاختيار عن أصحاب العقد، وأن البيعة تأتى بعد ذلك من باقى أفراد الأمة!
وبحسب جريشة: يقوم المجتمع على العقيدة ويصونها.. ويحكم الشريعة ويحميها.. ويلتزم الأخلاق الفاضلة ويذود عنها.. ويعلى شعائر الله ويعظمها.. ويدفع الغزو الفكرى بكل صوره ويشيع الثقافة النافعة.. ويسقط القدوات السيئة، ويقتدى برسول الله «ص» ومن تبعه.. ويتخذ الجهاد سبيلا لتربية أبنائه وتحقيق أهدافه «مادة 34».
والجهاد - وفقا للمادة 41 - ماض إلى يوم القيامة لإعلاء «كلمة الله» والإعداد له واجب المجتمع والدولة.. والقوات المسلحة جزء من الأمة المدربة روحيا وماديا لحراسة الحدود وحفظ النظام.. ويجرى تدريب أفراد الأمة بما يكفل التعبئة الفورية فى أى ظروف!
مع صعود نجم تيارات الإسلام السياسى فى السبعينيات، كان أن أسفر هذ الأمر عن ظهور مشروع دستور إسلامى آخر كان «الأزهر» هو بطله هذه المرة.
فعقب المؤتمر الثامن لمجمع البحوث الإسلامية «أكتوبر 1977»، أوصى المؤتمر أن يقوم الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، بوضع دستور إسلامى، يكون تحت طلب أى دولة تريد أن تأخذ بالشريعة الإسلامية منهاجا لحياتها.
وتنفيذا لهذا الأمر قرر مجمع البحوث الإسلامية، إسناد وضع هذا المشروع إلى لجنة الأبحاث الدستورية الإسلامية بالمجمع، على أن يدعى لهذه اللجنة الشخصيات التى يمكن أن تسهم فى وضع هذا المشروع.
عبدالحليم محمود

عبدالجليل شلبي
وعلى هذا قام الإمام الأكبر - وقتئذ - عبدالحليم محمود بتشكيل لجنة عليا بجانب السادة أعضاء لجنة الأبحاث الدستورية بالمجمع، بموجب القرار رقم «11» الصادر فى 5 يناير 1978م.. وضمت اللجنة د. الحسينى هاشم، والمستشار عبدالعزيز هندى والشيخ حسنين مخلوف، ود. عبدالجليل شلبى والمستشارين: عبدالفتاح نصر وعلى منصور وعبدالحليم الجندى ومصطفى عفيفى ود.مصطفى كمال وصفى.
حسنين مخلوف
وتضمن المشروع تسعة أبواب تحتوى على ثلاث وتسعين مادة مفصلة على الوجه التالى:
الباب الأول: الأمة الإسلامية.
الباب الثانى: أسس المجتمع الإسلامى.
الباب الثالث: الاقتصاد الإسلامى.
الباب الرابع: الحقوق والحريات الفردية.
الباب الخامس: الإمام.
الباب السادس: القضاء.
الباب السابع: الشورى والرقابة وسن القوانين.
الباب الثامن: الحكومة.
الباب التاسع: أحكام انتقالية.
ورغم أن الدستور فى مجمله اتسم ب«العمومية» وعدم التحديد - على غير المطلوب من النصوص الدستورية - إذ كانت سمة «الأسلمة» فى المطلق هى المسيطرة على صياغاته، إلا أنه من الناحية «الاجتهادية» والفقهية، لم يختلف عما أنتجته دساتير تيار «الإسلام السياسى».
فمجلس الأمة هو الذى يتولى التشريع فى حدود تعاليم الإسلام ويفوض الرئيس فى التنفيذ.
والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض.. ويأثم من يقصر فيه مع القدرة عليه «مادة 6».. والتبرج محظور، وتصدر الدولة القوانين والقرارات لصيانة الشعور العام من الابتذال وفقا للشريعة الإسلامية «مادة 14».
وفى نفس سياق «العموميات» دون تحديد، نصت المادة «18» على أن «الاقتصاد» يقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية، بما يكفل الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.. وحرية التجارة والصناعة والزراعة مكفولة فى حدود الشريعة الإسلامية «مادة 19».. وتضع الدولة خططا للتنمية وفقا للشريعة أيضا!
واشترط دستور الأزهر - مادة 47 - فى المرشح لرئاسة الدولة: الإسلام.. الذكورة.. البلوغ.. العقل.. الصلاح.. العلم بأحكام الشريعة الإسلامية.
أما القضاء فيتم وفقا للشريعة «مادة 61» وتوقع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم الزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة «مادة 71».. ويحدد القانون التعزيرات التى يوقعها القاضى فى غير جرائم الحدود «مادة 72».. والجلد هو العقوبة الإسلامية فى التعزيرات.. والحبس محظور إلا فى جرائم معدودة، ولمدة محدودة يبينها القاضى «مادة 79».
وبحسب مشروع الدستور الأزهرى، فإن للدولة مجلس شورى يمارس الاختصاصات التالية «مادة 83»:
(1) سن القوانين بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
(2) اعتماد الموازنة السنوية للدولة وحسابها الختامى.
(3) ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
(4) تقرير مسئولية الوزارة عن أعمالها، وسحب الثقة بها عند الاقتضاء.
وتتولى الحكومة «مادة 85» مسئولية إدارة شئون الحكم وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة، وتكون مسئولة أمام الإمام.. كما يحدد القانون شروط تعيين الوزراء والأعمال المحظورة عليهم أثناء تولى مناصبهم، وطريقة محاكمتهم عما يقع منهم فى عملهم.
ولكل من الإمام والمجلس النيابى «مادة 91» طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.. ويجب أن يذكر فى طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها، والأسباب الداعية إلى هذا التعديل، فإذا كان الطلب صادرا من المجلس النيابى وجب أن يكون موقعا عليه من ثلثى أعضاء المجلس على الأقل.
وفى جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل، ويصدر قرارا فى شأنه بأغلبية ثلثى أعضائه، فإذا رفض الطلب فلا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضى سنة على هذا الرفض.
وإذا وافق المجلس يناقش بعد شهرين من تاريخ الموافقة.. وكل ما قررته القوانين واللوائح «مادة 92» من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحا ونافذا، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الدستور، فإذا كانت مخالفة للشريعة وجب إلغاؤها واستبدالها بغيرها!
المثير فى تجربة الدساتير الموصوفة ب«الإسلامية» أنها كانت تسير فى سياقات متداخلة، تبدو «ملغزة» فى كثير من الأحيان.. فالدكتور مصطفى كمال وصفى الذى شغل موقع نائب رئيس مجلس الدولة، وشارك باللجنة التى صاغت «دستور الأزهر»، صاغ هو الآخر بشكل منفرد نموذجا لدستور إسلامى، كان بحسب رصدنا استلهاما لنموذج الدولة الدينية بامتياز.
فوصفى ذهب إلى أن الحكم الأعلى «مادة 4» فى الدولة الإسلامية لله سبحانه وتعالى.. وهو مصدر السلطات، والشريعة الإسلامية هى مشروعيتها العليا، ويتولى أمورها إمام يتولى الحكم بالبيعة، ويعاونه أهل الشورى ويحكم بالسياسة الشرعية.
وأن ممارسة الحقوق والحريات «مادة 11» تكون فى حدود الشريعة الإسلامية، وعلى المسلمين جميعا إقامة فروض الكفاية، القادر منهم بفعلها وغير القادر بالحض عليها.. وتكفل الدول تمكينهم من إقامتها، ولها إجبارهم عليها!
وذمة المسلمين «مادة 12» واحدة.. ويسعى بها أدناهم، ويمثل المسلم جماعة المسلمين فيما يقوم به من ممارسته لحريته العامة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.. وله أن يقيم دعوى الحسبة دفاعا عن الصالح العام!
ويجب على كل مسلم «مادة 28» - سواء من الجماعة أو العامة - أن يكون منتميا لمسجد حيه أو قريته للصلاة فيه ما أمكنه من الفروض الخمسة والاهتمام بشئون المسجد، بحيث لا يتخلف عنه إلا لعذر وتعيين أهل الاختيار أو أهل الحل والعقد بتعارف أهل المسجد عليهم وارتضائهم للحل والعقد فى أمورهم!
ولا تجوز «مادة 29» إقامة صلاة الجمعة فى جامع إلا بتصريح من السلطة المختصة، وذلك فى أكبر وأقدم مساجد المدينة.. ويجب أن يقوم الرئيس الإدارى المحلى فى المدينة بالإمامة والخطبة!
ويتعين أهل الاختيار أو الحل والعقد بالمدينة بتعارف «أهل الجمعة» وارتضائهم للحل والعقد فى أمورهم!
ويقوم أهل الحل والعقد «مادة 32» فى كل مسجد أو جامع بتدبير شئون الحى، أو القرية أو المدينة.. وجمع الأموال اللازمة، وإقامة المصالح الشرعية العامة.. ويشرف أهل الجامع على أوقاف المدينة كلها ومصارفها، وعلى جمع الزكاة فيها وصرفها، وإدارة الخدمات المحلية اللازمة للمدينة طبقا للقانون.
والجماعة من أهل الجامع «مادة 33» عليهم واجبات البيعة عمن يمثلونهم والشورى إذا طلبها الإمام أو الرئيس المحلى، كما عليهم إقامة الشريعة والتعليم الشعبى للدين والدعوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
يضع وصفى حائطا صلدا أمام التنوع الاعتقادى بين نصوص مشروعه الدستورى، إذ نصت المادة 37 على أنه لا يجوز قيام الفرق الدينية فى إقليم الدولة.. ويبلغ الإمام بأمر أى فرقة دينية.. وعليه أن يتخذ جميع الوسائل للصلح وكشف الشبهات التى أدت لقيامها.. ورجوع المخطئ إلى الحق وإلا صفيت فورا!
قيام الأحزاب ذات السياسة الوضعية محظور «مادة 38».
يكون للدولة إمام تجب الطاعة له وإن خولف فى الرأى «مادة 39».
وتكون الإمامة طوال حياة الإمام ما لم يعزل لسبب سائغ شرعا «المادة 41».
ويشترط فى المرشح للإمامة ما يشترط فى القاضى.. ويتم الترشيح من بين من يرشحهم مجلس الرقابة أو من يرشحون أنفسهم أو يرشحهم الإمام من غير ورثة «المادة 42».
أما القضاء فيذهب وصفى إلى ضرورة توقيع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم القتل والزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة «مادة 52».
ومن الهيئات الرقابية مجلس الرقابة.. وهو يشرف على أعمال الإمام والسلطة العامة «مادة 57».. ويكون من أهل البيعة بواقع عضو عن كل مدينة يختاره أهل الجامع!
ويختص مجلس الرقابة «مادة 58» بإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاجتماعية والميزانية العامة للدولة، وكل ما يؤدى إلى التزام المالية العامة، على الوجه الموافق للشريعة.
المحاولات الدستورية الأربع - أو شبه الدستورية - التى شهدتها الساحة المصرية خلال سنوات مضت، عكست أن هناك خلطا ما بين فكرة هوية الدولة «الدينية» أو عقيدة الأغلبية من سكانها، وبين آليات وضع قواعد قانونية «أساسية» تصلح لأن تشكل فى مجملها، نسقا دستوريا متكاملا، إذ جاءت أغلب الصياغات - خاصة دستور الأزهر - دون أن تحمل مضمونا واضحا لما يريده الدستور، سوى التأكيد على ضرورة الالتزام بالشريعة، دون أن تبين - أيضا - ما المقصود بتعاليم الشريعة، فى هذه النقطة أو تلك!
وما تطرق من هذه المحاولات إلى التفصيل، كان أن مال بشكل لافت لاستنساخ تجربة الدولة الإيرانية «الخمينية»، إذ تبدأ الأمور من داخل «الحوذات» وتنتهى عند «آيات الله».
فهل ثمة ارتباط بين هذه التجارب التى شكلت اللبنة الأولى لتصورات الإسلام السياسى «الدستورية»، وبين محاولات إحياء بعض من هذه الدساتير داخل ميدان التحرير قبل أيام، وإعادة طرحها من جديد؟.. نعتقد أن الصورة لن تخلو من تقاطع ما!؟
اعتمدنا فى مطالعة نصوص الدساتير الإسلامية على الكتاب القيم الذى أعده الكاتب الصحفى محمد حماد تحت عنوان «قصة الدستور المصرى - معارك ووثائق ونصوص».
والكتاب فى 864 صفحة من القطع المتوسط، صادر عن مكتبة جزيرة الورد.
ولدت فكرة الكتاب - بحسب حماد - من قلب ميدان التحرير، حيث انتشرت نسخ دستور 1971 بين أيدى شباب الثورة، الذين اعتبروا أن نصوص هذا الدستور، سقطت مع سقوط نظام مبارك.. وتمت المطالبة بدستور جديد للبلاد.
وهو ما دفع المؤلف لسرد قصة الدستور المصرى، تلك القصة التى بدأت بمشهد الإطاحة بالوالى العثمانى «خورشيد باشا» فى أوائل القرن التاسع عشر، ولم تنته بسقوط نظام حسنى مبارك فى أوائل القرن الحادى والعشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.