اعترف علماء وأساتذة الاجتماع في مصر أثناء انعقاد مؤتمر العشوائيات في المجتمع المصري بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بأن جميع نظرياتهم السابقة ثبت خطؤها بعد ثورة 25 يناير إذ أن الثورة لم تأت من العشوائيات كما توقعوا رغم أن ساكنيها يعانون الفقر ويشعرون بالظلم والحقد الطبقي تجاه أطياف المجتمع الأخري.. فضلاً عن اتساع علاقاتهم فيما بينهم وبين من حولهم من جانب آخر بالعنف. فالثورة جاءت من شريحة الشباب الذين خرجوا للشارع للتعبير عن احتياجاتهم ولحياة كريمة فكان شعارهم «حرية عدالة ديمقراطية» فالثورة المصرية خرجت من فئات وشرائح عديدة في المجتمع ولم تكن من الفئات الأشد فقراً. وكانت الدكتورة رباب حسين الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية قد قامت بدراسة عن مجتمع العشوائيات وجذور الثقافة المضادة، كشفت فيها عن الأسباب وراء اعتقاد علماء الاجتماع بأن الثورة ستأتي من العشوائيات ومنها أن سكان العشوائيات يمضون معظم أوقاتهم في الشارع لضيق المكان الذي يعيشون فيه والكثافة السكانية العالية. والسبب الثاني أن حياتهم ومعاناتهم لها صلة مباشرة بانتشار الفساد في المجتمع. أما السبب الثالث فهو شعور سكان العشوائيات بأن ليس لديهم ما يفتقدونه أو يخافون عليه عندما يثورون.. فلا يملكون شيئا أو عملاً مستقراً.. فهم مهمشون يريدون أن يكون لهم نصيب من الأحلام والطموحات وأن يعترف بهم المجتمع. «ورغم أن الثورة لم تأت من العشوائيات إلا أن علماء الاجتماع أكدوا خلال هذا المؤتمر علي أن التمرد والاعتصامات والمظاهرات الفئوية في المرحلة الحالية والقادمة ستأتي من العشوائيات! ويبدوا أن هذا الاسم لهذه المناطق «العشوائية» أصاب الجهات الحكومية التي لاتعرف ما عدد هذه المناطق.. ففي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الاسكان السابقة أن عدد العشوائيات في مصر لايتعدي 497 منطقة يؤكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بأن عددها 1034 منطقة. أما وزارة التنمية المحلية فلها رأي مختلف حيث تؤكد أن عدد هذه المناطق يصل إلي 1150 منطقة وهو ما لايتفق معه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي يقدر عدد العشوائيات بنحو 909 مناطق. الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث علقت علي هذا التضارب في البيانات قائلة: إن هذا يدل علي الإهمال وعدم اعتماد معايير محددة في عملية الحصر لهذه المناطق.. وهذا هو السبب الذي نجد معه اختلافا بين الجهات علي عدد سكان هذه المناطق، فلجنة الاسكان بمجلس الشعب تؤكد أن عدد سكان العشوائيات 12 مليونا في حين أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يؤكد أن العدد 5,7 مليون فقط! وقامت الدكتورة إنعام عبدالجواد بدراسة مطولة عن المرأة في عشوائيات الريف وكشفت لنا عن أن 69% فيهن أميات و14% يحملن شهادات متوسطة والباقي حصلن علي شهادات ابتدائية وإعدادية. وكشفت الدراسة عن أن 5,79% من نساء عشوائيات الريف لم يدخلن المدارس لعدم اهتمام الأسرة بتعليم البنات ورفض الأسرة تعليمهن ولسوء الأحوال الاقتصادية وهذا السبب الأخير كانت نسبته 53% وإن 91% من هؤلاء النساء لايعملن و 5,2% يعملن كعاملة خدمات و 7,1% يعملن بالمصانع و 5,3% في البيع والباقي في الزراعة و 61% من هؤلاء النساء ينجبن أكثر من خمسة أولاد. ومن أهم الحلقات النقاشية التي كانت في هذا المؤتمر كانت عن التشريعات وحقوق الإنسان وجاءت أهمية الحلقة أن طبقا للمواثيق الدولية والقوانين والدستور المصري فإن الإنسان له حق في السكن وعلي الدولة أن توفر له السكن. واقترح عدد من أساتذة الاجتماع وعلي رأسهم الدكتورة سهير عبدالمنعم يحل المشكلة بضرورة إصدار قوانين وتشريعات ذات فاعلية ليست بتعديل قانون الاسكان فقط وإنما أيضاً بتعديل قوانين الاقتصاد لرفع مستوي هؤلاء الساكنين بالعشوائيات. وفجر د. محمود الكردي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة مفاجأة إذ قال إنه كان ضمن لجنة تطوير القاهرة والذي أطلق عليها «القاهرة 2050»، وكانت تهدف لإزالة العشوائيات من قلب القاهرة لتطويرها حتي تصبح عام 2050 مثل مدينة فرانسيسكو الأمريكية لكنه شعر أن الهدف من هذا المشروع هو الاستيلاء علي الأراضي من أجل رجال الأعمال والمستثمرين وهذا يتم من خلال القانون!