تسبب السباق المتسارع بين شركات التكنولوجيا فى مجال تطوير الذكاء الاصطناعى التوليدى، لدفعها للاستثمار فى مجال بناء وتشغيل المفاعلات النووية الصغيرة (Small Modular Reactors - SMRs) أو مفاعلات الجيل الرابع التى تعتمد على اليورانيوم (الكعكة الصفراء) منخفض التخصيب (LEU)، لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل القدرات الحاسوبية المطلوبة لمعالجة المعلومات المتراكمة فى مراكز البيانات العملاقة. لجأت الشركات الأمريكية لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة لإبرام صفقات لتشغيل وإنشاء محطات للطاقة النووية، لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة، حيث وقعت شركة مايكروسوفت صفقة لإعادة تشغيل محطة الطاقة النووية فى جزيرة ثرى مايل، ودخلت جوجل فى شراكة مع مطور المفاعلات الصغيرة كايروس باور بهدف توفير 500 ميجاوات، واشترت أمازون أسهما فى شركة إكس إنرجى، وأعلنت شركة ميتا المالكة ل فيس بوك عن حاجتها لقدرات تصل ل 4 جيجا من الكهرباء.. وكشف معهد أبحاث الطاقة الكهربائية أن شركات التكنولوجيا صاحبة مراكز البيانات العملاقة تحتاج لمعدلات تصل ل 4 % من الكهرباء التى تنتجها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح معهد أبحاث الطاقة أنه من المتوقع أن ترتفع احتياجات مراكز البيانات من الطاقة ل 9 % بحلول سنة 2030 فى ضوء التطوير المستمر الذى تتبناه هذه الشركات فى مجال الحوسبة السحابية التى أصبحت تسيطر على ثلثى السوق. ميتا تبحث عن الطاقة وطلبت شركة ميتا المالكة لموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتطبيق الدردشة واتس آب من المطورين تقديم مقترحات لتزويدها بقدرات تتراوح بين 1 و4 جيجا وات من الطاقة الكهربائية عبر المفاعلات النووية لضمان حصولها على مصدر كهرباء مستقر يساعد فى تشغيل مراكز البيانات الخاصة بها، وذلك بداية من أوائل سنة 2030 بحسب البيان الصادر عن الشركة. ويفاضل فريق ميتا بين المفاعلات التقليدية الكبيرة والمفاعلات المعيارية الصغيرة، وهى عبارة عن مفاعلات جديدة قد تكون أسرع وأقل كلفة ولكنها لا تزال غير مجربة على نطاق واسع. وأبدت شركة ميتا مرونة فى شروط حصولها على الطاقة الكهربائية من المحطات النووية، حيث لم تشترط أن تكون هذه المحطات قريبة من مراكز البيانات الخاصة بها، ويكفى أن توفر الطاقة اللازمة لتلبية احتياجات مراكز البيانات والمجتمعات المحيطة بها. مايكروسوفت وثرى مايل ووافقت شركة «مايكروسوفت» على شراء الطاقة من مفاعل تخطط شركة «كونستليشن إنيرجي» لإعادة تشغيله فى موقع جزيرة «ثرى مايل» فى ولاية بنسلفانيا. وقال جو دومينغيز، الرئيس التنفيذى لشركة كونستيليشن إنيرجى، إن المحطات النووية هى مصادر الطاقة الوحيدة التى يمكنها توفير إمدادات كهرباء وفيرة مع انبعاثات منخفضة. وبحسب تقارير صحفية فإن المفاعل الموجود على هذه الجزيرة قد يبدأ العمل بحلول عام 2028، وستحتاج المنشأة إلى تجديد ترخيصها الحالى، الذى ينتهى فى عام 2034، وفى حال حصولها على تمديد قياسى لمدة 20 عامًا، فقد تستمر فى العمل حتى عام 2054. أمازون وإكس إنيرجى أعلنت شركة أمازون عن استثمار فى شركة إكس إنيرجى الأمريكية المتخصصة فى تطوير الطاقة النووية، ضمن تعاون يهدف إلى نشر مفاعلات نووية صغيرة لتوفير الكهرباء منخفضة الكربون لتشغيل مراكز البيانات الخاصة بها. وأعلنت شركة إكس إنيرجى أن شركة أمازون وافقت على البدء فى حملة لجمع تمويل بقيمة 500 مليون دولار لدعم تطوير وترخيص جيل جديد من المفاعلات النووية الصغيرة، التى تعتبر أكثر كفاءة من المفاعلات النووية الكبيرة التقليدية.. وتخطط «أمازون» وإكس إنيرجى لتوفير أكثر من 5 جيجا وات من الطاقة النووية الصغيرة بحلول عام 2039 وهو ما يكفى لتزويد 4 ملايين منزل بالكهرباء. وتتميز هذه المفاعلات الصغيرة بكونها أقل تكلفة وأسرع فى البناء مقارنة بالمفاعلات النووية التقليدية، حيث تعتمد على تقنيات مبتكرة. جوجل وكايروس باور وأعلنت شركة جوجل، وكايروس باور عن توقيع صفقة جديدة، لتوفير 500 ميجا وات من الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية المعيارية لمراكز بيانات الشركة. وتساعد هذه الصفقة شركة كايروس باور التى تم تأسيسها منذ 7 سنوات، لتشغيل أول مفاعل نووى تجارى بحلول عام 2030 ومفاعلات نووية إضافية بحلول عام 2035. وقال مايكل تيريل، المدير الأول للطاقة والمناخ فى جوجل، إن الاتفاقية علامة بارزة فى رحلة الشركة للطاقة النظيفة التى استمرت 15 عامًا، موضحا أن الطاقة النووية يمكن أن تساعد الشركة فى تلبية الطلب على احتياجاتها من الطاقة النظيفة على مدار الساعة.. وأوضح «تيريل» أن الشركة تدرس جميع الخيارات فيما يخص تغذية المفاعلات النووية لمراكز البيانات بشكل مباشر أو ستغذى الشبكة، إلا أنه لم يوضح ما إذا كانت جوجل ستمول بناء المفاعلات النووية الصغيرة مقدمًا، أو ستدفع ببساطة مقابل الطاقة بمجرد توفرها. وأشار تيريل إلى أن المفاعلات النووية الصغيرة تقدم تصميمًا مبسطًا وآمنًا بطبيعته، وبناءً أسرع، ومرونة فى موقع الاستخدام مقارنة بالمحطات النووية التقليدية. وأوضح المدير الأول للطاقة والمناخ فى جوجل إلى أن الشركة لديها رهان طويل الأجل، متوقعًا أن يؤدى ذلك لتحقيق فوائد هائلة لشبكات الطاقة فى جميع أنحاء العالم. وأضاف تيريل أنه فى حين كانت جوجل تعتمد على الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات الخاصة بها، فقد أوضحت نماذجها أن جعل الشبكات خالية من الكربون سيتطلب أكثر من مجرد تخزين الرياح والطاقة الشمسية وأيونات الليثيوم، وستحتاج إلى مجموعة أخرى من التقنيات المتقدمة. وأوضح المدير الأول للطاقة والمناخ فى جوجل، أن هذه الاتفاقية جزء أساسى من جهود الشركة لتسويق وتوسيع نطاق تقنيات الطاقة المتقدمة التى تحتاجها الشركة للوصول لأهداف الطاقة الخالية من الكربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وضمان استفادة المزيد من المجتمعات من الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة فى المستقبل. كانت شركة كايروس باور - مقرها ألاميدا فى كاليفورنيا - قد دشنت مفاعلًا مبردًا بملح الفلوريد المنصهر، بدلًا من الماء، وحصلت فى ديسمبر الماضى، على تصريح بناء من لجنة التنظيم النووى الأمريكية لبناء مفاعل تجريبى بقوة 50 ميجاوات فى تينيسى يسمى «هيرميس»، فى أول تصريح تحصل عليه شركة منذ 50 عامًا لبناء هذا النوع من المفاعلات فى ولاية تينيسى الأمريكية. وقال مايك لوفر، الرئيس التنفيذى لشركة كايروس إن المفاعلات النووية الصغيرة، على نطاق تجارى، التى تخطط الشركة لبنائها لصالح جوجل سيكون لها سعة 75 ميجاوات، وأن الشركة تركز على السوق الأمريكية. وقال جيف أولسون، المدير التنفيذى لشركة كايروس باور، إن الشراكة مع جوجل مهمة لتسريع عملية تسويق الطاقة النووية المتقدمة؛ من خلال إظهار الجدوى التقنية والسوقية لحل بالغ الأهمية، يهدف لإزالة الكربون من شبكات الطاقة. أهمية الاستثمار فى المفاعلات من جانبه أوضح آدم شتاين، مدير قسم ابتكار الطاقة النووية فى مؤسسة «بريكثرو» البحثية أن شركات التكنولوجيا على استعداد لتحمل قدر أكبر من المخاطر المالية المبكرة، موضحًا أن شركات المرافق العامة لا تواكب احتياجات شركات التكنولوجيا. ونوه جاكوبو بونجورنو أستاذ الهندسة النووية فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) إلى عدم اعتقاده بأن شركات التكنولوجيا أُغرِمَت بالطاقة النووية، لكنها تريد طاقة يمكن الوثوق بها ويمكن التنبؤ بها على مدار الساعة. وأوضح سيث جراى رئيس المجلس الدولى للجمعية النووية الأمريكية والرئيس التنفيذى لشركة لايتبريدج كوربوريشن لإنتاج الوقود النووى، إن الاستثمارات الكبيرة لشركات تكنولوجيا، تأتى فى ضوء عدم شعورها بأن مصادر الطاقة المتجددة والبطاريات لا يمكن أن توفر ما يكفى من الطاقة المستقرة أو الفعالة من حيث التكلفة وستكون هناك حاجة إلى الطاقة النووية. وتوقعت شركة جولدمان ساكس المصرفية أن يتضاعف استهلاك الطاقة فى مراكز البيانات عالميًا بأكثر من الضعف بحلول نهاية العقد الحالى.