الداخلية تعلن نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2026.. رسائل SMS للمقبولين.. رئيس الأكاديمية: النجاح فى الاختبارات ليس معيار القبول    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    رئيس الهيئة العامة للاستثمار يشارك في المنتدى المصري القطري بالقاهرة    وكيل تموين كفر الشيخ يتفقد مخازن ومنافذ تعبئة السلع التموينية    فهد عبد اللطيف: مشروع علم الروم بإجمالي استثمارات 29.7 مليار دولار    مدبولي يلتقي الرئيس التنفيذي لشركة «المانع» القابضة القطرية    سعر الين الياباني أمام الجنيه في البنوك المصرية    البنك التجارى الدولى يعزز ريادته في دعم رائدات الأعمال بإطلاق برنامج تمكين المرأة في قطاع الأعمال بالتعاون مع EBRD    "الأخضر" يسيطر على تعاملات البورصة المصرية في أولى جلسات الأسبوع    بعد هجوم سيدني الإرهابي، فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية على المنشآت اليهودية    نابولى يسقط أمام أودينيزى ويُهدر فرصة اعتلاء صدارة الدورى الإيطالى    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    منتخب مصر تحت 16 عاماً يفوز على اليابان 4-3 بركلات الترجيح    المفاوضات تشتعل على ضم حامد حمدان بعد عرض بيراميدز المُغري    انتشال جثمان طالبة وسائق في حادث انقلاب سيارة بترعة بالإسكندرية    أجواء شتوية باردة وسحب ممطرة تضرب الوجه البحري وشمال سيناء    الأرصاد تحذر من تكاثر للسحب الممطرة على هذه المناطق    نسمة محجوب تكشف أسرار مشاركتها في فيلم «الست»    معرض جدة للكتاب يستضيف فيلم كورة ضمن فعالياته الثقافية    رئيس الاعتماد والرقابة يبحث مع وفد وزارة الصحة بناميبيا تعزيز التعاون    وكيل صحة سوهاج يلتقى مدير مستشفى جهينة المركزي لمناقشة تطوير الخدمات    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    أبو الغيط يدين الهجوم على قاعدة تابعة لقوات الأمم المتحدة في جنوب كردفان    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    افتتاح المعرض السنوي الخيري للملابس بكلية التربية جامعة بني سويف    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الحكومة: مشروع لتعديل قانون العقوبات يشدد غرامة جرائم الشائعات    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأميرة الصارخة» تبوح بأسرارها

يُعتبر عالمُ مومياوات الفراعنة من الأشياء المثيرة فى دنيا العالم، وكذلك يجذب خيال الناس فى كل مكان من العالم. وساعدت السينما الأمريكية فى هوليوود فى إعجاب العالم بعالم الفراعنة ومومياواتهم الساحرة ذات الأسرار المثيرة.. أحد هذه الأسرار ظلت «مومياء المرأة الصارخة» تحتفظ به حتى وقت قريب، فما حقيقة قصتها وكيف ماتت؟ ولماذا تم حفظها بشكل مُختلف لم نرَه من قبل؟ وهل لاقت «مومياء المرأة الصارخة» نفس مصير «بنتاورت» فتم عقابها بالموت ولم تُحَنط بالطريقة المَلكية كباقى الأميرات؟
لحل هذا اللغز قام الدكتور زاهى حواس والدكتورة سحر سليم أستاذ الأشعة بجامعة القاهرة بدراسة «مومياء المرأة الصارخة» وفحصها على جهاز الأشعة المقطعية «سيمنز» الموجود فى المتحف المصرى بالقاهرة، وأخيرًا تمكنا من حل لغز مومياء الأميرة التى تم اكتشافها فى الخبيئة المَلكية فى منطقة الدير البحرى بالبَرّ الغربى لمدينة الأقصر الشهيرة بآثارها الجميلة.
نشر العالمان نتائج بحثهما فى دراسة بإحدى المجلات العلمية الدولية، إذْ كشف جهاز الأشعة المقطعية عن وجود تصلب شديد فى شرايين القلب التاجية أدى إلى موت الأميرة المصرية فجأة بنوبة قلبية، ولقد حفاظ التحنيط المصرى القديم على وضعية الجسد لحظة الوفاة لقرابة الثلاثة آلاف عام. وهذه هى القصة كاملة.
فى عام 1881م تم اكتشاف خبيئة الدير البحرى المَلكية فى الأقصر؛ حيث قام كهنة الأسرتين 21 و22 بإخفاء أعضاء مَلكيين من أسر سابقة لحمايتهم من لصوص القبور.
احتوت خبيئة الدير البحرى المَلكية على «مومياء الرجل الصارخ» التى أثبتت الدراسات الحديثة بالأشعة المقطعية وال«DNA» التى قام بإجرائها الدكتور زاهى حواس والفريق العلمى للمشروع المصرى لدراسة المومياوات المَلكية المصرية على أن «مومياء الرجل الصارخ» هو الأمير «بنتاورت»، ابن الملك رمسيس الثالث، الذى أُجبر على الانتحار شنقًا عقابًا له على تورطه فى قتل أبيه الملك رمسيس الثالث فيما يُعرف بمؤامرة الحريم. وتم عقاب الابن القاتل بعدم تحنيط جثته ولف جسده بجلد الغنم، ما يشير إلى أنه اُعتبِرَ «نَجِسًا»، وليكون مصيرُه الجحيم فى الآخرة. فى الوقت الذى كانت فيه المومياوات الأخرى ملفوفةً بالكِتَّان الأبيض ومُحنَّطةً بعناية.
احتوت الخبيئة المَلكية نفسها فى الدير البحرى على مومياء لامرأة تَظهر على وجهها علامات الرعب والألم والصراخ وعُرفت ب «مومياء المرأة الصارخة»؛ لأن رأسَها يميل إلى الجانب الأيمن وتنثى ساقاها وتلتف عند الكاحل فى الوقت الذى كانت فيه المومياوات الأخرى مُغلقة الفم ومستلقية ومستقيمة الجسد.
مَن هى الأميرة صاحبة المومياء الصارخة؟
تشير الكتابات باللغة الهيراطيقية على لفائف الكتان حول مومياء المرأة الصارخة إلى أنها: «الابنة المَلكية، الأخت المَلكية ميريت آمون». ومع ذلك، اعتبرت المومياء غير معروفة فسُميت ب «مومياء المرأة غير المعروفة إيه»، إذْ إن هناك العديد من الأميرات بالاسم نفسه؛ فعلى سبيل المثال «ميريت آمون»، ابنة الملك سقنن رع من نهاية الأسرة السابعة عشرة (1558-1553 قبل الميلاد)، وكذلك الأميرة «ميريت آمون» ابنة نجم الأرض الملك رمسيس الثانى (1279-1213 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشرة.
وتشير نتائج تصوير الأشعة المقطعية التى أجراها الدكتور زاهى حواس والدكتورة سحر سليم إلى أن مومياء المرأة الصارخة كانت لسيدة ماتت فى العقد السادس من العمر وأن جسدها، وعلى العكس من بنتاورت، قد نال عناية بالغة من المحنطين الذين أزالوا الأحشاء ووضعوا موادَّ باهظة الثمَن مثل الراتنج والحنوط المعطرة فى تجويف الجسم واستخدموا الكتان الطاهر فى لف المومياء. وبالتالى فإن ظروف وفاة «مومياء المرأة غير المعروفة إيه» كانت مختلفة عن حالة بنتاورت المعروف ب «مومياء الرجل الصارخ». فلماذا لم يتمكن المحنطون من وضع جسد الأميرة فى حالة الاستلقاء، ولماذا لم يتمكنوا من تأمين غلق الفم كما كان الوضع المعتاد مع باقى المومياوات المصرية القديمة؟ ما حدث ومنع المحنطين من إتمام مهمتهم المقدسة؟!
تشير نتائج التصوير المقطعى المحوسب إلى أن «مومياء المرأة غير المعروفة إيه» كانت مصابة بمرض تصلب الشرايين شديد الدرجة الذى أصاب العديد من شرايين الجسد. ومن المعروف أن مرض تصلب الشرايين هو مرض تنكسى يصيب جدار الشرايين بشكل تدريجى ما يؤدى إلى ضيق فى تجويف الوعاء الدموى وانسداده. ويتم تحديد أماكن تصلب الشرايين فى فحص الأشعة المقطعية كمناطق عالية التكلس داخل جدران الشرايين التى يمكن التعرف عليها حسب مكان الشريان. وأسفرت الدراسات السابقة التى قام بها العالمان المصريان الدكتور زاهى حواس والدكتورة سحر سليم على المومياوات المَلكية المصرية القديمة عن وجود تصلب الشرايين فى البعض منها.
ولقد عَرف الطب المصرى القديم «النوبة القلبية» وربطها بالموت. فوصفت بردية الطب المصرى القديم المعروفة ب«إيبرس» مخاطبة الطبيب منذ أكثر من 3500 سنة: «عندما تفحص رجلًا يعانى من آلام فى معدته، ويعانى من آلام فى ذراعه وصدره فهذا هو مرض «واد» (المرادف للنوبة القلبية)، ويجب أن تقول له إن الموت يقترب منه». وأثبت فحص الأشعة المقطعية ل«مومياء المرأة غير المعروفة إيه» الذى قام به الدكتور زاهى حواس والدكتورة سحر سليم أنها عانت من تصلب فى شرايين القلب التاجية اليُمنى واليُسرى وكذلك شرايين الرقبة وشريان الأبهر البطنى والحرقفى وكذلك شرايين الطرفين السفليين والساقين.
وأثبت العديد من الدراسات السريرية فى الوقت الحاضر أن مرض تصلب الشريان التاجى للقلب يُعد السبب الرئيسى للوفاة المفاجئة لدى البالغين. ويوصى الطب الحديث فى مثل هذه الحالة الطبية الخطيرة المماثلة لحالة «مومياء المرأة الصارخة» بإعطاء الأدوية التى تذيب جلطات الأوعية الدموية وربما يوصى أيضًا بقسطرة قلبية؛ وذلك لمنع أو الحد من تلف عضلة القلب. وتفترض الدراسة التى أجراها دكتور زاهى حواس ودكتورة سحر سليم أن جلطة الأوعية التاجية ل«مومياء المرأة غير المعروفة إيه» سبّبت تلف عضلة القلب ما أدى إلى موتها الفجائى.
وتفترض هذه الدراسة أن الأميرة ماتت فجأة بنوبة قلبية وهى على وضع الجسد الحالى وساقاها مثنيان وملتفان عند الكاحل. وتسبّب الموت فى ميل الرأس إلى الجانب الأيمن وارتخاء عضلات الفك ما أدى إلى فتح الفم. وتشير الدلائل أن الأميرة الراحلة ظلت لفترة كافية لعدة ساعات على هذه الوضعية قبل أن يتم اكتشاف وفاة الجسد، فأدى التشنج الذى يعقب الموت إلى تيبس العضلات والمفاصل وإبقاء مومياء الأميرة على وضعية الوفاة هذه، فلم يتمكن المحنطون من تأمين إغلاق الفم أو وضع الجسد فى حالة الاستلقاء، كما كان الوضع المعتاد مع باقى المومياوات المصرية القديمة. ويبدو أنه لم يهمل المحنطون عملهم عن عمد ولكن ظروف الوفاة أدت لوضعية المومياء هذه غير المعتادة فى مصر القديمة. وأظهرت صور فحص الأشعة المقطعية أن المحنطين لم يستخرجوا مخ المومياء؛ حيث لايزال يُرَى المُخ بداخل تجويف الجمجمة ولكنه يميل إلى الجانب الأيمن؛ وذلك لوضعية الجسد على هذا الجانب عند الموت وبعد التحنيط. وساعدت الدراسات السابقة التى قام بها دكتور زاهى حواس ودكتور سحر سليم على المومياوات المصرية المَلكية باستخدام الأشعة المقطعية على تحديد ملامح التحنيط فى الأسر المختلفة.
وتُرجّح هذه الدراسة من خلال ملاحظة خصائص طريقة تحنيط «مومياء المرأة الصارخة»، مثل عدم استخراج المخ، أنها قد تكون الأميرة «ميريت آمون»، ابنة الملك سقنن رع من نهاية الأسرة السابعة عشرة 1558- 1553 قبل الميلاد، وليست الأميرة «ميريت آمون» ابنة نجم الأرض الملك رمسيس الثانى (1213-1279 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشرة.
وسيستكمل العالم الجليل الدكتور زاهى حواس مع العالمة المتميزة دكتورة سحر سليم وبقية الفريق العلمى مشروع المومياوات المصرية وعمل فحوصات ال«دى إن إيه» على مومياء المرأة الصارخة حتى تتم المساعدة على تأكيد هويتها.
وتؤكد هذه الدراسة التى قام بها العالم الشهير الدكتور زاهى حواس والعالمة المتميزة الدكتورة سحر سليم عن مدى عظمة إبداع العقلية المصرية والأداء المصرى فى مجال فحص المومياوات المصرية القديمة، الذى كان حكرًا على الأجانب، لكن بفضل الله اقتحم علماؤنا المصريون الأفاضل هذا المجال، وحققوا فيه نجاحات مذهلة وغيّروا الكثير من معلوماتنا التاريخية الثابتة عن الفراعنة ومومياوات الفراعنة وأسرار حياتهم وأسباب موتهم وشجرة عائلاتهم.
هذه هى مصر الفرعونية التى أثارت ولاتزال تثير خيالنا قديمًا وحديثًا وعبر العصور. فتَحية حب وتقدير لعلمائنا الأفاضل ولمومياوات الفراعنة وعالمهم الساحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.