20 عامًا مرت منذ أن بدأوا فى تنفيذ فكرة أول فيلم مصرى ينتمى لنوعية أفلام «التحريك» الطويلة. الفيلم يحمل عنوان (الفارس والأميرة). الحكاية بدأت مع تحمس المخرج الراحل «محمد حسيب» لفكرة صناعة فيلم مصرى يشبه أفلام ديزنى العظيمة. وما شجعه على هذا المنتج السعودى «عباس أبوالعباس»، والذى بدأ فى الاتفاق على تقديم فيلم طويل بشكل جدى وأنشأ شركة إنتاج هنا فى مصر لتتولى ميزانية الفيلم. وما كان ل«حسيب» إلا أن يتوجه للكاتب «بشير الديك» والذى سبق وقدم معه قصة وسيناريو فيلمي تحريك قصيرين. ولم يكن «الديك» مدركًا مدى تأثير أفلام التحريك الطويلة على الكبار والصغار وقتها، حيث صرح لنا قائلًا: «حسيب عرض علىّ مجموعة من أفلام التحريك الكبيرة وقتها من إنتاج شركات عالمية مثل والت ديزنى وغيرها ومنها أفلام «الأسد الملك» و«اناستازيا». فلفت نظرى النجاح الكبير الذى تحققه هذه النوعية من الأفلام وتحمست لكتابة النص». ويضيف «الديك»: «حاولت اختيار قصة لبطل عربى عن واقعة تاريخية مشهورة، وهى واقعة إنقاذ محمد بن قاسم الثقفى لمجموعة من الأسيرات العرب واللواتى تم أسرهن فى بلاد السند. ومن هنا قمت بتأليف حبكة درامية وقصة حب ومغامرة فى رحلة الثقفى بالأسطول والذى قاده وهو فى السابعة عشرة من عمره، بالاتفاق مع عمه الحجاج بن يوسف الثقفى، واستطاع تحرير جميع الأسيرات بالفعل وفتح بلاد السند». بداية التنفيذ الفعلى ويقول «الديك» إنه بدأ فورًا فى كتابة معالجة صغيرة للعمل وأعجب بها المخرج «محمد حسيب» والمنتج. ولكن الأمر توقف فجأة بسبب وفاة «حسيب» مما جعل المنتج يطلب من «الديك» أن يقوم بإخراج العمل بنفسه بدلًا من المخرج الراحل. وذلك استنادًا على تجربة «الديك» بالفعل فى الإخراج السينمائى، حيث قدم تجربتين سابقتين، فلم يكن من الصعب عليه الإقدام على هذا العمل، ولكن تخوفاته من تقديم التحريك وهو غير خبير به جعلته يطلب من المنتج «أبو العباس» التمهل لإخراج الجزء الأول من الفيلم فقط كفيلم قصير للتعريف عن «الثقفى». وبالفعل استطاع أن يقدم الفيلم بشكل جيد وشارك به فى مهرجان سينما الطفل فى دورة سابقة بأوائل الألفينات وحصل على المركز الثانى. ثم بدأت مرحلة التنفيذ وكتابة السيناريو والحوار وقام الفنان الراحل «مصطفى حسين» بتصميم جميع شخصيات العمل كرسوم. وتم التعاقد مع مجموعة كبيرة من الفنانين، والاتفاق مع المطرب «مدحت صالح» على تقديم الدور الرئيسى للعمل من خلال الأداء الصوتى لشخصية «الثقفى» بينما قامت الفنانة «دنيا سمير غانم»، وكانت وقتها فى بداية مشوارها الفنى، بأداء صوت الأميرة وتضمن الفيلم عدة أغانى بصوتها هى و«مدحت صالح». كما شارك بعملية الأداء الصوتى كل من: «عبلة كامل، عبدالرحمن أبوزهرة، لقاء الخميسى بأداء صوت الراوى. أما دورا الجنيان الكوميديان فقام بأداء صوتيهما كل من محمد هنيدى وماجد الكدوانى». وقد اختار «الديك» هاتين الشخصيتين ليتحدثا باللهحة المصرية بدلًا من العربية الفصحى التى كتب بها العمل. والسبب يوضحه قائلًا: «لم أجد أنه من المناسب لشخصية تاريخية مثل الحجاج بن يوسف الثقفى أن يتحدث بالعامية المصرية، فكتبت الحوار بالكامل بالفصحى عدا شخصيتى الجنيين بسبب طبيعتهما الكوميدية». أسباب التأخر فى البداية أكد المؤلف الموسيقى والمسئول عن شريط الصوت «هيثم الخميسى» أن سبب تأخر الفيلم لكل هذه السنوات طبيعى وذلك لأن إنتاج عمل ينتمى للطريقة القديمة الخاصة بالتحريك وهى ال2d. يتطلب رسم الكادرات بشكل يدوى وهو ما قام بعمله أغلب رسامي التحريك المصريين، خاصة وأنهم أصروا أن يكون العمل مصريًا مئة بالمئة. مضيفًا أن فيلمًا مثل «طرزان» والمقدم بنفس التقنية نفذته شركة ديزنى العالمية فى مدة وصلت لسبع سنوات.. لذلك ومع عدم إتاحة التقنيات الحديثة فى مصر والعمل المتقطع على المشروع وصلت مدة تنفيذه لعشرين عامًا.. وهو ما يعتبره «الخميسى» أمرًا معقولًا. أيضًا يتحدث الكاتب «بشير الديك» عن أسباب التأخر قائلًا: «العمل تعرض لمشاكل إنتاجية عديدة خاصة وأنه يتطلب الكثير من الجهد، وليس بسبب ما تردد من أن العطلة جاءت بسبب رحيل بعض الفنانين المشاركين بالأداء الصوتى فى الفيلم لأنهم قاموا بتسجيل أدوارهم بالكامل فى المراحل الأولى.. حيث شارك بالأداء الصوتى عدد من النجوم الراحلين ومنهم أمينة رزق وسعيد صالح وغسان مطر وعثمان عبدالمنعم وغيرهم. وكلهم كانوا متحمسين لهذه التجربة ولكن لم يروا حلمهم يتحقق قبل الوفاة. وعلمت «روزاليوسف» أن العمل كان قد تعرض لمشكلة فى بداية التحضيرات الصوتية حيث كان هناك تعاقد مع مطربة كبيرة لتقوم بصوت الأميرة ولكنها اشترطت أن تتعاون مع مؤلف موسيقى محدد غير «الخميسى» ورفض «الديك» طلبها مما جعلها تعتذر عن العمل واستعان وقتها ب «دنيا سمير غانم» بدلًا منها. الكواليس انتهى فريق العمل من تسجيل الحوار كاملًا منذ السنوات الأولى، وتم الانتهاء من عملية رسم الشخصيات والكادرات بنجاح، ثم توقف الفيلم لظروف إنتاجية لعدة سنوات وكان متبقيًا مشهد المعركة النهائية فقط. وذلك وفقًا لتصريحات «الديك»، الذى أكد أيضًا أن العمل توقف بسبب التقنيات والجهود المضاعفة لتصوير المعركة حتى تظهر بالشكل اللائق، خاصة وأنها معركة بأسلحة وخيول وأعداد كبيرة من الجنود مما جعل تنفيذها يتطلب وقتًا أطول من باقى مشاهد الفيلم.. لذلك تمت الاستعانة بالفنان «مدحت صالح» أكثر من مرة بعد انتهاء عملية تحريك الفيلم بالكامل لتسجيل الأداء الصوتى الخاص بشخصية «الثقفى» فى الحرب. وفى النهاية يؤكد «هيثم الخميسى» أن كل فريق العمل كان يحضر للفيلم بحب لأنهم مؤمنون بدعم التجربة المصرية.. فهو عن نفسه يعتبر ذلك الفيلم أول أعماله حتى قبل تقديمه لمسلسل (ظاظا وجرجير).. بينما يقول «الديك» إنه فى انتظار رد فعل الجمهور على الفيلم المقدم بتقنية حديثة وليست قديمة كما يردد البعض.. ويعلن أن هناك تجربة ثانية بتقنيات أعلى ولكنه ينتظر أولًا معرفة النتيجة النهائية ورد فعل الجمهور على (الفارس والأميرة). وعن مشاركة الفيلم فى مهرجان الجونة بدورته المقبلة يقول «الخميسى»: إن العمل لن ينافس فى المسابقة الرسمية لأنه ليس له قسم خاص بأفلام التحريك لينافس من خلاله، ولكن صناع العمل اتفقوا على ضرورة الاحتفاء به فى مهرجان مصرى أولًا قبل طرحه بدور العرض فى أكتوبر المقبل، وكانوا يفكرون بإقامة العرض الخاص له فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ولكن الدورة المقبلة سوف تقام فى نوفمبر وهذا سيكون بعد موعد طرح الفيلم فى قاعات العرض.. وسوف يقام للفيلم عرض خاص بمهرجان الجونة وأيضًا عرض خاص فى أكتوبر قبل انطلاقه فى دور العرض، كما أن مهرجان مالمو للسينما العربية المقام فى السويد سوف يشهد أول عرض خارج مصر له فى دورته المقبلة والتى ستقام أيضًا فى شهر أكتوبر القادم.