عام قلب الموازين

«الدسم» هو صفة هذا العام، بالنسبة لصناعة السينما العالمية.. فقد أشرف هذا العام على الانتهاء، والذى تخللته منافسة شرسة بين شركات الإنتاج العالمية لإثبات جدارتهم. ورغم تفاوت درجات نجاحهم إلا أنهم نجحوا جميعاً فى جذب أكبر نسبة من المشاهدين، المتنوعة آراؤهم بين مفضلى «الرومانسية، والإثارة، والكوميديا»، ومحبى «الحرب، والتاريخ، والأكشن»، وعشاق «الرعب، والمغامرة، الخيال العلمى»، وغيرهم إلى شاشات العرض الكبيرة، التى تم فيها تحطيم الأرقام القياسية على شباك التذاكر العالمى لأفلام اختلف حولها النقاد، وأخرى تصدرت بقوة المهرجانات، ومخرجون كانوا محورًا أساسيًا فى صعود وهبوط التقييمات، وممثلون كان هذا العام هدية منهم ولهم، وآخرون تنحوا جانباً.

شباك التذاكر
الصدارة فى شباك التذاكر كانت من نصيب شركة «ديزنى» من خلال أول فيلمين فى قمة قائمة الإيرادات. فى المركز الأول يأتى فيلم «Avengers: Infinity War»، أو «المنتقمون: الحرب اللانهائية»، وهو الجزء الثالث من سلسلة أفلام «المنتقمون». وقد بدأ عرض الفيلم فى 27 أبريل، ووصلت إيراداته لأكثر من 2 مليار دولار، منهم قرابة 679 مليون دولار فى (الولايات المتحدة)، مقابل ميزانية بلغت 321 مليون دولار. يدور الفيلم حول المعركة الكبرى لفريق «المنتقمون»، وحراس المجرة، ضد «ثانوس»، الذى يصل إلى الأرض، بعد عامين من تمزيق فريق «المنتقمون» بهدف جمع أحجار تسمى «الأحجار اللامتناهية، أو الأبدية»، وهى عبارة عن 6 أحجار تمتلك طاقة موجودة من قبل نشأة الكون. الفيلم من إخراج الأخوين «أنونتى، وجون روسو».
ثم يأتى فى المرتبة الثانية، فيلم «Black Panther»، أو «النمر الأسود»، الذى عرض فى 14 فبراير الماضى.. حيث نال من شباك التذاكر العالمى، مليار و347 مليون دولار، منهم 700 مليون دولار داخل أمريكا. ميزانية الفيلم بلغت 200 مليون دولار. وتدور أحداثه حول شخصية البطل الخارق «تشالا»، وريث مملكة «واكاندا» الإفريقية الخفية، الذى يجب عليه أن يقود شعبه إلى مستقبل جديد، ويواجه منافساً شرساً من ماضى بلده. والمثير فى الفيلم، هو كون البطل، أول شخصية لبطل خارق من العرق الأسود. الفيلم من إخراج «راين كوجلِر». وبطولة: «تشادويك بوسمان، مايكل بكارى جونسون، ولوبيتا نيونقو».
أما فى المرتبة الثالثة، فجاء فيلم الخيال العلمى والمغامرة «Jurassic World: Fallen Kingdom»، أو «العالم الجوراسى: المملكة الساقطة»، الذى حصل على مليار و304 ملايين دولار من شباك التذاكر، منهم أكثر من 416 مليون دولار فى (الولايات المتحدة)، مقابل ميزانية بلغت 170 مليون دولار. ويعد الفيلم هو الجزء الخامس ضمن سلسلة أفلام «الحديقة الجوراسية»، والثانى ضمن الثلاثية الجديدة، التى بدأت مع فيلم «العالم الجوراسى» عام 2015، ومن المقرر صدور الفيلم الأخير فى يونيو 2021. تدور قصة الفيلم بعد مرور أربع سنوات على الدمار الذى جرى للحديقة الجوراسية، بسبب الديناصورات التى خرجت عن السيطرة. وبعد أن يثار أحد البراكين الخامدة على سطح الجزيرة، يتوجه أبطال الفيلم فى مهمة صعبة من أجل إنقاذ الديناصورات الباقية من الموت. الفيلم من إخراج «خوان أنطونيو بايونا»، وسيناريو «ديريك كونولى، وكولن تريفورو». وبطولة: «كريس برات وبرايس دالاس هوارد».
المهرجانات ترفع شعار «لا-هوليوود»
يبدو أن الأفلام الهوليوودية القوية، رغم صدارتها فى شباك التذاكر، لم تكن بالقدر المطلوب، للفوز بجائزة «أفضل فيلم» فى أهم ثلاثة مهرجانات عالمية..فقد حاز الفيلم الرومانى «Touch Me Not»، أو «لا تلمسنى»، للمخرجة « أدينا بنتلى» على جائزة «الدب الذهبى»، فى مهرجان «برلين» السينمائى الدولى فى دورته ال68 هذا العام، والتى عقدت فى فبراير الماضى. الفيلم عبارة عن تجربة روائية وثائقية، تعالج الميول البشرية المتنوعة، فيما يتعلق بالجنس. وهو بطولة: «لورا بنسون، وتوماس ليماركيز، وديرك لانج».
كما فاز فيلم «Shoplifters»، أو «نشال المتاجر»، للمخرج اليابانى «هيروكازو كورى إدا»، بجائزة «السعفة الذهبية»، فى مهرجان «كان» السينمائى فى دورته ال71، والتى أقيمت فى مايو الماضى. وتدور أحداثه داخل إحدى ضواحى مدينة (طوكيو)، عن عائلة فقيرة يعيش فيها الزوجان مع أخت الزوجة والجدة وابن وابنة.. وبعد مرور نصف أحداث الفيلم نكتشف أنه لا يوجد رابط دموى بين هذه العائلة وأنهم أغراب عن بعضهم البعض، ولكنهم يعيشون كأسرة واحدة، إلى أن تتدخل الجهات الرسمية للتفريق بينهم وإعادة كل إلى مكانه، وهو ما يؤثر عليهم بشدة. الفيلم من بطولة: «ليلى فرانكى، ساكورا اندو، مايو ماتسوكا، كايرى جى».
وحصل الفيلم المكسيكى «Roma»، أو «روما»، للمخرج «ألفونسو كوارون»، على جائزة «الأسد الذهبى» فى مهرجان «فينيسيا» السينمائى الدولى فى دورته ال75، والذى عقد فى الفترة بين 29 أغسطس إلى 8 سبتمبر 2018. وتعود قوة الفيلم لقصته شبه الذاتية للمخرج نفسه، ونشأته فى (مكسيكو سيتى)، حيث يجسد قدرة (خادمة) لإحدى الأسر من الطبقة المتوسطة فى السبعينيات، تقوم بمساندة هذه العائلة فى الأزمة الأسرية التى تمر بها. يذكر أن الفيلم اختير أيضاً من قبل مجلة «تايم»، و«دائرة نقاد السينما» فى (نيويورك) كأفضل فيلم لعام 2018، كما اختير كواحد من أفضل عشرة أفلام لهذا العام من قبل رابطة نقاد أمريكا. وهو من بطولة: «ياليتزا أباريسيو، ومارينا دى تافيرا».
نجوم تألقوا
الممثل – المصرى الأصل - «رامى مالك» نافس هذا العام نجوم هوليوود الكبار، خاصة بعد تألقه فى فيلم «Bohemian Rhapsody»، أو « الملحمة البوهيمية»، الذى يقدم سيرة ذاتية عن حياة المغنى الرئيسى لفرقة «كوين»، (فريدى ميركورى)، الذى أطلق عليه البعض، بأنه الأب المؤسس لموسيقى «روك آند رول». ويذكر أن «مالك» بذل مجهودًا كبيرًا فى التدريبات ليتقن حركات ورقصات «فريدى» الشهيرة وحضوره على المسرح، وبالفعل نجح «مالك» فى تجسيد البطل، وتقمص شخصيته، بل تمكن من الوصول إلى طبقات «فريدى» الصوتية، بشكل كاد أن يخدع الجمهور. الفيلم من إخراج «براين سينجر»، أما الممثل «جون ديفيد واشنطن»، الذى كان لاعب كرة قدم أمريكية سابقاً، وابن النجم «دانزل واشنطن»، فهو ضمن قائمة الممثلين الأكثر لفتًا للأنظار والمرشحين بقوة لجوائز أفضل ممثل، عن فيلم «BlacKkKlansman»، هو فيلم سيرة ذاتية، مقتبس عن مذكرات «رون ستالورث»، وهو أول شرطى أمريكى من أصل أفريقى. عرض الفيلم لأول مرة فى مهرجان «كان» هذا العام، وربح «الجائزة الكبرى» وبدأ عرضه الجماهيرى فى (الولايات المتحدة) فى 10 أغسطس الماضى. الفيلم من إخراج «سبايك لى».وقد حصل الفيلم على استحسان من النقاد، الذين أشادوا بأداء «واشنطن». كما اختير كواحد من أفضل 10 أفلام لعام 2018.
وبالنسبة للممثلة «إيملى بلانت» فقد تكون وصلت أخيرا للنجومية التى تسعى وراءها منذ سنوات «إيملى» تألقت هذا العام بعد أن أشاد النقاد بدورها الجيد فى فيلمها الجديد «Mary Poppins Returns»، أو «عودة مارى بوبينز»، الذى عرض يوم 19 ديسمبر الماضى، وهو استكمال لفيلم «مارى بوبينز»، الذى عرض عام 1964، مما يجعله واحدًا من أطول الفجوات بين سلاسل الأفلام فى تاريخ شركة «ديزنى». وحازت النجمة «جولى آندروز» التى جسدت «بوبينز» فى الفيلم الأول على جائزة «أوسكار» كأفضل ممثلة فى الدورة ال37، بجانب أربع جوائز «أوسكار» أخرى نالها الفيلم حينها. أما أحداث الفيلم الجديد فتدور فى (لندن) عام 1930، بعد ثلاثة عقود من أحداث الفيلم الأصلى، لتعود مربية (جين) و(مايكل بانكس) السحرية من جديد بعد زيارتها الأصلية، لمساعدة الأشقاء، وأطفال (مايكل) خلال وقت صعب يمر فى حياتهم. حصل الفيلم على آراء إيجابية بشكل عام من النقاد، الذين أشادوا بأداء «بلانت»، والموسيقى والإعداد والإنتاج والقدرة على الشعور بالحنين إلى الماضى. الفيلم من إخراج «روب مارشال». وبطولة: «لين-مانويل ميراندا، وبنص ويتشاو، وإميلى مورتيمر، وميريل ستريب». ويستند الفيلم إلى سلسلة الكتب، التى تحمل نفس الاسم، للمؤلفة البريطانية من أصل أسترالى «باميلا ليندون ترافيرس».
على أبواب «الأوسكار»
قد يكون الوقت مبكراً على ترشيحات الأفلام لجائزة «الأوسكار» فى الدورة ال91 القادمة، والمقرر عقدها فى 25 فبراير 2019، لكن عدداً من الصحف العالمية بدأت فى اختيار عدة أفلام، يرونها قد تنافس بقوة على جائزة «أفضل فيلم». وكان الثلاثة المشتركون بينهم جميعاً، هم: «A Quiet Place»، أو «مكان صامت»، وهو فيلم رعب، عرض فى 6 أبريل الماضى، يدور حول أسرة صغيرة تعيش فى مزرعة هادئة، تتعرض للترهيب، والرعب من قبل أشباح وكائنات مخيفة، وعليه تعيش الأسرة طوال الوقت فى حالة صمت تام، ودون إصدار أدنى صوت، لأن هذه الكائنات تصطاد ضحاياها من خلال الأصوات التى يحدثونها، أو يصدرونها، ويقوم الأبوان بعمل ما يلزم للحفاظ على أمان أطفالهم. استقبل النقاد هذا الفيلم بترحيب شديد، نظراً لأجواء الرعب المتوافرة، والإبداع فى التمثيل، وتصميم الشريط الصوتى بشكل مخيف. وتم اختياره أيضًا من قبل رابطة نقاد أمريكا، و«معهد الفيلم الأمريكى» كأحد الأفلام العشرة الأولى لعام 2018. الفيلم من سيناريو، وإخراج، وبطولة «جون كراسينسكى». وشاركه فى السيناريو: «برايان وودز، سكوت بيك». كما شاركه فى البطولة الممثلة «إيميلى بلانت». ويذكر أنه من المقرر، أن يتم إصدار الجزء الثانى منه فى 15 مايو 2020.
أما الفيلم الثانى، فهو فيلم «A Star Is Born»، أو «مولد نجمة» فهو فيلم دراما غنائى. ويعد النسخة الرابعة من فيلم «مولد نجمة» ل«ويليام أى. ويلمان»، الذى عرض عام 1937. وتمت إعادة إنتاجه مرتين فى عامى 1954 و1976. الفيلم الجديد عرض لأول مرة فى «فينيسيا». كما عرض على شاشات العرض الكبيرة فى (الولايات المتحدة) يوم 5 أكتوبر الماضى. وتدور قصته حول نجم موسيقى يدعى (جاكسون ماين)، يتراجع مستواه، ويكتشف فتاة موهوبة تدعى (آلى جيرمانوتا). وتنشأ بينهما قصة حب، ويقوم (جاكسون) بدفع (آلى) إلى دائرة الضوء والشهرة، وبالفعل تزدهر مسيرتها، ويعانى (جاك) فى المقابل بصعوبة فى الحفاظ على مجده الذى يتراجع.. الأجمل فى الفيلم، هى كواليس تصويره.. حيث كان من المفترض أن يقوم النجم «كلينت إيستوود» والمغنية الشهيرة «بيونسيه» بدورى البطولة، عندما بدأت النقاشات حول هذا الفيلم منذ عام 2011. واستمرت المفاوضات مع نجوم مختلفين لدور البطولة، مثل: «ليوناردو دى كابريو، ويل سميث، توم كروز، وكريستيان بايل»، إلى أن وقع الاختيار على النجم «برادلى كوبر» على أن يقوم ببطولة، وإخراج الفيلم، وانضمت إليه فى دور البطولة المغنية الشهرية «ليدى جاجا» فى شهر أغسطس 2016. تم اختيار الفيلم كواحد من أفضل 10 أفلام لعام 2018.
أما ثالث الأفلام المرشحة فهو التاريخى «The Favorite»، أو «المفضلة»، الذى عرض لأول مرة فى مهرجان «فينسيا»، حيث نال جائزة «لجنة التحكيم»، كما نالت فيه الممثلة «أوليفيا كولمان» جائزة أفضل ممثلة. عرض الفيلم الأول على شاشات السينما فى (الولايات المتحدة) فى 23 نوفمبر الماضى. وحاز على إشادة قوية من النقاد، فيما يخص السيناريو، والإخراج، والتصوير، والموسيقى، وتصميم الأزياء، والإنتاج. كما تم اختياره أيضًا كواحد من أفضل 10 أفلام لعام 2018. وتدور قصة الفيلم فى أوائل القرن الثامن عشر فى دولة (إنجلترا)، عندما تولت الملكة (آن) العرش، وحكمت صديقتها (سارة) البلاد فى إحدى الفترات بشكل مؤقت، نظراً لمرض الملكة. ولكن عندما تصل مساعدة جديدة، تدعى (آبيجيل)، إلى القصر الملكى، تنقلب الأمور رأساً على عقب أمام (سارة). الفيلم من إخراج «يورجوس لانثيموس». ومن بطولة: «إيما ستون، ريتشل وايز ونيكولاس هولت».
(تحريك) اللحظات الأخيرة
اتفق عدد من المواقع السينمائية العالمية، والصحف الأجنبية، على أفلام الرسوم المتحركة الأفضل لهذا العام، وعلى رأسهما اثنان تم عرضهما فى اللحظات الأخيرة من 2018.
فيلم «Spider-Man: Into the Spider-Verse»، الذى عرض 14 ديسمبر الماضى. وحاز على إقبال جماهيرى كبير، وإشادة عالمية من النقاد، بسبب ابتكار التحريك، والشخصيات، والتمكن من تجسيد الأصوات، بجانب القصة، والكوميديا القوية داخل الفيلم. وهو من إخراج كل من: «بوب برسيتشيتى، و‌بيتر رامسى، و‌رودنى روثمان». وتوزيع شركة «سونى بيكتشرز رليسينج». وقام بأداء الأصوات كل من: «جيك جونسون، ييف شرايبر، شامايك موور، هيلى ستاينفيلد، ماهرشالا على». أما الدبلجة العربية فكانت بأصوات: «تامر حسنى ولبنى عبدالعزيز».
وجاء فى المرتبة الثانية فيلم «Ralph Breaks the Internet»، أو «رالف يدمر الإنترنت». ورغم عرضه الشهر الماضى، فإنه حاز أيضاً على إشادة كبيرة من الجمهور، والنقاد، بسبب حسه الفكاهى، وشخصياته المضحكة، بجانب القصة الجيدة، مما جعل الكثيرين يصفونه بأنه «الخليف المثالى»، وذلك لأنه يعد الجزء الثانى من فيلم «رالف المدمر»، الذى عرض عام 2012. وهو من إخراج «ريتش مور، وفيل جونستن». وتوزيع شركة «ديزنى». وقام بأداء الأصوات كل من: «جون سى. رايلى، سارة سيلفرمان، جال جادوت».
أما فى المرتبة الثالثة، فيأتى فيلم «Incredibles 2»، أو «الخارقون 2»، وهو الجزء الثانى من فيلم «الخارقون» الذى عرض عام 2004، وفاز بجائزة «أوسكار» لأفضل فيلم (تحريك)..وحصد الفيلم الجديد، والذى عرض فى 14 يونيو الماضى على مليار و121 مليون دولار، مقابل ميزانية بلغت 200 مليون دولار. ويتناول الجزء الجديد مهام الأم كبطلة خارقة، بعكس الجزء الأول، الذى ركز على مهام الأب. فتُرك (بوب بار) لكى يرعى ويهتم بالأطفال، بينما تذهب زوجته فى مهمة لإنقاذ العالم. الفيلم من تأليف، وإخراج «براد بيرد»، وإنتاج «جون واكر، ونيكول باراديس جريندل»، وتوزيع شركة «ديزنى». وقام بتجسيد الأصوات كل من: «كريج تى. نيلسون، هولى هنتر، سارة فاول، وهاك ميلنر».