لا صوت يعلو فوق صوت العندليب فى ذكرى رحيله.. ففى هذا اليوم يتجدد الحب ويتضاعف خلوده وشعبيته على ظلال أعماله الأسطورية ذكرى (حليم) التى يحييها عشاقه من أنحاء مصر والعالم العربى بين مقبرته بالبساتين وشقته بالزمالك تحولت هذا العام من أكبر من ذكرى سنوية يحتفل بها جمهوره وعشاقه إلى (مولد) سنوى وتبدلت مقبرته إلى (مقام) للطريقة العندليبية فى مشهد نادر الحدوث فى الأوساط الفنية. فمنذ الصباح الباكر الجميع يولى وجهه شطر مقبرة العندليب ومن جميع الأعمار أطفال وشباب وعجائز تستقبلهم أسرة عبدالحليم حافظ الممثلة فى ابن شقيقه محمد شبانة والحاجة زينب وابن الحاجة علية شقيقته الكبرى وزوجها المخرج محمد كمال الشناوى وتتوزع الأدوار فيما بينهم بين المقبرة وشقته بالزمالك وفى كل عام قصة ورواية، تصلح أن تكون من ألف ليلة وليلة. هذا العام شهد أكبر تجمع لعشاق إحياء ذكرى حليم منذ وفاته مما يعكس تأثيره وإيمان محبى الغناء برسالته وفنه، وفى الوقت الذى اقتصر حضور زملائه من الفنانين والمقربين له على عازف الأورج الشهير مجدى الحسينى الذى زار مقبرته والموسيقار الموجى الصغير نجل الموسيقار الكبير محمد الموجى الذى حرص على زيارة شقته، الأول اشتهر بعزفه خلف حليم أشهر أغنياته الأخيرة، أما الثانى فقد تذكر بداية شبابه وفى الشقة الشهيرة استعاد مشاهد حضوره مع والده أثناء بروفات أروع أعماله، خصوصا قصيدته الأخيرة قارئة الفنجان.. (الموجى) تذكر تفاصيل زياراته للعندليب الذى كان بمثابة أبيه الروحى وكأنها وقعت أمس مجددًا الحب والعشق للفنان العملاق. أما جمهوره فقد فاق كل تصور فى مشاهد تحتاج إلى تأمل ودراسة فمنهم من جاء يحمل باقات ورد ليضعها على قبره وآخرون جاءوا بعلب شيكولاتة لتوزيعها على عشاقه، ومنهم من أحضر أكواب المياه «ماجات» وتحمل صور العندليب و«تى شيرتات» مطبوعا عليها صوره.. أطفال وبنات فى عمر الزهور وشباب فى مقتبل العمر وسيدة عجوز من جمهوره ورجل بترت ساقاه ولم يمنع نفسه من الذهاب لقراءة الفاتحة على حليم. تمثال «حليم» الذى تحطم فى بلدته بالشرقية على أيدى قلة من جماعات الإخوان الذى نشرنا تفاصيله فى «روزاليوسف» وواقعة جثته التى لم تتحلل التى انفردنا بها منذ 10 سنوات كانا هما محل جدل واسع فى الذكرى ال38 وحديث عشاقه. أسرته بينما لم تتصد لإرهاب الإخوان فى «الحلوات» أعادت انفراد روزاليوسف من أسطورة جثته التى لم تتحلل وقررت تأمين مقبرته من خطر المياه الجوفية والمتطرفين وجددت المقبرة التى تحولت إلى «مقام» لعشاقه، ومولد سنوى لسيدنا «عبدالحليم حافظ» صاحب الطريقة العندليبية الخالدة، الذى فجرت ذكراه ال38 أكثر من مفاجأة بعد اجتماع عشاق له من جميع الأعمار فى واقعة لم تحدث فى تاريخ الغناء المصرى والعربى منها أن أغنياته كانت هى المتحدث الرسمى للقمة العربية التى شهدتها مصر فى نفس التوقيت وكلماته، رغم مرور 40 عامًا على إذاعتها جاءت منسجمة مع رسالة مصر ودورها العربى إلى جانب أن الذكرى أعلنت للمرة ال38 أن عرش حليم مازال شاغرًا لم يملأه أحد رغم حملات الهجوم والانتقادات والاتهامات الخبيثة للتقليل من أسطورته.. وفى النهاية وكما نؤكد فى هذا الملف أنه لم يحارب إلا نفسه للجلوس على العرش، هذا العرش الذى مازال شاغرًا.∎