حالة من التخبط أصابت «تحالف الإخوان» بعد «فيضان المبادرات» لإعادة التنظيم الإرهابى للساحة السياسية من جديد مقابل سحب القضايا الدولية المرفوعة ضد الجيش وعدم خوض الانتخابات الرئاسية لمدة دورتين رئاسيتين، وبعد أيام غامضة من التفاوض هاجمها الإخوان بوصفها «إسهال مبادرات» رغم أنها برعاية أمريكية على طريقة «يتمنعن وهن الراغبات» والتحالف عاد ليتمسك بعودة ما يسميها الشرعية! المبادرة أعدها قيادات التنظيم الإرهابى الهاربون خارج البلاد بعيدا عن قيادات التحالف وتم تسريبها لجس النبض قبل إقرارها، حيث تم صياغتها فى الدوحة تحت إشراف محمود حسين الأمين العام للتنظيم وباشتراك يحيى حامد وزير الاستثمار السابق والقيادى فى التنظيم ود. حمزة زوبع المتحدث الإعلامى باسم حزب الحرية والعدالة، وتم إرسالها إلى شباب الإخوان فى القاهرة عن طريق د. محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد السابق ووزير التنمية المحلية فى عهد المعزول، للاطلاع عليها ونقاشها وبحث إضافة أى مقترحات إليها أو حذف بعض فقراتها.
وقالت مصادر إخوانية إن المبادرة تم تسريبها عن طريق أحد المصادر المحسوبة على التحالف إلى لإعلام، وجار التحقيق فى الواقعة وبحث آليات جادة لعقاب من ارتكب ذلك خاصة أنها ليست المرة الأولى التى يتم تسريب بعض المستندات أو الخطط الخاصة بالتحالف لدعم الشرعية، وعلى الرغم من نفى قيادات الإخوان لها إلا أن أطرافًا داخلية فى التنظيم قالت ل«روزاليوسف»: (المبادرة كانت فى مرحلة النقاش الأولى ولم تكن بصورتها النهائية).
والاتفاق ينص على تخلى المعزول عن منصبه باعتراف إخوانى على أن يقوم بتفويض المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية الحالية ، مقابل رفع الحظر بشكل كامل عن الجمعيات والأحزاب الإسلامية بمختلف توجهاتها وإعادة مقراتها وإلغاء التحفظ على أموالها ومؤسساتها الخيرية والاقتصادية وعودة القنوات الفضائية التى تم وقفها عن العمل وتشكيل لجنة عاجلة وجادة ومستقلة من كل الطيف الوطنى لإنجاز مشروع العدالة الانتقالية، وتتعهد الأحزاب الإسلامية بشكل طوعى بعدم الدفع بأى مرشح من بين صفوفها لرئاسة الجمهورية لمدة دورتين رئاسيتين، وحتى تستقر البنية المؤسسية للدولة وتتعزز ثقافة الديمقراطية كممارسة تبعد أى شكوك أو مخاوف تهدد مسارها وسحب جميع القضايا المرفوعة فى المحاكم الدولية ضد المؤسسة العسكرية والقيادات الأمنية والسياسية الأخرى.
وقال «محمد رضوان» الكادر الشاب بتنظيم الإخوان الإرهابى إنه تم عقد مجموعة من الجلسات للنقاش حول المبادرة للاتفاق على الشكل النهائى المتوقع خروجها به إلى الرأى العام وإلى أجهزة الدولة، ولكن تم تسريبها بشكل خاطئ إلى الإعلام والذى قام بدوره بنشرها ناقصة غير مكتملة.
وأشار إلى أن تسريب الخطط الخاصة بالإخوان ومقترحات التحالف تكرر فى الوقت السابق كثيرا وجار التحقيق حاليا مع المسئول عن تلك التسريبات واتخاذ الإجراء اللازم تجاهه.
من جانبه نفى د. «مجدى قرقر» القيادى فى تحالف ما يسمى بدعم الشرعية طرح أى مبادرات سياسية فى الوقت الحالى، موضحا أنهم لا يعرفون أى تفاصيل عن هذه المبادرات، وأكد ثبات موقف التحالف على المبادئ والأهداف المتفق عليها بين أعضائه وأنه لا حل للأزمة إلا بعودة الشرعية الدستورية والقانونية كاملة، واحترام إرادة الشعب ومحاكمة كل متورط فى سفك دماء المصريين والاستهانة بحياتهم وعودة الدستور والمجالس المنتخبة التى جاءت بإرادة حرة نزيهة، وفق ما هذى به!
من جانبه قال د. وحيد عبدالمجيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن مبادرات الإخوان التى يتم طرحها تباعا خلال الفترة السابقة ما هى سوى محاولة من التنظيم لجس نبض الدولة حول مواقفها من قبول التفاوض مع الإخوان أو لا وأن الجماعة تحاول التكيف مع الواقع السياسى وقبوله فى إطار من المصالحة بينها وبين الدولة، وقلل عبدالمجيد من أهمية مبادرات الإخوان مادامت لا تتم فى إطار من المراجعات الفكرية للتنظيم وقناعاته الأيديولوجية التى قام عليها منذ عشرينيات القرن الماضى وعلاقة التنظيم بحدود الدولة ومراجعاتهم الخاصة بالتنظيم الدولى.
وتزامن ذلك مع الانتقادات الواسعة التى طاردت مبادرة حسن نافعة للمصالحة مع الإخوان تحت شعار إنقاذ الوطن رغم أنها فى حقيقة الأمر إنقاذ للإخوان والأمريكان فقط، فيما أجمعت القوى السياسية الوطنية على أن هذه الخطوة تعتبر قبولا واضحا بالإرهاب، وشدد على أن الدولة لن تركع فى مواجهة الإرهاب، ومن جانبها قالت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية: المبادرة هى نفس ما قدمه أحمد كمال أبو المجد، فى محاولات مشبوهة لتركيع الدولة المصرية، وهى نفس مطلب أمريكا بأن تبقى الإخوان فى المشهد السياسى.
هشام النجار الباحث الإسلامى قال لنا إن حديث الجماعة الإرهابية عن هذه المبادرات المشبوهة معناه البحث عن حل لأزمة التنظيم وقياداته، ومحمد مرسى وليس أزمة الوطن، وإلا فما معنى هذه التنازلات المؤلمة بالنسبة لهم؟ ولماذا لم يقدموها قبل تدهور الأوضاع وسقوط مزيد من الضحايا وتعريض أمن مصر القومى للخطر؟
عصام الشريف منسق الجبهة الحرة للتغيير السلمى أكد أنه لم يتلق اتصالات حتى الآن من الإخوان، أو الأفراد التابعين للتحالف الداعم لهم، للدعوة للمصالحة، معتبرًا أنه بعد فشل الإخوان فى حشد الجماهير فى 25 يناير، بدأت قواعد التنظيم تفقد الثقة فى القيادات، وتراجع موقفها من ممارسات الجماعة، وتعلن اعترافها بشرعية 30 يونيو.. ولفت «الشريف» إلى ترحيبه بكل من يعتذر عن العنف ويدينه ويعود إلى الصف الوطنى، مشددًا على إيمانه بالمصالحة المجتمعية، ولكنه يرفض أى مصالحة سياسية مع هذا التنظيم الإرهابى.
وقال حسام عقل - رئيس حزب «البديل الحضارى» وعضو تحالف دعم الإخوان - إن التحالف سيبحث مبادرة للصلح مع النظام الحالى، ووصفها بأنها «مبادرة الفرصة الأخيرة»، مشيرًا إلى أنها تقوم على أساس الاعتراف بثورة 30 يونيو، وأضاف عقل: «هذه المبادرة شديدة الواقعية، وتقرب المسافات بين طرفى الصراع وأتصور أن الطرفين أخطآ خلال الفترة الأخيرة، ولابد من الجلوس على مائدة التفاوض، بعد كل هذه الدماء، وتدهور الاقتصاد»، وتابع: «هذه المبادرة تقوم على أساس الاعتراف بما حدث يوم 30 يونيو بمصر، وتعويض ضحايا جميع الأحداث الأخيرة».. وهى المبادرة التى هاجمها التحالف وتبرأ منها!
فيما واصلت تركيا تدخلها فى الشأن المصرى واستضافت على مدار 4 أيام المؤتمر الأول ل«رابطة علماء أهل السنة» أحد أفرع التنظيم الدولى للإخوان بمشاركة القيادى جمال عبدالستار المتواجد على أرضها عقب فض «رابعة»، المؤتمر بعنوان «نظرات فى السياسة الشرعية فى ضوء المستجدات الراهنة» وتناول حق الأمة فى تعيين الحاكم وعزله والاحتجاجات السلمية، وأحكامها فى الشريعة الإسلامية وموقف العلماء وأثرهم فى مسيرة الربيع العربى.
ومنحت هذه التوصيات غطاء شرعيًا لأعمال العنف التى تمارسها الجماعة الإرهابية، مشيرة إلى أن «من خرج على حاكم شرعى مختار من الأمة، فهو مفتئت على الشرع، باغ على حق الأمة؛ مصادر لإرادتها، ويجب شرعًا مواجهته والتصدى له بكل الوسائل المشروعة حتى يرجع عن غيه».
د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر رد على هذه التخاريف بقوله إن الحديث عن عدم الخروج عن الحاكم بمقتضى الشرع، واجب فى حالة أن الحاكم يكون عادلا ويخرج عليه البعض، أما ما حدث مع المعزول لم يكن خروجا على الحاكم بل كان خروجا على الظلم والقهر وأخونة الدولة بل وأخونة الإسلام نفسه.