وسط أجواء ساخنة من الشد والجذب، انتهت بلقاء وزير الدفاع «الفريق أول عبدالفتاح السيسى» ورئيس الجمهورية.. «د. محمد مرسى» أمس الأول «الخميس»، لبحث الأوضاع على الحدود المصرية، يمكننا الإعلان عن انتهاء شهر العسل بين جماعة الإخوان وفرعها فى غزة المعروفة باسم حركة «حماس»، إذ قضت تحركات الجيش على تواصل هذه الأحلام وقرر قطع حلقة الوصل بين الجانبين وإغلاق جميع الأنفاق لتكون بمثابة «الحركة الكاشفة» عن العلاقة الآثمة بين الجماعة وحماس على حساب الشعب المصرى وأمنه القومى، إذ كانت حماس قد استطاعت أن تجعل من الأنفاق الحدودية بوابة للعبور بين الجانبين بدون ضابط أو رابط! لكن كيف تأثرت العلاقة بين الجماعة والحركة منذ قيام الثورة حتى الآن؟.. وكيف بدأ التأثر فى أعقاب الثورة السورية بعد أن أغلقت السلطات السورية مكتب خالد مشعل فى دمشق؟.. فهذا ما ستكتشفه خلال السطور التالية.
يقول د. سمير غطاس مدير مركز مقدس للدراسات أن الإخوان بشقيهم فى القاهرةوغزة كنا نراه فى الأساس نتيجة للخلافات مع الجيش المصرى، بعد قرار إغلاق الأنفاق وإغراقها بالمياه.. إلا أن قرار الجيش جاء بعد أن زادت التدخلات الحمساوية فى مصر بشكل يؤثر بالسلب على الأمن القومى المصرى.
ويضيف: قرار الجيش بإغلاق الأنفاق صدر فى أعقاب عملية اغتيال 16 جنديا على الحدود فى شهر رمضان الماضى، ووقتها صدر بيان من الجيش جاء فيه قرار إغلاق الأنفاق، لكن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية قال: لا يوجد قرار سياسى بإغلاق الأنفاق، وحدثت بعدها عدة تغييرات داخل القوات المسلحة بإقالة المشير طنطاوى وتعيين وزير دفاع جديد، وهدأت مسألة هدم الأنفاق.
لكن المؤسسة العسكرية - والقول لغطاس - كان لديها علم بعدة تحركات تجرى على الحدود، لذلك اتخذت قرارها بإغلاق الأنفاق بعيدا عن مؤسسة الرئاسة وحاول الإخوان بعدها تخفيف حدة الخلاف مع حماس فسربوا شائعة إقالة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وبعد الغضبة التى أبداها الجيش تراجع الإخوان وألصقوها بروسيا.
مدير مركز مقدس للدراسات أشار فى مجمل قراءاته للأحداث إلى أن الجيش رصد عدة أمور تجرى على الحدود أولها ضبط كميات كبيرة من الأسلحة تدخل عبر الحدود، بالإضافة إلى مجموعات من حركة حماس تمر عبر الأنفاق دون مراقبة، فضلا عن «شيك» بمبلغ 250 ألف دولار تم تسريبه، حيث أرسلته قطر إلى خالد مشعل لقيام عدد من عناصر الحركة بحماية الرئيس محمد مرسى ومساعدته قبل مرور الذكرى الثانية على ثورة يناير وتدعيم حكمه ضد التيارات السياسية التى تريد إسقاط حكم المرشد.
وفى سياق متصل رصد الجيش حوالى 500 عنصر من عناصر كتائب القسام دخلوا عبر الأنفاق وجرى استضافتهم فى بعض محافظات الدلتا للمساعدة أيضا فى تدعيم أركان النظام، ولم يتوقف الأمر على احتفالات الذكرى الثانية للثورة، بل امتدت إلى حكم قضية أولتراس التى أدت إلى استشهاد 42 من أبناء بورسعيد ثبت أن الرصاص الذى أطلق عليهم لا يستخدمه الجيش ولا الشرطة المصرية، وكان من نفس عيار الرصاص الذى أطلق على شهداء حادث الحدود.
وآخر هذه الدلائل: الرسائل التى تم ضبطها على هاتف حارس المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد ويطلب فيها كميات من الأسلحة من حركة «حماس» بعدها تأكد الجيش من خطورة الأنفاق وقرر إغلاقها، مما أغضب الحركة.
ربما لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل إن دكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للشئون الخارجية قال: إن مصر لن تتسامح مع تدفق الأسلحة المهربة من قطاع غزة وإليه، حيث يؤدى ذلك إلى زعزعة الاستقرار فى سيناء، موضحا سبب إغلاق القوات المسلحة للأنفاق.
وأضاف الحداد لرويترز: نحن لا نريد أن نرى هذه الأنفاق تستخدم كسبل غير مشروعة للتهريب سواء الأشخاص أو الأسلحة التى يمكن أن تلحق ضررا فعليا بالأمن المصرى وإن قبضة إسرائيل على قطاع غزة تراخت بصورة كبيرة بعد الاتفاق الذى توسطت فيه مصر، وأنهى القتال بين إسرائيل وحركة حماس فى نوفمبر، وخففت مصر القيود الحدودية للسماح بدخول مواد البناء وخاصة من قطر.
وتابع الحداد: الآن يمكننا القول إن الحدود مفتوحة إلى حد جيد، ولايزال من الممكن تحسين ذلك، إذ سيسمح بدخول احتياجات شعب غزة، وسمح بدخول مواد البناء للمرة الأولى.
وعلى الجانب الآخر لا نود أن نرى تهريب أسلحة عبر هذه الأنفاق سواء إلى مصر أو منها بسبب ما نراه الآن فى سيناء، ولقد ضبطنا بالفعل فى أنحاء مصر أسلحة ثقيلة يمكن استخدامها بطريقة خطيرة جدا.
سبق هذه الإجراءات رفض الأجهزة الأمنية طلبا من جماعة الإخوان المسلمين لإقامة مكتب لحماس فى القاهرة بناء على طلب الحركة بعد إغلاق مكاتبها فى دمشق وأكد مصدر أمنى فى تصريحات إعلامية أن الأجهزة الأمنية تضع اعتبارات الأمن القومى لمصر فى المقام الأول.. وإن إقامة ذلك المكتب فى وقت تعيش فيه مصر اضطرابات أمنية وسياسية يمكن أن يؤدى إلى مشاكل تؤدى إلى مزيد من الاضطرابات.
وبعد توافر المعلومات عن وجود معسكرات تدريب للغزاوية فى شمال سيناء يمكن من خلالها تحويل سيناء إلى ساحة حرب، وأشار نفس المصدر إلى أن تلك المعسكرات تتبع «جماعة أنصار الجهاد» فى سيناء ذات الصلة بجيش «جلجلة وجند محمد وجند الإسلام والتوحيد والجهاد».
وكان عبدالجليل الشرنوبى رئيس تحرير إخوان أون لاين السابق قد كشف أن مصادر بمكتب الإرشاد أبلغته أن مروان عيسى رئيس كتائب عزالدين القسام نسق مع الجماعة لإدخال 3 مجموعات من أعضاء وجنود القسام إلى سيناء للمشاركة فى ضبط الوضع الأمنى فى البلاد.
فى السياق ذاته أكد نبيل نعيم القيادى البارز بمجموعة الجهاد أن جماعة الإخوان المسلمين استعانت بقرابة ال 200 مقاتل من حركة حماس لترويع التيارات الأخرى.
ثانى هذه الأسباب هو الصمت الإخوانى ضد طرد السلطات البلغارية لثلاثة من نواب حركته فى المجلس التشريعى الفلسطينى باعتبار أن هذه إهانة للشعب الفلسطينى باعتبارهم ممثلين له.
أما ثالث أسباب الخلافات فهو قيام نيابة الثورة بالتحقيق فى بلاغات تم تقديمها من بعض النشطاء السياسيين اتهموا فيها جماعة الإخوان وحركة حماس بالمسئولية عن قتل الثوار خلال ثورة يناير، والأحداث التى تلتها، مما اعتبرتها الحركة بداية لتوريطهم أو كشف تورطهم فى الأحداث.
حماس ترى أنها لم تتأخر فى تقديم كل ما تطلبه الجماعة سواء بوقف الهجمات على إسرائيل أو تخفيف الصراع مع الرئيس أبومازن وحركة فتح أو تقديم تنازلات من أجل إتمام المصلحة بين مختلف الفصائل، وفى المقابل تقوم جماعة الإخوان التى تدير البلاد حاليا بتجفيف منابع الحركة وإغلاق الأنفاق التى تعتبر اقتصادا موازيا وشريانا يغذى أهل القطاع بما يحتاجونه.
وترى الجماعة أن اللقاءات التى عقدها قياداتها سواء خالد مشعل رئيس المكتب السياسى للحركة أو موسى أبومرزوق نائب الرئيس أو أحمد الجعبرى قبل استشهاده مع المرشد العام للجماعة لم تكن تؤدى إلى هذه النتائج بأى حال.
ويعلق إبراهيم الدراوى مدير مركز الدراسات الفلسطينية بالقاهرة قائلا: إن هذا الخلاف متداول وفيه لغط كبير، لكن لا توجد معلومات حول هذا الموضوع بالشكل الكامل، الذى يتيح لنا تحليله التنبؤ بالتحركات القادمة لكلا الطرفين «حماس والإخوان».