بمناسبة يوم المرأة العالمي وفي السادس من مارس بدأت في تونس العاصمة أعمال ندوة (صورة المرأة العربية في كتابتها) التي نظمها اتحاد الكتاب التونسيين تحت إشراف السيدة ليلي بن علي حرم رئيس الجمهورية التونسية ورئيس منظمة المرأة العربية. بدأت الندوة بكلمة للشاعرة جميلة الماجري رئيسة اتحاد الكتاب التونسيين قالت فيها (المرأة العربية سليلة الخنساء وولادة هل أنصفها النقد؟ هل تجاوز النظر إليها كسلعة؟ لماذا نكاد نجزم أن النقد لا يبحث إلا عن صورة المرأة في كتابات الرجل؟ هذه المرأة العربية التي قالت الشعر وبرزت فيه منذ أكثر من أربعة عشر قرنا وتمرست بكل أشكال الكتابة شعرا أو سردا، ألم يحن الوقت لننظر في الصورة التي قدمتها المرأة عن المرأة عن ذاتها أو عن الذات المشتهاة التي باشرت نحتها طيلة قرن من التحولات الكونية. وتضيف الماجري سؤالا لماذا ما فتئ النقد يتهم المرأة الكاتبة بالذاتية المفرطة وعدم الانعتاق من قضاياها الأنثوية أو النسوية الضيقة؟ وسؤال آخر هل كسرت الكاتبة العربية هذا الطوق وبرهنت علي مقدرتها علي الخوض في قضايا الإنسان والكون؟ هذه المرأة التي غيب صوتها وقبر أدبها أما آن الأوان في هذا العصر الحديث لوقفة تقيم فيها الصورة التي قدمتها بقلمها لا بقلم الرجل وتري في مرآتها لا مرآة الرجل. هذه الندوة والتي تستمر ثلاثة أيام وتنتهي يوم الثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة تناقش هذه الأسئلة وتقدم الإجابات عليها عبر مجموعة من الأوراق والشهادات من كاتبات وأديبات وناقدات من مختلف بلدان الوطن العربي وأيضا كتاب ونقاد. . شارك من مصر الدكتور أحمد درويش أستاذ النقد الأدبي والأدب المقارن بكلمة عنوانها صورة المرأة التاريخية في كتابات المرأة المعاصرة والشاعر أحمد الشهاوي بورقة عنوانها (الشاعر مفكرا في المرأة مثالا وخيالا وموضوعا، صورة وهاجسا وسؤالا أبديا). كما شاركت هالة فهمي وإيمان بكري بشهادتين. علي جانب الندوة التقيت بالشاعر والكاتب أحمد الشهاوي لأوجه إليه سؤالا حول ورقته البحثية فامتد بنا الحوار إلي أحوال المرأة العربية والشعر العربي والأدب. قلت له ألا تعتقد أن الورقة التي قدمتها تطرح موضوعا مختلفا عن موضوع المؤتمر؟ فأجاب: الورقة التي قدمتها هي محاولة لتقصي صورة المرأة العربية في تاريخ الشعر العربي منذ الجاهلية إلي يومنا هذا والمدهش أن المرأة في الشعر الجاهلي كانت قد وصلت إلي ذروة القداسة والألوهية مقارنة بكل العصور، أما المرأة في الشعر الحديث فهي "مدنسة" ينظر إليها شهوانيا وجسدنيا وذلك يعود إلي تسعمائة سنة من الصورة التي رسخها الشعراء في العصرين الأموي والعباسي. واستمرت صورة المرأة نمطية جسد وشهوة وأرض متعة وحرث للشاعر بما في ذلك المتنبي رغم مكانته الكبيرة، وما عدا ذلك استثناءات قليلة. وجيل السبعينيات في مصر رسخ فكرة أن تكون المرأة معبرا لكتابة قصيدة. أسأل الشهاوي عن المرأة في كتابات المرأة وهي موضوع المؤتمر فقال: أطمح أن أري الشاعرة العربية مستقلة عن الشاعر قبل أن أموت. إنها تضع النص الشعري للرجل أمامها رغم أنها نفسيا وبيولوجيا مختلفة ولديها إمكانات وطاقات يمكنها أن تقدم أخيلة ولغة جديدة عن الشعر المطروح. لكنها نفسيا مازالت تابعة. في اللاشعور هي مازالت تابعة وتالية. أعلق: لكن هذا الرأي بالتأكيد لا ينطبق علي إنتاج الروائيات العربيات أو الأديبات؟ قال: بل ينطبق.. أنا أعتبر أن رجاء عالم هي أعظم كاتب سعودي علي الإطلاق، لكن مع ذلك ورغم التفرد عندها النموذج الذكر، وخاصة التراثي. ويعود الشهاوي ليؤكد أحلم بيوم يتبع فيه الرجال شاعرة أو روائية فيما أنجزت أو ابتكرت. كما أحلم بأن يتم رصد حقيقي للجوانب الجمالية والانفرادات في شعر الشاعرات العربيات. يؤكد الشهاوي: توجد عشرات الأطروحات الأكاديمية عن شعر نازك الملائكة وملك عبدالعزيز وفدوي طوقان لكن كلها بلا رصد لجوانب التفرد ودرجات التقدم. يلح علي ذهني سؤال يقول الشهاوي لم أجد إجابة له حتي في هذا الملتقي، تري هل الإضافات الحقيقية التي قدمتها الشاعرة العربية قدمتها بلغة مختلفة عن العربية.. الفرنسية مثلا؟!، الشاعرة جويس منصور مثلا؟!. وإذا كان هذا صحيحا فما علاقة ذلك بالواقع الاجتماعي للمرأة العربية؟! قلت للشاعر: ألا تخشي أن يثير هذا الرأي عاصفة من الهجوم النسائي الأدبي عليك؟ قال ضاحكا: زوجتي أكاديمية بجانب أنها روائية (زوجته هي الأديبة ميرال الطحاوي) ودارت بيننا مناقشات كثيرة حول هذا الرأي الذي نختلف عليه ومازلنا نناقش الأمر بيننا بشكل موضوعي.