لم تستطع خراطيم المياه أن تطفئ النيران التى اشتعلت فى مبنى هيئة الطرق والكبارى رغم قوة اندفاعها لأنها كانت موجهة لتفريق الثوار أكثر من ساعتين والجنود يرشون المياه دون جدوى، لا الثوار تفرقوا ولا النيران انطفأت بعدها تفرغ المجلس العسكرى لإعداد شرائط الفيديو التى يحاول من خلالها أن يثبت أن الشرطة العسكرية لم تبدأ بالهجوم صحيح أن الفيديو الذى عرض مع البيان وقعت أحداثه فى عز النهار والشمس طالعة، وصحيح أن الأحداث بدأت قبل الفجر بطحن الشاب عبودى الذى لم نعرف حتى الآن ماذا فعل بالضبط، لكن المهم أن الفيديو تصوير خاص بالقوات المسلحة كما جاء فى البيان وعندها منه كتير، ولسه يا ما هنشوف.. والحقيقة التى أريد أن أنقلها إلى المجلس »عشان مش واخد باله« هى أن من بدأ الهجوم ليس هو السؤال المهم الآن ولكن من بيده أن يوقف هذه المهزلة؟ أطفئوا النيران قبل أن تبحثوا عمن أشعلها مش كده ولا إيه؟ عندما اشتعلت النيران فى مبنى هيئة الطرق والكبارى بدأ الصراخ فى كل البرامج التليفزيونية لأن المعلومة التى وصلت إليهم أن المبنى الذى يحترق هو المجمع العلمى، وقت طويل والبرامج تستقبل الاتصالات التى ترجو سيارات الإطفاء سرعة التدخل لإخماد الحريق قبل أن تلتهم النيران تاريخ مصر منذ أكثر من قرنين. وفجأة اكتشف الجميع أن الحريق ليس فى المجمع العلمى وإنما فى هيئة الطرق والكبارى فهدأوا وابتلعوا ريقهم وحمدوا الله باعتبار أن قضا أخف من قضا. بعد ساعات اشتعل مبنى المجمع العلمى بالفعل .. صدفة غريبة لكن عادى ما أكثر المصادفات فى حياتنا المشكلة أن سيارات المطافئ تأخرت وخراطيم المياه توقفت ثم بدأ الثوار دخول المبنى ومحاولة إنقاذ الكتب والوثائق، خرجوا بها وسلموها إلى الضباط والجنود الذين لم يعرفوا ماذا يفعلون فألقوا بها على الأرض! اشتعال مبنى المجمع بدأ باعتلاء بعض الجنود- أو مش الجنود- للسطح وإلقاء الحجارة وكسر الرخام على المتظاهرين الذين ردوا كما يقول المجلس بالمولوتوف الذى تسبب فى الحريق وكنت قد سمعت فى أحد البرامج عضواً بالمجمع العلمى يؤكد أنه ذهب ليلا للاطمئنان على المجمع عندما سرت شائعة احتراقه فوجد عليه حراسة كافية فعاد إلى بيته.. أين ذهبت هذه الحراسة تفتكروا أنهم من صعد إلى السطح لرشق المتظاهرين جايز آه وجايز لأ ولكن ما يدهشنى حقا هو خلو هذا المبنى من أى وسائل للدفاع المدنى، مكان له هذه الأهمية وبه هذا الكم من الكتب والوثائق والأوراق المخزنة فى أرفف خشبية سريعة الاشتعال هل يعقل أن يخلو من وسائل لإطفاء الحريق، وتركه حراسه وتأخرت المطافئ وهرب كل من كانوا فوق سطحه وتركوه ليحترق.. إخص عليكم يا ثوار! بعد أن قرر د.كمال الجنزورى أن يعاقبنا على أحداث شارع القصر العينى بإلغاء بناء كوبرى، ووقف حفر نفق، وتأجيل وضع حد أقصى للأجور أصدر بيانه الأول على الأحداث وأعرب سيادته عن بالغ أسفه وعميق استنكاره.. الأسف والاستنكار ليس بسبب سقوط الشهداء الذين سماهم ضحايا ولكن لاحتراق مبنى المجمع العلمى وتعمد إضرام النيران به من جانب المتظاهرين دون أدنى إحساس وطنى، يا دكتور كمال الجميع يأسف لاحتراق المبنى وأولنا الثوار الذين دخلوا بشجاعة وبإحساس وطنى هائل وسط النيران لينقذوا الكتب فى الوقت الذى وقفت فيه المطافئ على بعد أمتار قليلة تنتظر الأوامر ويا دكتور جنزورى كيف تصدر حكما بأن المتظاهرين هم من أضرموا النيران دون انتظار لنتائج تحقيقات النيابة! يا دكتور كمال أعتقد أن دخولك إلى مكتبك فى مبنى رئاسة الوزراء قد اقترب بعد أن تم تفريق المعتصمين ولكن للأسف طريق مفروش بجثث الشهداء. بدأت النيابة العامة تحقيقها الموسع فى أحداث مجلس الوزراء لسرعة كشف ملابسات ما حدث وبالطبع هذا سيؤجل التحقيقات التى لم تنته بعد للبحث عن ملابسات أحداث محمد محمود، صحيح أن تحقيقات محمد محمود جاءت على حساب تحقيقات ماسبيرو وصحيح أننا لم نعرف ماذا حدث فى تحقيقات البالون والسفارة الإسرائيلية بسبب انشغال السادة النواب فى تحقيقات أحداث العباسية لكن ولا يهمكوا! طولة البال تنول الأمل المهم أن تكون نيران مجلس الوزراء آخر الحرائق.. يارب.