مع بدايات فصل الخريف وقرب حلول فصل الشتاء، يشعر الكثيرون بحدوث تغييرات فى حياته، بداية من قلة عدد ساعات النهار مقابل طول ساعات الليل، وتغيرات الساعة البيولوجية لأجسامنا، ما يضعنا فى حالة نفسية مختلفة، وهو ما يجعل البعض يصاب ب«الاكتئاب الموسمى» فى بعض الأحيان. تحدثنا إلى عدد من استشاريى الصحة النفسية، ليضعوا روشتة خاصة للتهيئة النفسية لاستقبال فصلى الخريف والشتاء بشكل آمن، ومعرفة أهم طرق التغلب على التغيرات المزاجية فى الفصلين وكيفية مواجهة الاكتئاب الموسمى. وقالت د. إيمان سرور استشارى الطب النفسى ل«صباح الخير» إن هناك دولًا يكون فصل الشتاء فيها صعبًا للغاية مقارنة بمصر، حيث يكون التعرض للشمس فى تلك البلدان صعبًا للغاية نظرًا لغيوم الجو أغلب الأوقات. وتابعت: هناك الكثير من الأشخاص حول العالم يعانون من التغيرات المزاجية بسبب تغيير الفصول، لذلك يجب علينا أن نستمتع أغلب الوقت بضوء وأشعة الشمس، وأن يستمد كل شخص منا طاقته الإيجابية التى يحتاجها من الشمس وأشعتها، حتى يتماسك نفسيًا خلال تلك الأيام. وأوضحت أن نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء هو أكثر الأوقات التى يحدث فيها تغيرات فى المزاج عند الأشخاص، وهو ما يصيب البعض ب«الاكتئاب الموسمى»، لذلك يجب أن يشحن كل شخص نفسه بطاقة إيجابية من خلال التعرض المكثف لأشعة الشمس حيث إن تلك التغيرات لها علاقة بكمية الضوء التى يتعرض لها الإنسان، فالتعرض لفترات طويلة للضوء يستخدم فى علاج الكثير من الحالات المرضية فيما يسمى ب«العلاج بالضوء» وخصوصًا بالنسبة للحالات التى تعانى من الاكتئاب الموسمى. وأشارت «سرور» إلى أنه خلال تلك الأيام يجب تجنب الإصابة بالاكتئاب الموسمى، من خلال شغل النفس بكل ما هو مفيد ومحبب لها وممارسة الأنشطة المفضلة والأشياء التى تستحوذ على اهتمامنا لرفع الروح المعنوية وتنمية الشعور الإيجابى بداخلنا، حتى لا نترك أنفسنا عرضة للفراغ والكسل على الإطلاق. وأضافت أنه خلال تغييرات الفصول لا يمكن اعتبار الشعور بعدم الارتياح نوعًا من الإصابة بالاكتئاب الموسمى، بل هو يعد نوعًا من الاستقبال البائس للخريف والشتاء نتيجة قلة ضوء الشمس المعتاد عليه فى فصل الصيف. وأكدت أن الاكتئاب الموسمى مختلف تمامًا عن الاكتئاب المرضى المعروف، ويمكن التمييز بينهما بسهولة، فالاكتئاب الموسمى فيه ينام الشخص لساعات طويلة ويأكل كثيرًا، أما الاكتئاب العادى ففيه يكون نوم الشخص وطعامه قليلًا. من جانبه قال د. جمال محمد فرويز استشارى الطب النفسي: بداية الخريف يشعر الكثير منا بحالة من تعسر المزاج، وهذا لا يعنى أننا نعانى من حالة اكتئاب موسمى، بل هى مشاعر عادية تستمر لفترة قليلة من الزمن قد تصل من أسبوع إلى 10 أيام متواصلة، وفى تلك الحالة يجب علينا البعد التام عن الضغوطات والتحدث إلى أشخاص نثق فيهم ونسعد بهم والذهاب إلى الأماكن والتجمعات المفضلة لدينا، وكذلك تناول الأكلات والحلوى المفضلة والشيكولاتة وغيرها، فتلك الفترة تكون عارضة فى حياتنا، ولكن هناك بعض الأشخاص يكونون عرضة للإصابة بالاكتئاب الموسمى ويتأثرون بشكل كبير بتغير الفصول. وأوضح أن جميع الأمراض النفسية تتأثر بشكل كبير مع تغيير الفصول، حيث إن هناك علاقة ما بين الجلد والأمراض النفسية وبين تغيير الفصول، وذلك لأن هرمون السعادة «السيروتونين» يتم إفرازه داخل جسم الإنسان بنسبة 70 % من الجهاز الهضمى، و30 % من الجلد والذى بالطبع يتأثر بالبرودة والحرارة، فمع البرودة العالية يقل السيروتونين ومع الحرارة العالية يزيد السيروتونين، وهو ما يفسر حدوث نوبات النشاط فى فصل الربيع، وحدوث نوبات الاكتئاب فى فصل الشتاء، وأحيانًا يحدث العكس لكن بنسبة قليلة. من جانبه ركّز الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، على ضرورة ممارسة الرياضة، والأنشطة الجماعية والتعرض الكافى لأشعة الشمس وتناول الوجبات المليئة بالفيتامينات والأملاح المعدنية، ك«روشته» للعبور من تغييرات الفصول بشكل آمن وفعال. وأوضح «هندى» أن الاكتئاب الموسمى أو الاكتئاب الفصولى هو أحد الاضطرابات العاطفية الموسمية التى تحدث فى فصل الخريف والشتاء وينتهى بقدوم فصل الربيع، وفيه ينتاب الإنسان حالة من الكآبة والعزلة، حيث تحدث مجموعة من التغييرات الفسيولوجية المرتبطة بكيمياء المخ والتى تكون بدورها مرتبطة بكمية التعرض للضوء النابع من الشمس، فتصل بالإنسان إلى تلك الحالة، حيث إنه كلما قل ضوء الشمس وقل التعرض له، يقل «هرمون السيروتونين» الموجود بجسم الإنسان والمسئول عن حالة السعادة لديه. وأكد على أن النساء هم أكثر الفئات عرضة للاكتئاب الموسمى مقارنة بالرجال بنسبة (4 : 1)، كما أن الإصابة بالاكتئاب الموسمى تكثر من سن 20 عامًا وحتى بداية الخمسينيات حيث تقل فرص الإصابة بالمرض لمن هم فى سن أكبر من ال50 عامًا. وتابع أن من ضمن الأسباب للعزوف عن التعايش مع فصل الخريف والشتاء، هو بعض الحكايات الراسخة لدينا والصورة الذهنية غير الصحيحة تجاه الخريف والشتاء. ونصح «هندى» بضرورة الاعتماد على السلوكيات التى تعزز من الإقبال على الحياة والتعرض الكافى للضوء وأشعة الشمس والاستماع للموسيقى وتحفيز الشعور بالاسترخاء وممارسة الأنشطة الاجتماعية والانخراط بين الناس وممارسة النشاط الرياضى المنتظم من أجل الاستمتاع بفصلى الخريف والشتاء واستقبالهم بشكل آمن وهادئ.