ثلاثون عام من الصمت الشعبى . الصمت السياسى . الصمت الابداعى . على مدار اعوام ظل المسرح المصرى يخطو الى الامام خطوة و الى الوراء خطوة . حائر بين اعماله القوية و اعماله السطحية . اهدافه الابداعية و الاخرى التجارية . يواجه . يسعى جاهدا للتغلب على جميع الصعاب و النتيجة غياب مسرح الدولة و سيطرة القطاع الخاص لتحقيق ارباحه المادية . جاءت ثورة 25 يناير . لتعيد الروح من جديد فى مسرح الدولة، فها هم كبار مبدعيه يستيقظون على واقع حافل بالقضايا و المشاعر، حافل بالحرية فى التعبير، فى البحث عن الاسباب و العلل، فى الغوص فى حياة بشر اثروا و تأثروا بثورة شعب، واقع ينبغى على المسرح « ابو الفنون « ان يواكبه .. بداية حقيقية .. قواعد العشق الاربعون . يوم ان قتلوا الغناء . ليلة من الف ليلة . المحروسة و المحروس . سلقط فى ملقط . الابرياء . سندريلا . عيون جاهين . ورد الجناين . الانسان الطيب . جميلة . ابداع بلا حدود . كانوا هواة . فاصبحوا نجوما على خشبة المسرح . الجميع يشيد بتجربتهم . اداءهم . اصرارهم على تقديم عمل يجمع بين القيمة الجمالية « عناصر المشاهدة « و القيمة الدلالية «الرسالة» . رغبتهم القوية فى جذب جماهير المسرح بمختلف الاعمار و الاذواق .. لغة مسرحية على درجة عالية من الجودة . يشهدها مسرح الدولة اليوم . لظروف سياسية . اجتماعية . اقتصادية . غابت شمسه و لكنها عادت لتشرق من جديد . و بفضل تضافر معايير الجودة و التوسع فى تقديم العروض المسرحية الشابة . عاد مسرح الدولة لسابق عهده، ساطع الاضواء . يحفل باقوى العروض المسرحية .. يوم ان قتلوا الغناء .. احد اشهر عروض مسرح الطليعة التى نجحت فى تحقيق جماهيرية منذ افتتاحها . افضل عرض مسرحى ضمن الدورة العاشرة للمهرجان القومى للمسرح . يوم ان قتلوا الغناء من بطولة طارق صبرى، هند عبد الحليم .. تدور احداث العرض حول ذلك الطفل، الذى تقتل والدته . ذنبها الوحيد الغناء . يحصل الحاكم على الطفل . يتولى تربيته . ليصبح الهاً للقتل . من هنا تتصاعد الاحداث و يتصاعد الصراع الداخلى للفنان الشاب طارق صبرى الذى اكد :» دور مختلف، لم يسبق لى تجسيده، شخصية ايروس، التى فرضت على اثناء التحضير من اجلها الاعتماد بشكل كبير على التركيبة النفسية .. و يواصل :» صوت امى لا يزال فى اذنى . انصت اليه و هى تغنى لى صغيرا . صراع داخلى . يقيدنى . انه حقا دورا فى غاية الصعوبة . تركيبة تمثيلية مختلفة . اعتمادها الرئيسى على الاحساس الصادق للممثل .. هكذا نجح العرض المسرحى فى تحقيق المعادلة الصعبة . حيث القيمة الجمالية و القيمة الدلالية . نجاح لم يكن فى حسبان احد من ابطاله الشباب . نجاح قال عنه الفنان الشاب طارق صبرى :» فاق توقعاتى . و ان كان هذا لا صلة له بثقتى فى قيمة العرض و جودة الورق المكتوب و اخراجه المتقن، فالعرض بجميع عناصره يستحق النجاح الذى حققه من ديكور، ازياء، و صورة، الحمدلله تركيز و مجهود جميع فريق عمل العرض لم يذهب هباءا، و الدليل اعجاب و رضا الجمهور، فمن جديد يعود المسرح، و الاهم ان مسرح الدوله لم يعد مقتصرا على المسرح الكوميدى .. قواعد العشق الاربعون .. فى الاطار نفسه اكد الناقد المسرحى احمد عبد الرازق :» ليس فقط عرض يوم ان قتلوا الغنا وحده، الذى نجح فى تحقيق المعادلة الاصعب فى المسرح، بل ايضا هناك عرض قواعد العشق الاربعون، فهو ايضا معد عن رواية .. يحسب لصناعها نجاحهم فى توصيل الفكرة، حيث سلاسة التناول . الاستعانة ببعض الاشعار الصوفية المغناة، و احد ابرز عناصر الجذب من خلال العرض، كل هذا على يد نخبة من الشباب الهواة، بعيدا عن شروط النجم . بعيدا عن اى اسفاف .. و يضيف احمد عبد الرازق : بعيدة عن عقدة النجم، التى اصبحنا كمصريون نعانى منها . خرجت هذه العروض المسرحية للنور، لتؤكد على ان هناك فرصة لمشاهدة عروض مسرحية جيدة دون التقييد بعنصر الجذب الاشهر و هو النجم، فهى جميعها عروض من بطولة مواهب شابة، يحسب لها قدرتها على جذب جمهور عريض من الشباب، هذا الجمهور نظرا لاقتناعه التام بقيمة هذه العروض، نجح فى اقناع فئات عمرية اكبر بمشاهدتها . و النتيجة الحتمية لذلك هو نجاح ساحق لاثنين من اجود العروض المسرحية .» ليلة من الف ليلة .. تحت شعار كامل العدد رفع الستار عن العرض المسرحى ليله من الف ليله للنجم يحيى الفخرانى . احد اشهر العروض المسرحية التى استطاعت تحقيق اكبر جماهيرية و اعلى الايرادات فى فترة وجيزة على خشبة المسرح القومى .. انطلق العرض المسرحى ليله من الف ليله، ليلبى رغبة جمهور عريض، طال انتظاره لمشاهدة هذه النوعية من العروض .و لكن يظل السؤال الاهم، هل حقا العوامل التى نجحت فى جذب الجمهور لعرض ليله من الف ليله هى نفسها العوامل التى نجحت فى جذب الجمهور لعروض قواعد العشق الاربعون و يوم ان قتلوا الغنا، و هنا يؤكد الناقد المسرحى احمد عبد الرازق :» طبعا لا .. فالعنصر الجاذب فى العرض المسرحى ليله من الف ليله هو النجم يحيى الفخرانى، فالحقيقة ان هناك من هم لا يزالوا على موقفهم، حيث انحيازهم التام لفكرة النجم .. الجودة وحدها لا تكفى .. عناصر جذب عديدة يسعى مبدعى المسرح من اجل تضافرها، ابرزها الجودة، التى لم تعد بالعنصر الرئيسى لضمان نجاح العرض المسرحى، فقد اصبحت الجودة مسالة نسبية، مما اسفر عن مسؤولية كبيرة، على المواهب الشابة توليها، و اثبات مدى قدرتها على حشد هممها لجذب الجمهور . مهمة صعبة تستلزم من المواهب الشابة الاصرار على تحقيق غايتهم من خلال مخاطبة روح الشباب .. ميزانية الحرمان .. ثمانين مليون جنيه اجور . خمسة ملايين تكلفة انتاج . سبع مسارح تقريبا . اكثر من اثنى عشر قاعة .. حقائق يشهدها و يعانى عواقبها مبدعى مسرح الدولة . امام و خلف الستار . منذ خمسة عشر عام شهدت خشبة المسرح ظهور العرض المسرحى ايزيس . بتكلفة انتاجية وصلت ل سبعمائة و خمسين مليون جنيه . مع مرور السنين وفى ظل زيادة الاسعار، لا زالت ميزانية البيت الفنى للمسرح على وضعها . فى انتظار الاستجابة لمناشدة القائمين على مسرح الدولة بزيادتها، لاستيعاب الظروف المستجدة، و من جانبه اشار الناقد المسرحى احمد عبد الرازق :» فى ظل زيادة الاسعار و قلة الميزانية نلاحظ ان العرض المسرحى الذى كانت تصل تكلفته ل200 الف جنيه اصبحت تكلفته اليوم تصل ل 400 الف جنيه، لذلك برأيى الحل الامثل للخروج من مأزق قلة الميزانية هو التوسع فى انتاج العروض المسرحية للشباب و التى تتسم بقلة التكلفة الانتاجية، و ذلك كحل مؤقت لحين زيادة الميزانية، السبب الرئيسى فى حرمان مسارح الدولة من تقديم عروض ضخمة، فالمسرح القومى، الذى يمثل الدولة من حقه ان تشهد خشبته تقديم عروض كبيرة قادرة على استقطاب نوع اخر من الجمهور . جمهور لذته فى مشاهدة عروض مسرحية لكبار النجوم، لذلك اطالب بزيادة الميزانية حتى نشهد جميعا فرصة جديدة تجعل من مسارح الدولة مضاءة طوال ايام السنة .. فرصة سعيدة .. فى ظل قلة الميزانية، و التوسع فى تقديم العروض المسرحية لابطالها من الشباب، نشهد معا عودة كبار النجوم لخشبة المسرح، اصرار و رغبة قوية كانت الدافع وراء هذه العودة . اشتياق للبيت الاكبر . البيت الاقرب الى قلب كل فنان، من اشهر هؤلاء النجوم الذين ساهموا فى عودة الحركة المسرحية لرونقها و امجادها والفنان احمد بدير الذى يستعد لتقديم احدث عروضه المسرحية « فرصة سعيدة « على مسرح السلام فى يناير القادم :» قدم من قبل غيبوبة، و قدم الفنان يحيى الفخرانى ليلة من الف ليلة و لا يزال هناك الكثير،فانا استعد لتقديم العرض المسرحى « فرصة سعيدة «، الذى من المقرر عرضه على مسرح السلام فى يناير القادم، فالازمة الحقيقية التى لطالما عانى منها مسرح الدولة تتلخص فى عيب واحد، اعتقد انه تم تجاوزه، الا و هو ارتباط العمل بالميزانية، فالعرض كالعادة يتم عرضه على مدار شهر سواء حقق نجاح او للاسف فشل، و لكن الان الامر تغير كثيرا، فقد اصبح من حق العرض المسرحى الناجح ان يستمر و يواصل نجاح .» مراة الشعوب .. الفنانة نشوى مصطفى، ايضا احد اشهر الفنانيين، الذين يحسب لهم اصرارهم على التأثير فى الحركة المسرحية فى الوقت الراهن، فقد عبرت عن سعادتها بعودة الروح الى مسرح الدولة و سعادتها ايضا بعرضها المسرحى سيلفى مع الموت، الذى ينتمى لنوعية الاعمال المونودراما، فى الوقت نفسه فقد اشارت :» هدف فى غاية الاهمية، فنحن بحاجة الى نشر الثقافة و الفن و بما ان المسرح ابو الفنون، فلابد من العمل على عودته لنشر الوعى، فالمسرح كان و سيظل مرأة الشعوب، و لكن للاسف رغم عظمة المسرح، التى كانت تدفع بنا شبابا بالجامعة، لتقديم عروض مسرحية غاية فى الاهمية، و رغم اى صعوبات او قلة فى الامكانيات، الا ان بريقه لم يكن كما اعتدنا و السبب برأيى انه ربما لم يعد هناك عشاق للمسرح، فاين هم كتاب المسرح و مبدعيه؟!.. عودة شعب .. انها ليست فقط عودة الحياة لمسرح لطالما سطعت اضواءه و تالق نجومه على خشبته انه ايضا عودة شعب، متعطش لمشاهدة عروض مسرحية على درجة عالية من الجودة، هكذا يرى بعض مبدعى المسرح الوضع الذى أل اليه مسرح الدولة و من ابرز هؤلاء المبدعون، احد الوجوه الشابة التى سطع اسمها و موهبتها خلال الاونة الاخيرة . المخرجة مروة رضوان التى تحدثت عن الاقبال الجماهيرى الذى بدأ يعود من جديد ليلتف حول خشبة المسرح مؤكدة : مما لاشك فيه ان جماهيرية المسرح امر قديم و لا جدال حوله، و الامر الذى يدفع بنا جميعا كعشاق للمسرح هو الرغبة القوية لدى الجمهور لمتابعة عروض مختلفة وتوقعاته ان القادم افضل،و رغم قلة الامكانيات، يظل باستطاعة اى مخرج تقديم عمله باقل الامكانيات، على ان يكون عرض جيد جدا، و الدليل اننى قدمت عروض كثيرة بامكانيات ضئيلة و قد لاقت اقبال شديد و اعجاب الجميع، اما الان فانا استعد لعرض كوميديا البؤساء . حالة .. اما الفنان صلاح عبدالله، الذى دام غيابه عن المسرح ما يقرب الاربعة عشر عاما فقد راى فى النشاط الذى يشهده مسرح الدولة فى الاونة الاخيرة حالة مسرحية، يتابعها عن بعد، يراقب من حين لاخر النشاط الذى تتمتع به، يتمنى من اجلها الاستمرار، و ان تنعم بالدعاية التى تستحقها. •