الموسيقى المعاصرة تؤكد براعة العازفين

أقيم حفل موسيقى بعنوان «عبر الموسيقى المجرية المعاصرة»، وكان ضمن أنشطة المجموعة المصرية للموسيقى المعاصرة، التى أسسها الفنان المصرى عازف الكلارينيت المتألق شريف الرزاز.. ويعتبر الحفل جديداً من نوعه ومميزاً حيث قدمت جميع المؤلفات لأول مرة فى مصر، وتميزت هذه الأعمال بصعوبة بالغة ورؤية موسيقية مغايرة عما اعتادت أذاننا على سماعه، فهى رؤية جديدة تطلعنا على شكل الموسيقى الجديدة فى أوروبا من خلال نشاط هذه الجمعية..

ويذكر أن الرزاز بدأ حياته كعازف كلارينيت متميز بين مصر وأوروبا، وأسهم أستاذه بيتر يوتفوخ فى اهتمامه الشديد بالموسيقى المعاصرة فأصبح أهم الداعمين بالموسيقى الجديدة فى مصر، حيث أسس الجمعية الأوروبية المصرية للموسيقى المعاصرة والمجموعة المصرية للموسيقى المعاصرة عام 2010.وشمل برنامج الحفل خمسة مؤلفاة منها اثنان لجورجى ليجيتى وهما «2» دراسة للبيانو المنفرد قدمتهما العازفة الفرنسية المحترفة صوفى باتى، الأولى بعنوان فنفار والثانية سلم الشيطان، وباتى درست الموسيقى فى كونسيرفتوار ليلى، كما التحقت بفصل فلورنس مييه فى المدرسة العليا فى كولونيا بألمانيا، وحصلت على درجة الدكتوراه فى فنون الموسيقى من جامعة ولاية نيويورك فى ستونى بروك بالولايات المتحدة الأمريكية وهى من أمهر عازفى البيانو فى العصر الحديث.. أما صوناتا الفيولا المنفردة فكانت لنفس المؤلف، وقامت بأدائها عازفة الفيولا المتميزة الدكتورة رشا يحيى وهى من أهم الموسيقيين الفاعلين على الساحة الفنية والموسيقية فى مصر، حيث ترتبط بالعديد من المشاريع المشتركة مع أوركسترا الجمعية الفيلهارمونية المصرية وأوركسترا ايست ويست ديفان، إلى جانب نشاطها الكبير فى مجال موسيقى الحجرة كعضو مؤسس فى رباعى بوينت الوترى والمجموعة المصرية للموسيقى المعاصرة منذ عام2010، ويعد هذا العمل من أصعب الأعمال التى كتبت لهذه الآلة على الإطلاق وكان أداؤها أكثر من رائع حيث تفنن المؤلف فى وضع صعوبات تعجيزية لأداء التقنيات المستحدثة حيث نجد الحركة الأولى المأخوذة من روح الفلكلور الرومانى والمجرى كلها فى المنطقة الصوتية الغليظة، كما وضع المؤلف نغمات بها ربع النغمة وثلاثة أرباع النغمة غير المألوفة، كما استخدم النغمات الهارمونية الصفيرية المزدوجة فى الحركة الثانية، وأيضاً الثالثة والتى اعتمدت على السرعة الفائقة مع وجود السينكوب وأداء التآلفات المزدوجة بسرعة شديدة.. كما تضمن الحفل عملاً للكلارينيت والفيولا والبيانو بعنوان حنين لروبرت شومان لجورجى كورتاج وهو عبارة عن 6 حركات صغيرة كل حركة لها شخصية مميزة وتتباين فى السرعة والبطء وقد تصل للشراسة أو الهدوء الحاد بتمهل وغنائية.. وأبدع فيه العازفون الثلاثة بأداء الحوار بين الفيولا والكلارينيت مع استخدام الجليساندو أو الزحلقة، كما قامت باتى بطرق البيانو بذراعها، ووصل المؤلف لأقصى المناطق الصوتية حدة فى الآلات جميعها.

وشمل الحفل عملاً واحداً رومانتيكى الطابع فى أربع حركات لروبرت شومان بعنوان حكايات خيالية لنفس التكوين الآلى البديع، ويقدم أيضاً لأول مرة فى مصر.. واختتم البرنامج بتريو فونالتريك مشاهد متعددة الأبعاد لمارتون يليش المولود 1975، وهو غاية فى الصعوبة بمؤثراته الصوتية المتعددة والمختلفة والتى يدركها المتلقى من خلال العزف على أوتار البيانو من الداخل، وأداء التريموللو أو الترعيد على أوتاره الداخلية، وقرب نهاية العمل نسمع آلتى الكلارينيت والفيولا بأداء أحادى لنفس النغمات كأنهما آلة واحدة، ويلاحظ طوال العمل استخدام يليش للإيقاعات المركبة والمتداخلة بسرعتها الفائقة والتى تمثل صعوبة شديدة للعازفين تحدث حالة من الإبهار للمشاهدين.. وأكثر ما أمتعنا فى هذا الحفل الرائع أسلوب الأداء التقنى والاحترافى الذى يؤكد على إمكانات ومواهب أبنائنا الأفذاذ من الموسيقيين المهرة وقدرتهم على التواصل مع التطورات التقنية العالمية.