حالة من الجدل الواسع ربما يحركها بعض من المخاوف أثارها انطلاق أول رحلة طيران إلى مطار طهران بعد انقطاع للعلاقات المصرية الإيرانية دام نحو أكثر من 34 عاما وهى الرحلة التى كشفت عن خطوة تجريبية للسياحة الإيرانية فى مصر وفقا للاتفاقية التى أبرمها وزير السياحة المصرى هشام زعزوع مع نظيره الإيرانى والتى تقضى بإرسال نحو 20 ألف سائح إيرانى على مدى 3 أشهر لزيارة جنوب الصعيد وبذلك يجدر التساؤل: هل السياحة الإيرانية هى طوق النجاة الذى سينقذ مصر من وعكتها الاقتصادية. عندما سألت الأستاذ حسام الشاعر رئيس غرفة الشركات السياحية: هل قدوم السياحة الإيرانية إلى مصر طوقا لنجاة السياحة المصرية.. فأجاب قائلا: ليست طوقا للنجاة وإنما إضافة جيدة وسوق جديدة ستدخل مصر خاصة أن متوسط الإنفاق لدى السائح الإيرانى مرتفع للغاية، حيث ينفق الفرد حوالى 180 دولارا فى اليوم فى حين أن السائح الأوروبى ينفق 80 دولارا.
ورغم ما يتردد أن 40٪ من الشعب الإيرانى تحت خط الفقر؛ أكد الشاعر أن متوسط دخل الفرد فى إيران مرتفع للغاية.. خاصة أن إيران تصدر 10 ملايين سائح فى العام للصين وماليزيا وتركيا ودبى فلابد أن يكون لمصر نصيب منها.. ويتوقع الأستاذ حسام الشاعر أن يصل إجمالى عدد السياح الإيرانيين الوافدين الى مصر حوالى نصف مليون سائح وإذا استقرت الأمور فى مصر قد يصل عددهم إلى 2 مليون.
وأشار إلى أن المسموح به للسائح الإيرانى حتى الآن هو زيارة الأماكن خارج القاهرة مثل مدن الأقصر وشرم الشيخ والغردقة خاصة أن الإيرانيين يتشوقون كثيرا للسياحة الأثرية المتمثلة فى الأقصر وأسوان وإلى السياحة الشاطئية المتمثلة فى مدن جنوبسيناء مثل شرم الشيخ والغردقة.. ولا يفكرون فى زيارة الأماكن الدينية.. وكذلك استبعد الشاعر أنتكون هناك رحلات منتظمة بين مصر وطهران فى الفترة المقبلة على أن تكون كل الرحلات بنظام الطيران العارض «الشارتر»... وتمنى أن يتم ذلك على مدار العام وليس فى موسم بعينه.
وعن العائد المادى الذى قد تدره وفود السياحة الإيرانية إلى مصر يقول حسام الشاعر: أتوقع أن يبلغ العائد الكلى من السياحة الإيرانية حوالى 500 مليون دولار وذلك بحساب متوسط معدل إنفاق السائح الإيرانى الذى يبلغ حوالى 180 دولارا فى فترة ال 7 أيام التى يقضيها فى مصر.
∎كارثة على مصر
أما الأستاذ عادل زكى عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة ورئيس لجنة السياحة الخارجية بغرفة الشركات السياحية فكان قد صرح منذ شهرين أن السياحة الإيرانية «كارثة على مصر» فسألناه: هل مازال يؤيد نفس وجهة النظر أم عدل عنها وكان رده: مازلت على رأيى أن السياحة الإيرانية كارثة على مصر.. أولا الاتفاق الذى تم كان قرارا سياسيا صدر عن رئاسةالجمهورية وليس له أى علاقة بوزير السياحة لأن هذا الأخير جاءته تعليمات الساعة السادسة بعد الظهر للتوجه إلى إيران فجر اليوم التالى لتوقيع بروتوكول تعاون سياحى بيننا وبين إيران وحتى يتم رفع الحرج عن الإخوة السلفيين كان القرار بأن تقتصر الزيارة فقط على الصعيد وتحديدا الأقصر وأسوان ولمدة 3 أشهر على سبيل التجربة وذلك بجلب 20 ألف سائح إيرانى على رحلات مباشرة من مطار طهران إلى مطارات الأقصر وأسوان فقط دون الهبوط فى القاهرة للبعد عن المزارات الإسلامية الشيعية وذلك عن طريق شركات معينة وكلنا يعلم أن الرحلة التى جاءت إلى مصر كانت تجريبية وكانت تقل السفير الإيرانى وعائلته وعادوا ب 43 راكبا بالضبط وإن نجحت هذه التجربة سيتم تعميمها على كل الشركات السياحية المصرية.. ولا أعرف متى بالضبط سيتم البدء فى تفعيل الاتفاقية لأن السلطات تشعر برفض رجل الشارع لهذا الموضوع واليوم رجلالشارع أصبح له كلمة.. فلا ننسى أن الرئيس الإيرانى عندما جاء لزيارة الحسين كاد الناس أن يضربوه.
ويستطرد قائلا: نحن فى وضع أمنى سيئ ونعجز عن فض ميدان التحرير فكيف لنا أن نستقبل سياحة إيرانية يندس بها الحرس الثورى وكلنا يعلم كما نشر فى الصحف إنه كان هناك منذ شهرين اتصالات سرية بين حزب الحرية والعدالة والحرس الثورى لتطبيق نفس نظامهم هنا فى مصر.. هو وجه اعتراضى على السياحة الإيرانية.. هى بالفعل مفيدة، ولكن التوقيت غير مناسب.
∎شائعات
وفيما يتردد من شائعات بخصوص إرسال 1.5 مليون سائح إيرانى ؛ فأنا على اتصال ببعض الشركات الإيرانية والتى فور علمها بأنه سيتم إرسال سياح إيرانيين إلى مصر صرحت بأنها فى وضع اقتصادى كارثى معللة أن الشعب الإيرانى ليس لديه من الأموال التى ينفقها للسفر من الأساس وذلك بسبب العقوبات الدولية الموقعة على إيران جعلت لدى الشعب نقص من كل شىء ... الشعب الإيرانى «تعبان جدا» وليس لديه أموال للسفر». نعم هناك طبقة غنية للغاية ولكن السواد الأعظم من الشعب فقير .
وعن معدل إنفاق السائح الإيرانى الذى يتراوح ما بين 150- إلى 180 دولاراً أو ممكن يزيد ليصل إلى 200 دولار فهو موجود لدى القلة فى إيران بسبب الأزمة الاقتصادية أو لدى الإيرانيين الذين يعيشون بالخارج.
وعن سفر المصريين إلى إيران يقول الأستاذ عادل زكى: حتى الآن لم يتم التصريح بسفر مجموعة من المصريين إلى طهران لأن حتى الآن لم يتم حسم موضوع التأشيرات حتى على الرغم من إعلان حكومة طهران إلغاء التأشيرات بين مصر وإيران فى محاولة منهم لفعل المستحيل من أجل عودة العلاقات المصرية الإيرانية.. كلها لعبة سياسية فى نظرى ولكن أنا أرى أن الإيرانيين لا يمكن لأحد أن يثق بهم فهم من كانوا يمولون الإرهاب عندنا فى التسعينيات.. أنا لا أتحدث عن الشعب الإيرانى فهم غاية فى الطيبة ويحبون المصريين.
∎عنصر مساعد
يقول دكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية: السياحة الإيرانية ليست طوق النجاة بالنسبة مصر ولكنها عنصر مساعد لأن السائح بشكل عام لا يستطيع الذهاب إلى أى مدينة إلا إذا توافر عنصرا الأمن والأمان وهما العنصران اللذان تفتقدهما مصر فى الفترة الراهنة، وكل ذلك يشير إلى أن موقفنا صعب للغاية.. فالسياحة التى كانت تدر علينا دخلا يقدر ب 12.8 مليار دولار انخفضت جدا نتيجة لحالة الفوضى التى نعانيها.. حتى مساعدات الاتحاد الأوروبى وغيرها وتجنيبها لانعدام دولة القانون والديموقراطية.. فكل ذلك مناخ غير ملائم لجلب السياحة وبالتالى فإن السائح الوحيد الذى من الممكن أن يحضر إلينا هو السائح الإيرانى وسيأتى إلينا وبأعداد كبيرة وكذلك هناك مصالح مشتركة بين البلدين .. وفى الاقتصاد هذا يعد نوعا من البيزنس ولابدأن تستفيد كل من البلدين من هذه الاتفاقية.. فالإيرانيون سيخاطرون وسيأتون إلى مصر لأنهم سيستفيدون من ذلك .. أولا ستثبت إيران من خلال هذه الاتفاقية أنها لن تعانى من العزلة التى فرضها عليها كل من أمريكا والاتحاد الأوروبى.. ثانيا تود أن تبين أن لديها أموالا ودولارات كثيرة يمكن أن تنفقها فى مصر.. ثالثا سيكون ذلك بمثابة المدخل لإقامة مشروعات استثمارية فى مصر.. رابعا يهم الجانب الإيرانى إنجاح تجربة إسلامية لأنهم إسلاميون.
أما الجانب المصرى فسيستفيد من الإيرادات التى ستدرها عليه السياحة الإيرانية ولن يكون لديه شح فى العملة الأجنبية.. لأن اليوم العملة الأجنبية الخاصة بنا وصلت إلى 13.5 مليار.
ولذلك تسعى مصر للتقارب المصرى الإيرانى- رغم انزعاج أمريكا وعدم ترحيبها بتلك الخطوة- لأن إيران ستدخل لمصر أكثر من 30 مليار دولار فى استثمارات كثيفة وإنشاء مصانع وشركات.
وبسؤاله عن الإيرادات الكبيرة التى قد تدرها السياحة الإيرانية فى ظل وجود 40٪ من الشعب الإيرانى تحت خط الفقر، يقول دكتور رشاد عبده: الإيرادات التى يمكن أن تدخل لمصر من وراء السياحة الإيرانية تقدر ب 4 أو 5 مليار دولار.. صحيح أن 40٪ من الشعب الإيرانى يوجد تحت خط الفقر ولكنه صامد لمدة 7 أو 8 سنوات أمام العقوبات الدولية وقادر على أن يأكل ويشرب.. وقبل ذلك دخل فى حرب مع العراق وبعدها وقع تحت الحصار الأوروبى ومع ذلك فهم صامدون وحتى الآن دولة إيران التى نقول عنها إنها «تعبانة» فالاحتياطى لديها 105 مليارات دولار ونحن لدينا 13.5 مليار؟ ولكن نتيجة طبيعية للحصار الذى وقعت إيران تحت وطأته فلديها حالة كبيرة من التضخم ولكن كما نعرف أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فمن الممكن أن تقوم الحكومة الإيرانية بتقديم الدعم للرحلات السياحية إلى مصر وتوفر رحلات رخيصة لخروج أعداد كبيرة جدا، وبذلك تلعب بالجانب الاقتصادى لتحقيق مكاسب سياسية.