في الكلمة التي ألقاها الرئيس مبارك أمام الهيئة البرلمانية للحزب الوطني (الأحد) والتي جاءت مركزة إذ لم تتجاوز عشر دقائق، بعث الرئيس عدداً من الرسائل السياسية المهمة إلي أطراف متعددة.. وحدد عدداً من الأولويات أمام البرلمان الجديد.. غير أن أهم ما تضمنته هذه الكلمة، من وجهة نظري، هو التركيز علي بث الأمل في الغد، وتأكيد الإصرار علي بلوغ الغايات التي تم تحديدها لمستقبل هذا البلد، إذ أشار الرئيس إلي أن " أحلامنا ليست أحلاماً مؤجلة، وإنما هي تطلعات مشروعة قابلة للتحقيق".. في علم القيادة، يشيرون إلي "القيادة الملهمة" (بكسر الهاء وليس فتحها)، تلك القيادة التي تتجاوز مجرد تنفيذ الأفعال، وإدارة الأزمات والقضايا المختلفة، إلي " بث الروح" في الأمة، واستنهاض العزائم لديها.. تلك القيادة التي يتجاوز تأثيرها حدود المنصب الرسمي إلي أبعاد أوسع وأعماق أبعد.. تلك القيادة التي تتجاوز الإطار الوظيفي إلي الأطر النفسية والفكرية للشعب.. وهكذا كان سعد زغلول وجمال عبد الناصر في مصر، والمهاتما غاندي في الهند... وهكذا كان كيندي في الولاياتالمتحدة، وتشرشل في بريطانيا، وشارل ديجول في فرنسا، وهكذا هو الرئيس مبارك في مصر. "القيادة الملهمة" هي تلك القيادة التي تزرع الأمل في نفوس الناس، وإن لم يوجد الأمل خلقته لهم.. القيادة الملهمة هي التي يلجأ إليها الناس عند كل كبيرة وصغيرة يستطلعون رأيها، وإن لم يتطلب الموقف ذلك، غير أنهم يزدادون ثقة بهذا الرأي، ويزدادون قوة وصلابة.. القيادة الملهمة هي التي تحمي الشعب من الاندفاع نحو المجهول، وتحمي الدولة من النزوات، وتحمي المستقبل من العبث به.. والقيادة الملهمة هي تلك القيادة التي لها رؤية واضحة لا تحيد عنها، وهل هناك رؤية أوضح من تلك التي أشار إليها الرئيس مبارك " كان الهدف ولا يزال، خلق واقع جديد، وإحداث تغيير ملموس في حياة المواطن المصري، في كل محافظة، ومدينة، ومركز، وقرية علي امتداد الوطن". والقيادة الملهمة هي تلك القيادة التي تسمو علي الخلافات الحزبية، وترتفع فوق الانتماءات السياسية، وكما أشار الرئيس مبارك " لقد أسعدني كرئيس للحزب.. ما حققه مرشحوه من نجاح.. لكنني كرئيس لمصر كنت أود لو حقق باقي الأحزاب نتائج أفضل".. والقيادة الملهمة ليست كتاباً يمكن قراءته، وليست دورة تدريبية يمكن حضورها، وليست محاضرة يمكن الاستماع إليها، ولكنها محصلة تجربة حياة غنية وعميقة، وهو ما يتوفر للرئيس مبارك منها نصيب كبير.