أعلنت إدارة جامعة برنستون الأمريكية قبل عدة أيام قرارها الاستمرار في تقديم «حمص» تنتجه شركة صبرا التي تدعم جيش الدفاع الإسرائيلي لطلابها في مطاعم الجامعة، وهو القرار الذي جاء بعد استفتاء أجرته الجامعة للطلاب عقب اعتراض طلاب آخرين في إطار مقاطعة منتجات الشركات التي تدعم جيش إسرائيل. ومع أن الجامعة تركت الباب مفتوحاً أمام تقديمها الحمص المنتج من قبل شركات أخري، إلا أن تلك الواقعة تحديداً تلفت النظر إلي نوع من الحراك الطلابي داخل الجامعات الأمريكية الرافض لسياسات اسرائيل العدوانية، وإلي حملات يدعمها اللوبي اليهودي الأمريكي لتكريس واقع يرفض انتقاد إسرائيل أو مقاطعتها، باستخدام سوط العداء للسامية تارة واعتبار إسرائيل والديانة اليهودية شيئاً واحداً تارة أخري. ناهيك عن تكريس آخر وهو أخطر، لسرقات إسرائيل المفتوحة لثقافات وحضارات الآخرين لا سيما الحضارة العربية وهي سرقات لا تتوقف عند محاولة اختلاق حضارة وتاريخ عبر عمليات منظمة لنهب مقدرات الحضارات القديمة وعلي رأسها الآثار ولكن يتجاوزها إلي سرقة الأطعمة المشهورة والتي لقيت رواجاً حديثاً في الولاياتالمتحدة مؤخراً وعلي رأسها الفلافل والتبولة وسلطة الحمص والكبة الشامية وغيرها كسرقة الزي التقليدي الفلسطيني الغني بتطريزاته المميزة والمتنوعة والترويج له علي أنه موروث ثقافي إسرائيلي ترتديه مضيفات شركة الطيران الإسرائيلية. وأيضاً الترويج سياحياً لاسرائيل - ذات الستين عاماً - باستخدام صور لشوارع وحارات القدس العتيقة وقبة الصخرة المذهبة، وصناعات الفخار الفلسطينية وحتي البحر الميت لم يوفروه فروجوا مصنوعاته لا سيما منتجات العناية بالبشرة ومستحضرات التجميل وكان البحر الميت علامة مسجلة باسم الكيان الإسرائيلي. الأمر ذاته يندرج علي منتجات شجرة الزيتون رمز فلسطيني والتي للمفارقة تتعرض حقولها للذبح المنظم والتبوير من قبل المستوطنين الإسرائيليين، أما عن الحلي العربية بما فيها كف مريم «خمس وخميسة» والعين الزرقا فحدث، فالقائمة طويلة ولا توفر شيئاً، وإذا كانت سرقات إسرائيل المتعمدة تركز علي الحضارة المصرية وكذلك الحضارة العربية وحيث تشعر تلك الدولة الحديثة بالغيرة الثقافية والاجتماعية الشديدة فإن سطوها امتد ليشمل تقريباً جميع دول وبالتالي حضارات العالم الذي اتت منه شراذم اليهود الذين قرروا انشاء دولة لهم في وسط المحيط العربي قبل حوالي الستين عاماً، لذا نجدهم يسرقون نوع طعام من هنا، وزياً من هناك، بل ويختلقون أعيادًا وأحداثًا، في محاولتهم الحثيثة لمعالجة عقدة النقص بمختلف حضارة مزعومة وعنوة يحاولون تكريس إدعاءاتهم الثقافية وعمل غسيل عقول جماعي لدي الرأي العام العالمي. وهي شركات تدر عليهم المليارات، والزائر للولايات المتحدة حاليا سيدهش كثيرًا لرؤية انتشار ملحوظ ليس فقط لمطاعم تقدم وجبات عربية أصيلة مثل الكسكسي أو التبولة أو الحمص أو الفلافل علي أنها إسرائيلية، بل سيجد منتجات جاهزة ومكونات لهذه الأكلات تباع علي أرفف وسلاسل كبريات محلات البقالة وتباع علي أنها منتجات من المطبخ الإسرائيلي. بل وباتوا ينتجون برامج طهي لتقديم وصفات صنع المأكولات الإسرائيلية، وبلغت وقاحة البعض منهم بادعاء أن طبق الكشري المصري أصله يهودي علي أساس تشابه اسمه واسم الطعام الحلال اليهودي المعروف باسم الطعام الكوشر وهو وصف وليس نوعاً، هذا ما يفعلونه، فماذا فعلنا نحن! باستثناء محاولات رائعة لا يكل عنها سفيرنا لدي التاريخ د. زاهي حواس والذي لم يفوت فرصة ليتصدي لأكاذيب إسرائيل ومحاولاتها الوقحة لنسب أعمال قدماء المصريين الخالدة إليهم مثل بناء الأهرامات، باستثناء هذا الرجل ومحاولات فلسطينية خافتة بحكم الإمكانيات الإعلامية المتواضعة وأخري لبنانية لتسجيل أرقام في موسوعة جينز فلا يوجد جهد منظم لمكافحة هذا النهب المنظم لموروثاتنا من قبل إسرائيل. لذا بات ضروريا وملحًا أن نطالب رموز الثقافة والفن والفكر المصري والعربي بالتحرك نحو تنسيق عمل منظم لتسجيل هذه الموروثات أمميا وأمامنا نموذج تسجيل واعتراف الأممالمتحدة مؤخرًا بالمطبخ الفرنسي، ولنبدأ بالفلافل التي قامت إسرائيل مؤخرًا بدعوة طاهي إلي نيويورك لتقديم وتسجيل أكبر حبة فلافل وطلبت له مختلف أجهزة الإعلام هنا علي أساس أنه طعام إسرائيلي، لنبدأ بتسجيل أي شيء، المهم أن نبدأ لتوقف النهب الإسرائيلي المنظم «للطش» حضارتنا عيانا بيانا فبعد أن لطشت الأرض لطشت أطعمتنا ثم ملابسنا فماذا بقي!!