أعلنت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالسعودية عن اكتشاف أثري مهم بالعثور علي أول آثار فرعونية في الجزيرة العربية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد، عبارة عن نقوش هيروغليفية تحمل تواقيع ملكية لرمسيس الثالث. وأكد نائب الرئيس للآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمملكة الدكتور علي إبراهيم الغبان في مؤتمر صحفي عقده بمقر المتحف الوطني في الرياض أمس اكتشاف أول نقش هيروغليفي في الجزيرة العربية علي صخرة ثابتة بالقرب من واحة تيماء «شمال غرب المملكة»، يحمل توقيعًا ملكيا «خرطوش مزدوج» للملك رمسيس الثالث أحد ملوك مصر الفرعونية الذي حكم مصر بين «1192 - 1160» قبل الميلاد. وقال الغبان: إن علماء الآثار السعوديين اكتشفوا النقش بالقرب من واحة تيماء التاريخية الشهيرة التي تعد من أكبر المواقع الأثرية في المملكة والجزيرة العربية، حيث تبلغ أطوال ما تبقي من الأسوار الأثرية التي تحيط بها في الوقت الراهن 13 كيلو مترًا. وأوضح أنه تم العثور علي خرطوش الملك رمسيس الثالث قبل أربعة أشهر، وقد أثار العثور عليه بالقرب من تيماء في منطقة تبوك تساؤلا كبيرا حول أسباب وجوده في عمق الشمال الغربي للجزيرة العربية. وأكد الغبان إمكانية إتاحة الموقع للزوار خلال الفترة المقبلة، إلا أنه عاد وقال إنه لن يكون متاحا للزوار خلال الفترة المقبلة، حيث تعمل هيئة السياحة الآن علي تهيئته وإكمال إجراءات الدراسات والمسح الكامل، وبعدها ستتم إتاحته للزوار والمهتمين في الشأن الأثري. وأضاف نائب الرئيس للآثار والمتاحف: إن علماء الآثار السعوديين أجروا بحثا ميدانيا ومكتبيا توصلوا من خلاله إلي وجود طريق تجاري مباشر يربط وادي النيل بتيماء، وكان يستخدم في عهد الفرعون رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتسير عليه القوافل المصرية للتزود من تيماء بالبضائع الثمينة التي اشتهرت بها أرض مدين مثل البخور والنحاس والذهب والفضة، مشيرا إلي أن الطريق الذي يربط وادي النيل بتيماء محدد بتواقيع ملكية «خراطيش» للملك رمسيس الثالث وضعت علي مناهل في شبه جزيرة سيناء والجزيرة العربية. أشار الدكتور الغبان إلي أن الطريق يمر بعد وادي النيل بميناء القلزم ثم مدينة السويس حيث يوجد معبد للملك رمسيس الثالث، ثم يسير بحرا إلي سرابيط الخادم بالقرب من ميناء أبوزنيمة علي خليج السويس، حيث عثر هناك علي النقوش للملك رمسيس الثالث أيضا، ثم يعبر شبه جزيرة سيناء بشكل عرضي ويمر علي منهل وادي أبوغضا بالقرب من واحة نخل، حيث عثر فيه أيضا علي خرطوش مزدوج مماثل لخرطوش تيماء يحمل اسم الملك رمسيس الثالث، ويتجه الطريق إلي رأس خليج العقبة ويمر علي موقع نهل ثم موقع تنمية، وقد عثر في كل منهما علي خرطوش مزدوج للملك رمسيس الثالث يمثل خرطوش تيماء، كما توجد إشارة في بردية للملك رمسيس الثالث إلي إرساله أناسًا لجلب النحاس من بلد مجاور. وأكد الغبان أن اكتشاف هذا الطريق سيشكل نقطة تحول في دراسة جذور العلاقات الحضارية بين مصر والجزيرة العربية، مشيرا إلي أنه لم يستخدم لمناسبة واحدة، وأن هناك المزيد وتوقع نائب الرئيس للآثار والمتاحف وجود كم من المعلومات سيتم الكشف عنها في المستقبل خراطيش أخري علي مسار الطريق لرمسيس الثالث أو غيره من ملوك مصر، في منطقة حسمي التي تفصل وبطول 400 كيلو متر بين تيماء ورأس خليج العقبة، وتتميز بواجهاتها الصخرية البديعة والصالحة للكتابة والنقش، لافتا إلي أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل علي تنفيذ مسح أثري دقيق لهذه المنطقة. وأشار إلي أنه تم العثور في السابق علي عدد من القطع الأثرية الصغيرة المصنوعة بمصر في عدد من المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، مثل مدافن جنوبالظهران في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وفي الفاو عاصمة مملكة كندة الواقعة في الجنوب الغربي لهضبة نجد، وفي تيماء نفسها ومعظم هذه القطع عبارة عن «جعران» من الخزف المغطي بطلاء أزرق تركوازي يعود تاريخها لفترات طويلة مختلفة. من جانبه قال الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار د. زاهي حواس إن هذا شيء طبيعي جدا خاصة أن الفراعنة في الدولة الحديثة انتشروا في عدة دول ومناطق مثل سوريا وفلسطين واليمن وفي شبة الجزيرة العربية. ونفي «حواس» إمكانية أن يطالب المجلس باستعادة التابوت الذي عثر عليه في تبوك بالسعودية مشيرا إلي أن هذه الآثار ملك الدولة التي ظهرت فيها وأنها تفتح مجالا جديدا للدراسات الأثرية وتوضح مدي العلاقات التي كانت تربط بين مصر والدول التي ظهرت فيها ومدي انتشار الفراعنة في أماكن مختلفة من العالم.