لم تعرف مصر الدعاية السياسية مدفوعة الأجر، واضحة المصدر، إلا مع لجوء الحزب الوطني إلي هذا الأسلوب خلال تسويقه لطبيعة حركة الإصلاح التي يقوم بها في جنباته بالتوازي مع انعقاد مؤتمراته السنوية، وإذا كانت تحسب له هذه البادرة.. التي تلجأ إليها كيانات سياسية أخري الآن بعد نحو ثماني سنوات.. وفي صدارتها حزب الوفد.. فإن أهمية الرسالة السياسية مدفوعة الأجر تكمن فيما يلي: • إنها واضحة المصدر ومباشرة. • إنها ممولة من ميزانية صاحبها. • إنها لا يمكن أن تتم فردياً.. وإنما من خلال الأحزاب.. ما يعني إضافة حافز جديد لترويج التعددية الحزبية.. ومن ثم تحفيز الأفراد علي الانتماء للأحزاب. • إنها توقف الخلط الذي قد يمكن أن يحدث بين الدعاية الصريحة والإعلام المساند في المنابر الحكومية. • إنها ترضي الضوابط التي تفرض علي تلك الرسائل من خلال الجهات المختصة ومنها اللجنة العليا للانتخابات. لكن التحدي الذي يواجه هذا الأسلوب الصريح في الترويج للمواقف والرؤي السياسية يكمن في الفريق المعادي للحياة الحزبية والديمقراطية القائمة علي التعددية القانونية.. ذلك أن المرشحين المنتمين إلي جماعة محظورة بحكم القانون إنما يلجئون إلي عديد من وسائل الدعاية السلبية والإيجابية غير الصريحة والمدبرة والمتآمرة عبر أدوات ومنابر مختلفة.. تقوم علي الانحياز الأيديولوجي خصوصاً من منابر خارج مصر.. أو منابر لم تخضع بعد للمعايير القانونية. أي ملاحظ حقيقي لما يجري بثه عبر آليات (الجزيرة) القناة والموقع، يدرك علي سبيل المثال، كيف أنه يمكن أن تمارس الدعاية السياسية المنحازة للإخوان، والمدعية للموضوعية، من خلال مجموعات متزايدة من مناصري التنظيم المحظور والمنتمين له، وفي الأيام الأخيرة تبنت آليات الجزيرة خطاب الجماعة المحظورة برمته.. دون استناد إلي معلومات موثقة أو تعرض لأي وجهة نظر مختلفة. هذه الدعاية الإخوانية التي تحاول أن تغطي علي التباسها عند المتلقي هي دعاية مدفوعة الثمن وأن لم تقل ذلك، ذلك أن القائمين عليها يقبضون أجراً من التنظيم، ومحرروها في الأغلب هم موظفون يقبضون رواتب من جهات تتبعه أو تتعاطف معه، وهي في النهاية لا تتسم بالصراحة.. لأنها تتخذ شكل التقارير العادية.. بينما هي منحازة.. ومرتبة.. ومنبع موادها هو مواقع جماعة الإخوان ووسائل إعلامها. إن علي سلطة الإعلام أن تقوم بدورها في تنبيه أدوات الإعلام المحلية والخارجية إلي ما ينبغي أن تلتزم به.. خشية أن يؤدي هذا إلي تدليس علي الناخب الذي يتعرض لدعاية مضللة. المحلل الانتخابي ل«روزاليوسف»