افتتح الفنان مصطفي حسين نقيب التشكيليين مؤخرا أربعة معارض بأتيليه القاهرة، احتلت فيها الفنانات التشكيليات قاعات العرض بالأتيليه، باستثناء قاعة واحدة، فعرضت الفنانة أسماء أحمد سعيد بقاعة تحية حليم، الفنانة نيرة الطبلاوي بقاعة محمد ناجي، الفنانة لينا أسامة بقاعة راتب صديق، وعرض الفنان هشام إمام بقاعة انجي أفلاطون. رغم أنها معارض شخصية لكل فنان علي حدة، فإنهم يبدون وكأنهم عائدون من رحلة البحث عن أوجه الحقيقة الموجودة في أعماق ونبض الإنسان، بالإضافة للرحلة التشكيلية التي ميزت كل منهم عن الآخر، حاولوا بأعمالهم التأكيد علي عدم وجود فاصل أو اغتراب بين مشاعر الفنان التشكيلي ومشاعر الإنسان العادي، كلاهما نبض واحد، الفرق الوحيد بينهما أن الفنان التشكيلي قادر علي البحث والتعبير بأدواته الفنية، ليعبر عن وجدان الإنسان العادي. الفنانة التشكيلية أسماء أحمد سعيد متميزة في واقعيتها، قدمت لوحاتها التصويرية معبرة عن لقاء الإنسان بواقعه وبذاته، أعلنت تمردها التشكيلي في أعمالها فجاءت تعبر عن حالة عناد تقني وفكري من أجل الوصول إلي رؤية ومعالجة فنية تكشف عما يدور بأعماق الإنسان، فقدمت الفنانة مجموعة من اللوحات لوجوه تحمل ملامح مصرية أصيلة، استخدمت الأسلوب الواقعي كتقنية وفكر، وفي رؤية مغايرة نجدها عرضت مجموعة لوحات أخري للوجوه بمسحة تعبيرية تمثل انفعالية وتمرد الفنانة علي ذاتها، فرسمت الوجوه منطلقة من نسيج ألوان نارية يعلو فيها صوت الإيقاع النفسي ممزوجا بضربات فرشاة جريئة دائرية ومتقطعة طولية وعرضية معبرة عن أحاسيسها الملونة. أما الفنانة التشكيلية نيرة الطبلاوي فقدمت لوحاتها الزيتية من خلالها فلسفة أخري هي أن يقبل الإنسان ذاته بكل ما فيه من متناقضات، فشكلت المرأة محور اهتمامها التشكيلي، عبرت عنها في عدة حالات انفعالية، تأملاتها، أنوثتها وشقاوتها، شجنها وفرحتها، صمتها وصرخاتها، ونجدها قد عبرت عن المرأة الريفية بقوة شخصيتها وصبرها وتحملها الكثير، كما رسمت المرأة الحالمة وفي ملامحها ابتسامة انتظارها لأمل جديد، ونقلت في أعمالها أيضا الطبيعة والزهور والمشاهد المكانية بإضاءة شمسها وغموض ظلها، وقد استخدمت الفنانة الألوان الزيتية بعاطفية عنيفة بحيث تظهر ألوانها جميعا في انسجام تام. الفنانة الشابة لينا أسامة حالة فنية إبداعية تخطو أول طريقها إلي الإبداع برؤية غير نمطية للإنسان والحياة في جرأة ومرونة تشكيلية، فاستخدمت الاتجاه التعبيري شكلا ومضموناً في عمل مبالغات و تحريف للملامح ما أكد علي صفة الانفعال في أعمالها، العنصر الإنساني هو موضوعها الفني، رسمت التكوينات البشرية متلاحمة، الأشخاص صامتة وحائرة وربما متحاورة أحيانا، الوضع الأمامي للأشخاص يحمل في مضمونه قوة الإنسان في لحظة مواجهته واصطدامه بالواقع، ونجدها قد استغلت وضع طبقات مختلفة من الخامات في صنع ملامس أكدت بها معني الزمن في أعمالها. الفنان التشكيلي هشام إمام قدم في أعماله تكوينات بشرية تتصارع علي تواجدها، مستخدما الاتجاه التعبيري من خلال التحريف في الشكل، في رؤية ومعالجات تشكيلية مختلفة، ونجده استخدم التهشير بالأسود والأبيض معبرا عن لحظة تمر بالإنسان بين الرفض والقبول للواقع، وجاء اللون الأسود في العنصر البشري بدلالة تعبيرية عن حالة صمت، في تمثيل للحظة سكون وترقب بين الإنسان وذاته.