كنت أستغرب ما يقوله الكاتب الكبير الأستاذ مفيد فوزي حول ما أسماه «حزب أعداء النجاح» في مصر.. إلي أن عرفت أنه علي حق.. وأنه لم يكن يبالغ.. بل إنه أوجز واختصر في أن يعبر عن «وباء كراهية النجاح».. وكانت تدهشني مقولة أمير الكويت عن بلده «ان فيها حقداً يكفي الصين» إلي أن اكتشفت أن في بعض المجالات في مصر «حقدا يكفي العالم».. وحسداً يغطي الأرض. وذات مرة قرأت للشاعر والمفكر الألماني آرثر شوبنهاور مقولة أن «الحسد أعلي درجات الاحترام في ألمانيا».. فأدركت أننا بالمقارنة قد نكون في بعض النعمة.. خصوصاً أن مارسيل رانيكي، وهو ناقد ألماني قال: «الأدباء الألمان يغفرون لزملائهم أي شيء إلا النجاح».. وقلت: ماذا يمكن أن يقول رانيكي لو أنه جاء إلي مصر وعاش بعضا من الوقت.. وليس بعيداً عن هذا قول أميروس بيرس الكاتب الأمريكي: «الذنب الوحيد الذي لا يمكن أن يغفره رفقاؤنا هو النجاح».. وقد قال سلفادور دالي ذات مرة: «غيرة الرسامين الآخرين كانت دائماً مقياس نجاحي». وأنا لا أتوافق مع عمرو خالد وأنكر منهجه وأرفض مضمونه، لكن هذا لا يمنع أن أستعين بأنه قال: «النجاح يشبه السلم الذي لا يمكن أن تتسلقه وأنت تضع يدك في جيبك».. وربما قرأت مثل هذا المعني لغيره.. لكن الكثيرين أكدوا أن النجاح جهد.. وإرادة.. وإصرار.. وقد قال توماس اديسون: «الكثيرون ممن فشلوا لم يدركوا أنهم كانوا قريبين جداً من النجاح حين استسلموا».. ويقول بل كوسبي وهو صحفي ومؤلف أمريكي معروف: «لا أعرف ما هو سر النجاح.. لكن الفشل هو محاولة إرضاء الجميع». ولا نجاح بدون إرادة، وقد قال الأديب والمسرحي الفرنسي دي بلزاك: «لا موهبة عظيمة بدون إرادة عظيمة».. ومدرب كرة السلة الأمريكي الشهير بوبي نايت يقول: «إن مجرد التلفظ بكلمة إرادة يشحن المرء بقوة غير عادية».. وقال أيزنهاور: «لا يمكن للدولارات والبنادق أن تستبدل العقل والإرادة».. لكن فاجنر الموسيقي الألماني العظيم يضيف إلي الارادة قوة الخيال.. فيقول: «الإبداع ليس قوة الإرادة. القوة الإبداعية هي الخيال الذي يخلق الحقيقة».. وفي رأيي أن هذا لا ينفي تلك. والشجاعة والإقدام والجسارة من قرينات النجاح.. ويقول سنيكا الفيلسوف الروماني: «الشجاع حر».. ويقول الكاتب الأمريكي الويفر هولمز: «الشجاعة هي أن تفعل وليس أن تكون رد فعل».. وبزهد وعقلانية كبيرة يقول وليم شكسبير: «الشجاعة ليست أن تنتقم بل أن تتحمل وتصبر».. ويقول البير كامو: «النبالة الحقة هي الشجاعة».. ويقول والت ديزني: «سوف تحقق كل أهدافك وأحلامك إذا كانت لديك الشجاعة الكاملة لملاحقتها».. وأوجز أرسطو منهياً الأمر قائلاً: «الشجاعة هي أهم الصفات لأنها تضمن بقاء كل الصفات».. وكما قال الإمام علي بن أبي طالب إن «العجز آفة» فإنه أضاف «الصبر شجاعة». وأهم خصائص النجاح «النبيل» أن يكون أخلاقيا قائما علي الشرف لا يعرف تآمر ولا طعن في الظهر.. ويقول الشاعر الإنجليزي إلكسندر بوب «قم بدورك باقتدار ففي ذلك الشرف كله».. ويقول ابن سينا «نصرة الحق شرف.. ونصرة الباطل سرف».. ويقول الشاعر الإنجليزي أديسون: «أفضل أن أموت عشرة آلاف مرة عن أن يجرح شرفي».. وقد قالت مارجريت تاتشر وكانت برجماتية عظيمة: «الرغبة في الفوز تولد في معظمنا.. وإرادة الفوز مسألة تدريب.. أما أسلوب الفوز فهو مسألة شرف». وقبل يومين كنت أناقش أستاذاً عظيماً في مراحل صفات المثقف.. حين يقوم بدور في مجتمعه.. وقد اعتبر أن أولي المراحل هي الإدراك.. أي التبين.. الذي لا يتحقق إلا بعقل مثقف.. ومن شروط الوعي النفس الصافية المخلصة. وبعد الإدراك يأتي اتخاذ الموقف.. ولا يمكن لشخص أن يتخذ موقفاً بدون أن يكون قادراً.. فالقدرة جوهر الانحياز وإعلان انضمامك إلي صف دون غيره.. وبعد الموقف يكون تبللور الرؤية.. والرؤية لا تنتج من فراغ.. أو تقطع طريقا آتٍ من خواء.. ومن ثم تأتي الحكمة.. التي تجعل من كان في البداية مدركاً متبيناً قادراً علي إحداث التغيير. أعداء النجاح يقفون ضد هذا كله.. ضد كل تلك القيم.. والأشخاص الذين يتبنونها. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]