يمثل شهر رمضان المبارك استراحة المحارب بالنسبة لبعض الكتاب والمبدعين، يعتبرونه فرصة لالتقاط الأنفاس، بينما يمثل فرصة للبعض الآخر منهم، سواء لاستكمال ما تم البدء فيه قبل رمضان، أو بدء كتابة أعمال إبداعية جديدة، "روزاليوسف" التقت عددا من المبدعين الذين أنجزوا بعض أعمالهم في رمضان، للحديث عن الكتابة في هذا الشهر، في هذا التحقيق.. يفضل الروائي محمد جبريل إنهاء معظم الأعمال المؤجلة في رمضان قائلا: ألازم البيت في هذا الشهر، ولا أغادره إلا قليلا، لأن الكتابة تحتاج إلي وقت ممتد، وهذا لا يتوافر إلا في رمضان وروايتي (أهل البحر) أدين في إنجازها لشهر رمضان، وعدد صفحاتها ألف صفحة، وكانت تحتاج إلي التفرغ التام، والرواية تعرض للحياة في حي بحري في الاسكندرية منذ بدايات القرن العشرين وحتي نهايته يختلط فيها الحلم بالواقع ، بالخرافة بالفنتازيا واستحضرت شخصيات تاريخية مؤثرة مثل سيد درويش والبوصيري والخضر. أما الروائي يوسف زيدان فقال: قدمت في بداية التسعينيات كتاب (شعراء الصوفية المجهولون) في شهر رمضان قدمت فيه عشر شخصيات من شعراء الصوفية المجهولين مع مقدمة عن طبيعة الشعر الصوفي والسمات الضرورية لطبيعة هذا اللون من الشعر واستبعدت دواوين الشعر الصوفي المنشورة مثل ديوان ابن الفارض أو الشعراء المشهورين بشخصياتهم كالحلاج، ولكني قدمت فيه ما يتلاءم مع عنوانه من شعراء الصوفية المجهولين أمثال ذا النون المحب، نجم الدين بن اسرائيل، ونجم الدين كبري، والشيخ إبراهيم حلمي القادري الذي رحل منذ سنوات قليلة، ووزع الكتاب عشرين ألف نسخة في طبعته الأولي وتوالت الطبعات بعد ذلك. الشاعر نصار عبدالله: لقد كتبت مسرحية "المبارزة" في رمضان في بداية التسعينيات، وهي من المسرحيات ذات الفصل الواحد، وتعتبر من كلاسيكيات التدريبات لدي ورش العمل المسرحي، خاصة للمخرجين والممثلين الذين يريدون أن يجربوا أمكانياتهم بأقل تكلفة من الديكورات، فيختارون مسرحية المبارزة أو الشحاذ. ومسرحية المبارزة تدور أحداثها بين شخصين يلتقيان في محطة أتوبيس في مكان مهجور، أحدهما يحاور الآخر ويعلمه المبارزة، علي سبيل التسلية بطريقة عبثية، ولكن تتحول اللعبة إلي صدام حقيقي، ويبدو أن المسألة من البداية كانت جدية، وإن كانت متنكرة تحت قناع المزاح. وأنجز الشاعر محمود قرني ديوانه (الشيطان في حقل التوت) في شهر رمضان عام 2003، وعن هذه التجربة قال: يتناول الديوان عددا من التيمات الشخصية في تجربة نادرة وفريدة مع التراث الصوفي في صيغته الشعبية التي تشيع في الحضارات والأذكار وغناء الموالد والفنانين الشعبيين والوصايا التي كنا نسمعها من مشايخنا في القري من الآباء والأمهات والجدات وما يسمي الصراع الوجودي مع هذا التراث باعتباره تراثا أبويا يحاول السيطرة علي المنظومة العقلية التي سعي شعر الحداثة إلي الإعلاء من شأنها، وكانت قصيدة الديوان التي تحمل عنوانه دورانا حول هذا الصراع الذي يتناول تعويذة وضعها الأب لابنه في طاسة من الحبر السحري المذاب في الماء، لكي يكون أكثر امتثالا وطاعة في الوقت الذي يسعي فيه الولد خلف رحلة من الشقاء العقلي للبحث وهو منقسم علي ذاته، فهو من ناحية يحب شيئا غامضا في هذا العالم السحري لا سيما فيما يربطه بالتراث الروحي، ومن ناحية ثانية يرفضه لأنه يراه بناء لاهوتيا يناهض فكرة التحرر وسلطان العقل. الدكتور يوسف نوفل: استفيد فائدة كبري من شهر رمضان، فبالإضافة إلي نفحاته الروحية، التي توفر وقتا أطول وصفاء أجمل، أنجزت فيه الكثير من مؤلفاتي، أو علي الأقل أتممت لمساتها الأخيرة خلال شهر رمضان، سواء نهارا أو ليلا، ومنها علي سبيل المثال (موسوعة الشعر العربي الحديث)، التي أنجزتها في أكثر من ألف صفحة وصدرت عام 2005، وتضم الموسوعة أكثر من ثمانية آلاف شاعر ينتمون إلي بيئات الأدب العربي كله دون استثناء من موريتانيا إلي البحرين ومن اليمن إلي المغرب. كما أن رمضان فرصة للعودة إلي الشعر، لأن باقي شهور العام تستنفد وقتي كله في مهمات نقدية وعلمية، ارتبط فيها بحركة الحياة الأدبية في مصر والعالم العربي ولقد أنجزت ديواني (مرايا المتوسط) خلال شهر رمضان في منزلي ببورسعيد علي شاطيء البحر المتوسط حيث استرجع التاريخ والحضارات والحروب، النزاعات عبر العصور القديمة والوسيطة والحديثة، ومن خلال هذه التخيلات ولدت كل قصيدة بحيث يكون لها صلة بالقصيدة السابقة واللاحقة، ولم يمر أي حدث في العالم العربي، إلا وكان البحر المتوسط طرفا فيه، فلقد مر به عمرو بن العاص، عندما فتح مصر كذلك مر به النبي يعقوب عليه السلام، وتكاد تكون جميع قصائد الديوان كأنها قصيدة واحدة، لأن موضوعها واحد يعكس الأحداث التي وقعت في حوض البحر المتوسط. الروائي جار النبي الحلو أكد أن بدايته مع الكتابة الرمضانية كتابة مسلسلات للاطفال منذ عام 1995، حيث كتبت مسلسل (أصيل في أرض النخيل) وتمتد أحداثه إلي 30 حلقة من إخراج محمود إبراهيم وفي عام 1996 كتبت مسلسل (حكايات منسية) وحصلت علي جائزة أحسن كاتب سيناريو أطفال في مهرجان الإذاعة والتليفزيون كما حصل المسلسل نفسه علي الميدالية الذهبية، كما كتبت مسلسل (الجبرتي) للأطفال أيضا من إخراج حسن عبدالغني ويتناول سيرة المؤرخ العظيم بأسوب مبسط مبني علي التشويق والمفاجآت، وآخر الاعمال التي قدمتها للأطفال مسلسل (حواديت جميلة) وكان عبارة عن رسوم متحركة من اخراج فايز حسين.