تحدثنا في المقال السابق عن امرأة سعودية تدعي هيلة القصير والتي تنتمي لتنظيم القاعدة ودورها أن تجند النساء للانخراط في الأعمال الإرهابية وقد جمعت أموالا كثيرة للتنظيم، وكل ذلك لمحاربة القرب والوقوف في وجه العدو الإسرائيلي، وهناك الكثيرون بيننا الذين يؤيدون هيلة في أسلوب مقاومتها، أما هيلين فهي امرأة أمريكية تعتبر عميدة الصحافيين في البيت الأبيض وتبلغ من العمر 89 عامًا. وقد اضطرت إلي تقديم استقالتها بسبب تصريحها بأن علي الإسرائيليين الذين غزوا فلسطين ويعيشون عليها إلا أن يعودوا إلي بلادهم الأصلية في ألمانيا وبولندا والولايات المتحدةالأمريكية، وكان تصريحها هذا بسبب هجوم الجيش الإسرائيلي علي أسطول الحرية الذي كان في مهمة سلمية لكسر حصار غزة ومهمة إنسانية لتوصيل معونات غذائية للشغب الغزاوي الذي يعاني من نقص الغذاء والأدوية وأهم أساسيات الحياة، ولقد دفعت هيلين الثمن غاليا في دولة تتشدق بالحريات خاصة حرية التعبير والذي ينص عليه الدستور الأمريكي، لقد أدانوها ووبخوها وأجبروها علي الاعتذار، بل انهالت عليها السباب من كل صوب وحدب. والسؤال الذي قفز إلي ذهني وأنا أقرأ عن هاتين الامرأتين: أيهما خدمت القضية الفلسطينية بصورة مؤثرة ومقنعة؟! لقد ركزت وسائل الإعلام العالمية علي ما فعلته هيلة القصير، وعلي شريط نائب زعيم القاعدة في اليمن والذي أشار فيه إلي القبض عليها، وطلب من الخلايا النائمة السعودية أن تقوم بخطف الوزراء والمسيحيين وأخذهم رهينة للإفراج عن هيلة كان هذا التركيز بمثابة سكب مياه باردة علي رءوس الناشطين الحقوقيين والسياسيين والمثقفين الذين يدافعون عن أسطول الحرية الذي تلقي رصاصات وقتل منه سبعة أفراد وأصيب الكثيرون. وكانوا يتحدثون عن إرهاب وبلطجة إسرائيل ومجرد بروز قصة هيلة القصير حتي صمت الجميع، حيث إن إسرائيل ضحية للإرهاب حتي من النساء، ذلك الإرهاب الخارج عن القانون، والذي يستخدم وسائل غير شرعية ويستهدف المدنيين، فليس هناك «حد أحسن من حد». أما عندما صدمت هيلين بتصريحها المفاجئ فقد أحرجت تماما الحكومة الإسرائيلية، وبالطبع ركزت الحكومة الإسرائيلية علي هيلة وأهملت وتناست هيلين، هيلة بالنسبة لإسرائيل طوق النجاة من توبيخات العالم المتحضر، أما هيلين فهي صحوة الضمير لعالم متحضر قام بتنويم ضميره لأجل إسرائيل، هل تجد هيلين نوعا من التعضيد والتكريم من الدول العربية؟ وهل يمكن استضافتها لعدة أيام في مصر وإلقاء محاضرات وعقد ندوات حول فكرها كعميدة صحفيي البيت الأبيض؟! وهل يوجد بيننا من يتحمس للمقارنة بين هاتين الامرأتين؟ أم أن الخوف سوف يعتريه خشية أن يفضل الشعب المصري في أغلبه هيلة علي هيلين؟