حسب آخر أرقام اللجنة العليا لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري المقرر إجراؤها غدا، يتنافس 446 مرشحا علي 74 مقعدا في 55 دائرة علي مستوي الجمهورية بعد فوز 14 مرشحا بالتزكية. وتبدو المنافسة محصورة بين مرشحي الوطني وعدد محدود من مرشحي المعارضة، إضافة إلي مرشحين مستقلين بعضهم خرج عن الالتزام الحزبي للحزب الحاكم. ووفقا للأعداد القليلة للمرشحين وفوز عدد غير قليل بالتزكية، وضعف المنافسة في العديد من الدوائر التي تبدو شبه محسومة للحزب الوطني، قد لا تحظي هذه الانتخابات بأهمية لدي الناخبين مقارنة بانتخابات مجلس الشعب، التي لا تشهد مثل هذه الظواهر ولا يحسم فيها مقعد واحد بالتزكية. لكن ممارسة الحق في الانتخاب واختيار ممثلي الشعب في المجالس التشريعية، هما حق لا يجب أن نتنازل عنهما، لأن آفة هذا الوطن منذ ثورة يوليو حتي الآن هي ضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات العامة، وفي أفضل تقدير لم يصوت أكثر من ربع من لهم حق التصويت في أي انتخابات عامة. وحين نتأمل العالم من حولنا سنجد نسبة التصويت في الانتخابات العامة لا تقل عن خمسين بالمائة بأي حال، وفي أحيان كثيرة تصل إلي ثمانين بالمائة من أصوات الناخبين، مما يجعل المجالس التشريعية تعبر بحق عن آراء المواطنين، وتجعل النواب المنتخبين يفكرون ألف مرة قبل التفريط في حقوق المواطنين لأنهم يخشون عقابهم في الانتخابات التالية. وإذا ظلت أي انتخابات لدينا تدور في نسبة مشاركة تتراوح بين عشرين إلي خمسة وعشرين بالمائة، فهذا يعني تحكم قوي سياسية غير شرعية وبعض الأحزاب المنظمة في نتائج الانتخابات، وتجعل مقياس النجاح ينحصر بين الانتماء إلي عائلة كبيرة او الحزب الحاكم، أو قوي غير شرعية لكنها منظمة مثل الإخوان تستطيع حشد أنصارها وتستطيع التأثير علي البعض بالشعارات الدينية الغامضة التي تمس القلب أكثر مما تخاطب العقل. التجديد النصفي لمجلس الشوري انتخابات عامة، وهي بروفة مصغرة لما سيحدث في انتخابات مجلس الشعب، وعلي كل مواطن في دائرته الانتخابية المشاركة بصوته، ليس فقط لانتخاب نائبه في الشوري، وإنما ليوصل رسائل إلي جميع القوي السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة. أما إذا ظل التصويت علي حاله، وبنفس سماته المعتادة، فلن يحدث أي تغيير وسيظل مرشحو الحزب الوطني حتي لو لم نرض عن بعضهم هم الأقرب إلي الفوز.. وستظل جماعة الإخوان تخترق الحياة السياسية.. وسيظل أصحاب الثروة يتحكمون في الانتخابات.. وستبقي العائلات والعصبيات تتفوق علي اختيارات الشعب.