توليفة فنية غنائية استعراضية قدمها المخرج المسرحى ناصر عبد المنعم على خشبة مسرح الهوسابير من خلال عرض «وطن الجنون» للمؤلف نبيل خلف وبطولة عدد من الوجوه الجديدة، وقد سبق أن تعثر العرض أكثر من مرة بسبب اعتذار النجوم عنه، مثل على الحجار وسوسن بدر ومحمد منير، ثم إغلاق المسرح القومى الذى كان مقررا أن يقدم على خشبته، مما دفع مخرجه إلى الانتقال بالمسرحية للقطاع الخاص، وتحدى بتقديم العرض بمجموعة من الوجوه الجديدة خاصة أن هذا العرض يعد نوعًًا خاصًا من المسرح، فهو مسرح غنائى بحت يعتمد من البداية وحتى النهاية على الاستعراض والحركة والغناء، وهو ما قد يعتبره البعض نوعًا من المخاطرة فى الاعتماد على الوجوه الجديدة لكن المخرج تحدى بشجاعة، فعن هذا التحدى ورحلته مع هذا العرض أكد عبد المنعم قائلا: العرض كتب منذ عام 2007، وتم الاتفاق على تقديمه بالبيت الفنى للمسرح على المسرح القومى، وحدثت بعدها أزمة حريق المسرح القومى فأصبحت المشكلة متعلقة بإيجاد مكان للمسرحية، وكل الأماكن للأسف التابعة للبيت الفنى كانت مرتبطة بخطط لعروض أخرى مما أدى إلى تأجيل العرض أكثر من مرة، وبالطبع المسرحية كان بها مجموعة من النجوم الكبار مثل سوسن بدر وعلى الحجار واحمد راتب وكان هناك احتمال عمل اتفاق مع محمد منير لكن كثرة التأجيلات أدت لاعتذار هؤلاء النجوم لأنهم مرتبطون بأعمال أخرى وكانوا يريدون تحديد مواعيد نهائية وهذا لم يحدث. ويقول: بعد ذلك رأيت أن العرض يحمل إمكانية أن يقدم بمجموعة من الشباب الجدد، وبالفعل بدأنا البروفات بالشباب وبعد عمل لمدة شهرين معهم تحول العرض لإنتاج القطاع الخاص «شركة روانا»، وأضاف: البيت الفنى لم يتخل عن العرض، لكنه أجل كثيرا وهذا ما دفعنى إلى اللجوء إلى القطاع الخاص خاصة شركة «روانا» التى قدمت معها أربعة عروض سابقة مع نبيل خلف وهى «عقرب وفيل» للأطفال و«كوكب ميكي» و«ثورة شطرنج» و«أه يا غجر». ويضيف: بعد انتقالى للقطاع الخاص لم أتردد فى التمسك بمجموعة الشباب الذين عملوا معى، لأنه كان هناك اقتراح بأن أستعين بنجوم لكننى رفضت، لأن هؤلاء الشباب بذلوا معى مجهودا شاقا وتحملوا فترة طويلة من الجهد اليومى والمسألة نسبة وتناسب، فعندما نأتى بنجوم كبار ستزداد ميزانية العرض والعكس صحيح مع الوجوه الجديدة، وهناك تجارب مشابهة نحجت جدا مثل «بالعربى الفصيح» وأصبح أبطالها حاليا نجوما كبارًا، كما أننى خضت هذه التجارب التى تعتمد على الشباب من قبل ونجحت مثل «الطوق والأسورة» التى كان بطلاها محمود عبدالمغنى وداليا إبراهيم وحققت نجاحا كبيرا وأيضًا «خالتى صفية والدير» بطولة خالد صالح منذ سنوات، «ناس النهر» فى الطليعة بطولة أحمد عزمى وجميعهم أصبحوا حاليا نجومًا، إلى جانب ذلك فإن الشباب لديهم طاقة قوية فى العمل وتركيزهم أعلى من الكبار، لأنهم دائما يحاولون إثبات ذاتهم، فالمخرج بالطبع يستفيد من هذه الطاقة فى العمل. ويقول: إن الأعمال المسرحية حتى تنجح تحتاج إلى تسويق فى الأساس وهذا المنطق تقوم عليه أعمال مسرحية كثيرة وحتى الأعمال التى يعمل بها نجوم كبار أصبحت تعمل يومين فى الأسبوع فقط، والشركة هنا لديها قدرة جيدة على التسويق والاستمرار. وعن الشكل الذى قدم به العرض المسرحى يقول: هذا النوع من المسرح يندرج تحت مسمى المسرح الموسيقى الذى أصبحنا نفتقده بشدة، فالمسرحية غنائية موسيقية من البداية للنهاية، إلى جانب أن هناك أكثر من استعراض يصل عددها إلى 30 استعراضًا و30 أغنية، وهذا الشكل من العروض نادر لأنه مكلف جدا، لذلك هناك حالة من التراجع فى المسرح الغنائى والاستعراضى لأسباب إنتاجية، إلى جانب أسباب تتعلق بخشبات المسارح رغم أننا كنا روادًا فى هذا النوع من الأعمال أيام سيد درويش وسلامة حجازى ومنيرة المهدية وغيرهم. وعن إمكانيات مسرح الهوسابير أشار: إمكانيات هذا المسرح كبيرة لكن كانت لدينا مشكلة فى خشبة المسرح، واستطاع مهندس الديكور محمود سامى التغلب عليها عن طريق توسيع المسرح بشكل كبير، ثانيا العرض يحمل أشكالاً عديدة من الفرجة المسرحية مثل «المالتى ميديا» وهذا الشكل يستخدم فى هذه النوعية من العروض المسرحية بالعالم وهو مكلف جدا، بجانب وجود ثلاث شاشات بلازما فى العمق وشاشتين فى المقدمة، وهى منافذ لبث صور سينمائية مصاحبة للعرض، وهذا أعطى نوعًا من الثراء للعرض، أيضا أجهزة الإضاءة متطورة جدا، فكل هذه العوامل خدمت العرض لأن هذه النوعية من العروض لا يصح أن تكون فقيرة، خاصة أننا نعمل فى إطار الإمكانيات المتاحة فى مصر لأن هذا الشكل من العروض يقدم فى الخارج بشكل مغاير ومتطور تماما، فبالطبع بالقياس على هذه العروض نحن متراجعون للغاية فى المسرح الغنائى والاستعراضى، لأن مسارحنا تحتاج إمكانيات وتطوير ونحن نعمل بقدر الإمكان، لكننا نستطيع تحقيق الإبهار من خلال الأشياء المتاحة. ويقول: كان من الممكن تقديم العرض على أحد مسارح الدولة لكننا كنا سنحتاج أيضا لتوفير إمكانيات معينة وكنا سنضطر للانتظار لحين توافر هذه الإمكانيات، فعلى سبيل المثال إمكانيات الإضاءة هنا مقارنة بمسارح الدولة حديثة، فعلى سبيل المثال الإضاءة هنا تتابع حركة الممثل بالكمبيوتر، لأنها متحركة ونستطيع التحكم فيها بالكومبيوتر دائما، وهذا يحدث حالة من التنوع، لكن بالمسرح العادى نضظر لضبط الإضاءة على مكان واحد، والشاشات أيضا مكلفة، فمثلا فى مسرح الدولة من الممكن أن تشكل عبئا على الإنتاج لكن أعتقد أن العناصر هنا متكاملة ومتجانسة، فلا يصح أن يكون هناك عنصر ناقص حتى تكون جودة العرض مكتملة. وعن ندرة وجود هذا الشكل من الكتابة المسرحية الغنائية أوضح قائلا: ما يميز نبيل خلف أنه فى الأساس شاعر ويكتب مسرحًا وليس العكس، وهذه نفس حالة صلاح عبد الصبور ولكن بالفعل المسرح الشعرى حدثت به حالة من التراجع فلا توجد أسماء كبيرة لأنها نوعية خاصة من الكتابة وكونه نبيل خلف شاعرًا ويكتب للمسرح فهذه ميزة كبيرة، وعادة العروض يكتب لها الأغانى شاعر، والدراما لها كاتبا آخر، لكن هنا العرض مختلف من البداية للنهاية حيث يعتمد على الكتابة الشعرية، وأعتقد أن هذا الشكل من الكتابة أصبح نادرا لأننا نأخذ منها مقاطع للأداء التمثيلي، لذلك أرى أننا لابد أن نكتشف ونشجع كتابًا جددًا وبالفعل كنا نفكر فى عمل مسابقات لاكتشاف المواهب لأننى أثق للغاية بأن مصر بها مواهب عديدة فى أماكن متفرقة، لكن تحتاج من يكتشفها، لذلك نستعد لعمل مسابقة فى التأليف العام.