انتقد رؤساء تحرير وكتاب ما اسموه بظاهرة «الصحفي التليفوني» التي أفرزت عدم تدقيق في التوصيف الذي ينعت به المحرر مصدره دون أن يتثبت من صحة ذلك فأصبح هناك من يمنح صفة دكتور وخبير استراتيجي ومفكر كبير ومستشار وهذه الصفات يمنحها لهم الصحفيون وليس الجهات العلمية. واللافت أن هناك عدداً من الصحف تتعمد إطلاق الألقاب والتوصيفات بالمخالفة للواقع. متخصصون قالوا إن ذلك يمثل خداعاً للقارئ فيما قلل بعضهم من خطورة ذلك معتبراً أن التوصيف ليس ذا قيمة إلا إذا كان ما يكتب له جدوي ومن جهته قال الكاتب الصحفي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة إن مسألة التثبت من الصفات التي تنطوي علي تقييم مثل المفكر أو الخبير أو المحلل السياسي أمور مسئولة عنها الجهة التي تنشر وليس من المفترض أن تترك لصاحب الشأن أن ينسب لنفسه ما ليس له فشائع الآن أن يقال «فلان مستشار» وقد يتضح أنه مستشار بشركة أو مجلة في حين أن هذا مرتبط بالقضاء وهو نفس حال توصيف الدكتور أصبح الجميع الآن دكاترة. وأوضح عيسي أن الشخص يجب أن يقدم في الصحافة من خلال وظيفته وليس توصيفات تقيمية تترك لأصحابها، لافتاً لأن القنوات الفضائية والصحف التي تنشر لمثل هؤلاء عليها ألا تسمح بإضفاء صفة لأحد غير حقيقية أو غير متوفرة فيه. وقال سعيد عبدالخالق رئيس تحرير جريدة الوفد إن التدقيق في توصيف المصادر التي يتعامل معها الصحفي أمر خطير للغاية لا يمكن إهماله نظراً لانعكاس ذلك علي مصداقية ما يطرحه أو يقدمه الصحفي من خلال موضوعاته للقارئ مشيراً إلي أن هناك صحفاً توصف مصادرها بما ليس فيهم كأن تصف أحداً بأنه دكتور في مجال معين ويتضح أنه ليس كذلك وبالتالي فإن هذا يعد خدعاً للقارئ. وطالب عبدالخالق الجماعة الصحفية وخاصة المحررين الشباب بضرورة التأكد من الهوية الحقيقية للمصادر التي يتعاملون معها حتي لا يسقطون في شرك هذا الخداع لافتاً إلي أن هناك بعض الصحف التي تمنح هذه الألقاب عمداً تنفيذاً لأجندات خارجية تعمل من خلالها الصحيفة.. ومن جانبه أرجع عصام كامل رئيس تحرير جريدة الأحرار انتشار هذه الظاهرة إلي ما أسماه بظهور صحافة التليفون خاصة أنه كان قديماً يصنع الصحفي صداقة قوية مع مصدره فضلاً عن كونه يتحري قبل التعامل معه توثيق معلوماته حول هذا المصدر حتي يمكن قراءة أفكاره ومنهاجه السلوكي. ووصف كامل هذا النموذج من الصحافة بالسطحي في التعامل مع طبيعة الأخبار بحيث تفتقد دائماً إلي أبسط حدود العمق في المعلومة وبالتالي أفرزت لنا هذه الظاهرة ما يمكن تسميته بالصحفي الكاذب بعد أن أصبحت أجندة التليفونات أمراً سهلاً يتم تبادله بين الصحفيين دون وعي حتي أن بعضهم يتصل بمصادر مدونة داخل أجندته وهو لم يقابله مطلقاً بل قد يكون أيضاً لا يعرف صورته وهو ما يخرج معلومة مشوهة مطالباً بالحديث عن ممارسات مسكوت عنها تقوم بها بعض الصحف إذ تقوم باختزال بعض القضايا لصالح أهداف وأجندات معينة ليس لها علاقة بالعمل الصحفي الأمر الذي لا يجب السكوت عنه خاصة إذا كانت هذه الأجندات تابعة لجهات غير وطنية. أعتبر حسين عبدالرازق رئيس تحرير جريدة الأهالي الأسبق أن حدوث هذا الأمر غير مؤثر علي مستقبل الصحافة خاصة أن ما يكتبه أي محرر سواء صحفي أو كاتب مقال لا يمكن الالتفات له إلا من خلال ما ينشره من معلومات أو أخبار ذات قيمة أما في حالة انتفاء هذه القيمة سيكون ما كتبه غير مؤثر وفعال علي أي صعيد.