الأسبوع الماضي شهدت دائرة الجمالية جولة انتخابية أولي لانتخاب نائب عنها بديلا لمحمد إبراهيم سليمان الذي قدم استقالته، ويخضع حاليا لتحقيقات شاقة في النيابة العامة تتعلق بتجاوزات مالية خلال الفترة التي تولي فيها وزارة الإسكان..ولأننا في عام انتخابي يشهد تجديدا نصفيا لمجلس الشوري، ثم انتخابات عامة لمجلس الشعب قبل نهاية العام، فإن الانتخابات التمهيدية في دائرة الجمالية تمثل فرصة لاستشراف مستقبل الانتخابات العامة. وأعتقد أنه توافرت لدينا عدة ملاحظات ينبغي متابعتها وتحليلها بدقة، أولي تلك الملاحظات، ما ردده معظم المرشحين عن انتشار ظاهرة شراء أصوات الناخبين، والتي وصلت حسب "العربي" الناصرية إلي 400 جنيه للصوت الواحد، والملاحظة الثانية هي الضعف الشديد في عدد المقترعين رغم ان الانتخابات بدت ساخنة جدا حيث تقررت الإعادة بين مرشحين أحدهما حصل علي 1800 صوت والآخر حصل علي 1200 صوت. والملاحظتان مهمتان وخطيرتان في الوقت نفسه، لأنه في انتخابات تكميلية لن يحظي الفائز فيها بعضوية البرلمان سوي لعدة أشهر فقط، حرص بعض المرشحين علي شراء الأصوات وإنفاق الملايين، لضمان الفوز، ولا أعتقد أن هناك فارقًا كبيرًا بين من يمارس التزوير للفوز بالمقعد النيابي، وبين من يشتريه بأمواله. وأعتقد أنه علي الحزب الوطني الحاكم أن يبادر إلي إجراء تحقيق داخلي لمعرفة مَنْ مِنْ أعضائه مارس هذا الفساد الانتخابي، وسعي للفوز بالمقعد النيابي عبر شراء المواطنين وليس بالتصويت الحر المباشر ودون أية ضغوط حتي ولو كان ضغط المال واستغلال نسب الفقر المرتفعة في المجتمع المصري. ولا يجب علي الحزب الوطني الاكتفاء بتحقيق داخلي في واقعة شراء الأصوات، وإنما عليه وهو حزب الأغلبية أن يعدل القانون الانتخابي بحيث يجرم ظاهرة شراء أصوات الناخبين، ويضع حدا للإنفاق علي الحملات الانتخابية للأحزاب والأفراد علي السواء، لأنه في ظل التنافس الرهيب من رجال الأعمال علي الحصانة البرلمانية، وعضوية البرلمان، وتكوين جماعات ضغط تدافع عن مصالح شريحة معينة من المجتمع يجب علي حزب الأغلبية ضمان العدالة بين المرشحين، لا ترك المقاعد النيابية لمن يدفع أكثر. القضية الثانية والتي لا تبشر بخير هي ضعف الإقبال الجماهيري علي تلك الانتخابات وهي مؤشر لما سيحدث في الانتخابات البرلمانية القادمة، وهنا ليس علي الحزب الوطني فقط، وإنما علي كافة الأحزاب العودة بسرعة إلي الشارع ومخاطبة الناس، وتحفيزهم علي المشاركة السياسية.. لأنه بدون الناس لن يحدث أي تغيير، ولن تنصلح الممارسة البرلمانية في مصر.