تسري المطالبة بالحرية والنداء من أجلها في دماء الشعوب منذ القدم فهي تكاد تكون غريزة فطرية تدفع الشعوب التي تعاني من وطأة الاستعمار والظلم للدفاع عن حقها ضد المستعمر الطاغي وهو ما رصده المؤلف تيد مورجان في كتابه"وادي الموت:مأساة في ديان بيان فو التي قادت أمريكا إلي حرب فيتنام". وتعد معركة "ديان بيان فو" الشهيرة التي دامت لمدة ستة أسابيع هي معركة مصيرية أنهت احتلال فرنسا لفيتنام في عام 1954 لذا فهي من أهم المعارك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويمسك مورجان بين أطراف الخيوط لينسج لنا الأحداث بشكل متناسق ومتكامل فالحرب التي بدأت من أجل مناهضة الاستعمار تحولت إلي حرب بالوكالة للقوي العظمي. وكانت ديان بيان فو- منطقة بين جبال فيتنام- مستعمرة فرنسية خلال القرن العشرين واندلعت الحرب بين القوات الفرنسية وبين حركة المقاومة الوطنية في فيتنام.فبحلول خمسينيات القرن الماضي كانت الصين تقدم الدعم الأسلحة لفيتنام. كما يصف الكاتب ألوانًا من العذاب والمعاناة التي تجرعتها الأطراف المشاركة في الحرب. ففي الأيام الأولي للحرب العالمية الثانية صرح الرئيس فرانكلين روزفلت بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية في فترة ما بعد الحرب لن تدعم استعادة الإمبراطوريات الاستعمارية في أوروبا .وفي البداية قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية علي مضض الدعم للجيش الفرنسي ومن جانبها قدمت الصين الدعم قوات حركة التحرر الفيتنامية التي يطلق عليها اسم "فييت مينه" وبينما كانت الحرب تدور رحاها في معركة "ديان بيان فو" كان عدد من القادة السياسيين في الشرق والغرب في العالم يعقدون اجتماعا في جينيف من أجل بحث سبل انهاء الحرب وأنطوي اجتماع جنيف علي مشاركة جون فوستر دالاس "وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور - رئيس الوزراء البريطاني الأسبق فياتشيسلاف مولوتوف وزير الخارجية السوفيتي السابق وشو أن لاي وزير خارجية الصين في الفترة ما بين عام 1949 وعام 1958 . وكان المستفيد الاكبر من اجتماع جينيف هو الصين الشيوعية التي سرعان ما نفضت غبار الحرب عن نفسها لتعلن عن كونها قوي كبري في العالم.واستسلم الفرنسيون للواقع الآسيوي الجديد، واقع الاستقلال والتخلص من الاستعمار القديم. وبعد الحرب تغير مشهد السياسة العالمية فتهديد الشيوعية المتزايد قاد الولاياتالمتحدةالأمريكية نحو المزيد من سياسة الاحتواء. وتعد سياسة الاحتواء هي صنع الامبريالية الأمريكية .ويؤكد الكاتب أن أهمية معركة ديان بيان فو تكمن في كونها بمثابة إعلان عن نهاية سيطرة البيض علي القارة وبداية صعود الشرق.وبالنسبة لفرنسا فهي تعد مرادفا للعار والهزيمة للمجد العسكري الفرنسي. إما لأمريكا فمعركة ديان بيان فو كانت الشرارة التي أدت إلي انزلاق أمريكا في مستنقع حرب فيتنام والتي تعد بمثابة خطأ مثلها مثل حرب العراق وأفغانستان الدائرة الآن.