شهد معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، لقاءً حول كتاب "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني" جمع بين مؤلفه الدكتور يوسف زيدان، ومدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، وأداره سامح فوزي نائب مدير منتدي الحوار بمكتبة الإسكندرية، وشارك فيه د. حسن حنفي ود. عبدالمعطي بيومي. طرح حسن حنفي عدة نقاط للنقاش حول تحديد مفهوم اللاهوت العربي، وقضية المنهج في كتاب "اللاهوت العربي"، وانتقد استعانة زيدان بالنصوص الدينية، عوضاً عن الرجوع لمراجع علمية تاريخية، كما انتقد وجود بعض الأحكام العامة في الكتاب، لافتاً إلي أن مسألة قوامة الرجال علي النساء أمر يسر الغرب والأوروبيين وليس العلماء المسلمين، وقال إن الكتاب يعد كتابا علميا في حوار الأديان، ويطرح الكثير من التساؤلات في الأذهان. وأشار زيدان إلي أن كلمة اللاهوت قصد بها نظام التفكير العربي، وهذا النظام يختلف عن نمط التفكير المصري القديم والمسيحي، وقال إن آريوس نادي بالتنزيل أي الإعلاء بأن الله منفصل عن الإنسان، وأوضح أن هناك العديد من المفاهيم في شتي الحضارات حول اختلاط الألوهية بالبشر في مصر واليونان، ولفت إلي أن الحضارة العربية هي التي أنتجت اللاهوت العربي والفكر القائم علي الفصل بين الله والإنسان. وذكر زيدان أن المسيحية لم تعرف اللاهوت إلا من خلال بعض المحاولات التي أرادت الانتقال بالفكر الديني المسيحي من الاشتغال بحقيقة المسيح للانشغال بالذات الإلهية، وهي المحاولات التي رفضتها الكنيسة الأرثوذكسية وأطلقت عليها هرطقات أي مذاهب دينية منحرفة عن الإيمان القويم، وأوضح أن تلك الهرطقات ظهرت في منطقة الهلال الخصيب، التي سادت فيها الثقافة العربية في العصر المسيحي من قبل ظهور الإسلام بقرون، وأدت لصياغة الأرثوذكسية ذاتها وصيغ قانون الإيمان المتعددة. وأشار إلي تواصل المسيحية بالإسلام وهو ما يتبين في دعم الإسلام للهرطقة النسطورية والهرطقة الآريوسية. مما أدي فيما بعد لظهور علم الكلام أو علم العقيدة الإسلامية أو علم أصول الدين الإسلامي، مشيرا إلي أن المحاولات الأولي ظهرت بلغات كانت سائدة في ذلك الوقت كالسُريانية اليونانية، بينما المحاولات الثانية كتبت باللغة العربية لأنها ظهرت بعد الإسلام. ورأي زيدان أن جوهر الخطاب الديني في اليهودية والمسيحية والإسلام واحد، وذهب زيدان إلي أن الكنيسة النسطورية كانت لها سيطرة هائلة في آسيا ومع ذلك كانت قريبة من الإسلام لأن كليهما فكر عربي، وأكد أنه في كتابه الجديد يفرق ما بين الدين والتدين ، وما بين النص والديني والفكرة المستقاه منه. وقال إن بالرجوع للتاريخ سنجد العديد من الجرائم ارتكبت تحت ستار الدين وباسم الله، فهناك من كان يدعي أنه كلمة الله في الأرض، وألمح إلي أن أول عمليات الإبادة الجماعية قام بها اليهود وذكرت في التوارة، وهم الذين دائماً يشكون الاضطهاد ويبكون علي الهولوكوست، وأكد أنه لن يتم فهم العنف الديني في العالم حالياً دون الرجوع إلي الماضي فلا يمكن فهم الجماعات الإسلامية والعنف الديني في الإسلام دون الرجوع إلي الخوارج. وقدم يوسف زيدان نظريته الخاصة بارتباط العنف والدين والسياسة، مؤكداً أن "العلمانية خرافة" لأنه لا يمكن تصوُّر الدين بدون سياسة، أو تصور سياسة بعيدةً عند الدين قائلا: لولا كلاهما لما كان كلاهما، ورأي أن العلمانية وهم لن يتحقق مهما طال الزمن. وتحدث د.عبد المعطي بيومي مشيراً إلي أن هناك تشابهاً كبيراً وبين رواية عزازيل، وأن اللاهوت المسيحي في هذا الكتاب هو نفس اللاهوت في الرواية الحائزة علي البوكر، وأكد أن الكتاب به أشياء مضيئة وبعض العبارات ذات الأسلوب الشعري التي تولد الرغبة في قراءتها مراراً، وبالأخص حينما يتحدث عن نزول القرآن في وقت اضطراب اللاهوت العربي. وقال بيومي إن الكتاب لخص اللاهوت المسيحي تلخيصاً مجيزاً، حتي أن الكتاب أصبح يشكل بداية جيدة لقراءات أوسع ، لافتاً إلي أن زيدان أوغل في مسائل معاصرة في ضوء مسائل قديمة تعود إلي ما قبل الميلاد، واستطاع أن يفصل في مسائل مثل العنف القائم علي الدين. وأخذ بيومي علي الكتاب أنه يستند علي فكرة انبثاق اللاهوت الإسلامي عن اللاهوت المسيحي، مشيراً إلي أن هراطقة اللاهوت المسيحي ليسوا هراطقة الفكر الإسلامي، وطرح سؤالاً إشكالياً حول أسباب استمرار الانشقاقات المسيحية حتي اليوم وعدم ظهور أي فرق مسيحية في المنطقة العربية بعد ظهور الإسلام بعكس العالم الغربي.