نادراً جداً لحظات الفرح التي أشعر بها حالياً.. ومن بين هذه اللحظات كانت التي استلمت فيه خطابا من الفنان فاروق حسني وزير الثقافة يطلب فيها انتداب الزميل حلمي النمنم كنائب رئيس هيئة الكتاب. لم أتردد بالطبع في الموافقة لأنني أدرك قدرات وامكانيات حلمي التي تؤهله ليس فقط لأن يكون نائباً لرئيس هيئة ثقافية مهمة، ولكن لأن يتولي مسئوليات أكبر وأكثر أهمية. الأمر الوحيد الذي اشترطته علي حلمي هو ألا يتوقف عن الكتابة في مجلة "المصور" لأن الكتابة هي الباقية، ولأنه من الكتاب البارزين في المجال الثقافي بمصر. لقد عرفت الصديق حلمي قبل أن أنتقل للعمل في دار الهلال حينما كنت مازلت أنتمي لأسرة "روز اليوسف" قابلته في مكتب الصديق يوسف القعيد بدار الهلال، وهو الآخر أحد المبدعين والكتاب المتميزين الذي تكسب أية مطبوعة إذا ما كتب فيها. كنت وقتها أزور دار الهلال لمتابعة اصدار كتاب لي تحمس الأخ الأكبر عميد أسرة دار الهلال مكرم محمد أحمد لنشره، وكان يناقش مصادر تمويل الجماعات الإرهابية. في أول لقاء عابر مع حلمي ترك لدي انطباعا بأنه من المثقفين الذين يتعين أن نفخر بهم. صحيح أنه يمزج أحيانا الجد بالدعابة مثلما يفعل يوسف القعيد أيضا، إلا أنه شديد الإلمام بما تنتجه المطابع المختلفة من كتب وإصدارات مختلفة، إنه قارئ جيد، لا يصدر كتابا جديدا إلا وقرأه، وهذا منحه إلماما واسعا بالقضايا الثقافية.. وأهم ما يميز مكتبه في دار الهلال منذ أن عرفته هي كمية الكتب الكثيرة المتراكمة عليه، لدرجة أنه كان دائما ملاذاً لكل من يريد أن يحصل منه علي كتاب أو أكثر، إهداءً وليس استعارة. ولا يكتفي حلمي بالقراءة الواسعة والغزيرة فقط، ولكنه حرص ايضا علي اقامة علاقات طيبة مع كل المثقفين المصريين من شتي الأجيال والأعمار.. فهو ضيف دائم في المنتديات الثقافية، وحريص باستمرار علي المشاركة في فعاليات الأنشطة الثقافية المختلفة.. لا يشترك بالحضور فقط وإنما يشترك بالمناقشة والحوار أيضا.. يتفق مع ما يثار من أفكار وقضايا عن اقتناع ويختلف بهدوء وأدب.. لذلك اكتسب دوما محبة حتي الذين اختلف معهم فكريا وسياسيا. ولذلك كان اختياره في منصب نائب رئيس هيئة الكتاب اختيارا صائبا يستحقه، وسيكون اضافة بالقطع للهيئة، لأن حلمي لديه طموحات ثقافية واسعة المدي لمجتمعنا، وفي موقعه هذا سوف يسعي الي تحقيقها، في ظل شبكة علاقات مع مختلف المثقفين في مصر واحترام يحظي به في هذا المجال.. وهو احترام حظي به من خلال عمله ونشاطه في مجلة "المصور" الذي حظي برعاية مكرم محمد أحمد صاحب المدرسة الصحفية المميزة.. وضاعف من هذا الاحترام ايضا حصيلة كتب حلمي العديدة والتي يبدو فيها الجهد البحثي والتحليلي الواضح والملموس، وهو الجهد الذي ينطق به آخر كتبه "جرجي زيدان - الصهيونية - تاريخها وأعماقها". ورغم قصر المدة التي تولي فيها حلمي النمنم مسئوليته الجديدة في هيئة الكتاب، فقد لاحظ كل من ذهب الي معرض الكتاب هذا العام انه جاء مختلفا خاصة في النظام والنظافة، عن السنوات السابقة، لقد كان حلمي يكتب دائما في "المصور" منتقدا سلبيات المعرض. ولذلك سارع بتلافي هذه السلبيات هو الدكتور صابر عرب رئيس الهيئة.. وهذا يعني أن هناك ممن يتحدثون عن السلبيات لا يترددون في إزالة هذه السلبيات إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك.. ولعلها بداية طيبة لأخي الأصغر حلمي النمنم.