الثلاثاء المقبل يحتفل الأقباط الأرثوذكس بعيد الغطاس المجيد وتقام قداسات العيد مساء الاثنين وفي عيد الغطاس تمتلئ البيوت "بالقلقاس" وليس عبثًا نأكل هذا الطعام بالذات في عيد الغطاس، فهناك أطعمة كثيرة أشهي منه، لكننا في الحقيقة نأكل القلقاس لأنه يقربنا من معمودية المسيح، ففي القلقاس مادة سامة ومضرة للحنجرة، وهي المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلي مادة نافعة، مغذية، ونحن من خلال الماء نتطهر من سموم الخطية كما يتطهر "القلقاس" من مادته السامة بواسطة الماء! والقلقاس يدفن في الأرض ثم يصعد ليصير طعامًا، والمعمودية هي دفن أو موت وقيامة مع المسيح، ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه (كو 2:12)، (رو 6: 14) والقلقاس لا يؤكد إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فبدون تعريته يصير عديم الفائدة، فلابد أولاً من خلع القشرة الصلدة قبل أكله، ونحن في المعمودية نخلع ثياب الخطية لكي نلبس بالمعمودية الثياب الجديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة، لنصير أبناء الله.. ويعرف عيد الغطاس بعيد (الأبيفانيا) وهو عيد الغطاس المجيد، هي معمودية بالتغطيس لأن الكتاب يقول عن المسيح، "وللوقت وهو صاعد من الماء" ولذلك نسمي المعمودية الغطاس وأي معمودية ليست بالتغطيس هي معمودية باطلة أو شكلية أو بلا قيمة.. معمودية السيد المسيح لم تكن لولادته من الماء والروح لأنه الابن الوحيد للأب بالطبيعة، فلم يكن نزوله في المعمودية لكي يولد من الماء والروح لكنه كان نازلاً من أجل المسحة لذلك سُمي بالمسيح، يسوع اسم الولادة، والمسيح هذا اسم المسحة في المعمودية، ولكنها تأسيس لمعموديتنا نحن المؤمنين به، ففيما نال هو المسحة بالمعمودية أعطانا من خلالها الولادة من الماء والروح، لذلك يوحنا المعمدان قال للناس "وسطكم قائم التي لستم تعرفونه، هوذاحمل الله الذي يحمل خطية العالم كله" (يو 1: 26). وقال "إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد قال لي الذي تري الروح نازلاً ومستقرًا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو 1: 33، 34). وهنا ربط بين معمودية السيد المسيح وحلول الروح القدس عليه وأنه يعمد بالروح القدس. معني هذا أن الروح القدس حل علي السيد المسيح كبداية للعهد الجديد لكي يحل علي المؤمنين عبر الولادة من الماء والروح ومن خلال سر الميرون سر المسحة المقدسة. لماذا اعترض يوحنا المعمدان علي معمودية السيد المسيح بينما هو آتي لذلك؟ وقال له بالحرف الواحد "أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي" (مت 3: 14: 15) هنا الموقف ليس رفضًا من يوحنا أن يؤدي رسالته في عماد السيد المسيح وإنما شهادة من يوحنا أن الرب يسوع (الابن الكلمة المتجسد) بل خطية ولم يعتمد لأجل نفسه بل لأجل البشرية وهذا ما أوضحه بقوله "هذا هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم" لذلك كان رد السيد المسيح "اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر" (مت 3: 15) "فسمح له" لذلك نحتفل بهذا العيد كتمجيد للرب الذي تنازل وأتي ليخلصنا وأعلن عن نفسه في هذا العيد من خلال شهادة يوحنا المعمدان. الكنيسة في قوانينها (الأمر الرسولي) وأمر الرسل بهذا الاحتفال فليكن عندكم عيد الظهور الإلهي جليلاً لأن فيه ظهر لاهوته (لاهوت الرب يسوع) في الأردن علي يد يوحنا المعمدان، وعملوه في اليوم السادس من الشهر العاشر للعبرانية الموافق الحادي عشر من الشهر الخامس للمصريين) شهر طوبة "أقوال آباء مثل قول يوحنا ذهبي الفم" إن عيد الظهور الإلهي هو من الأعياد الأولية عندنا. القديس أغريغوريوس والقديس أبيفانيوس يقولان عن قيمة هذا العيد للبشر "لماذا يحتفل به ليلاً". في الثلاث قرون الأولي كان يحتفل به مع الميلاد، لكن بعد اكتشاف المواعيد فصلوا العيدين للاحتفال بكل منهما علي حده، واكتشف الموعد من خلال الأوراق التي أحضرها تيطس القائد الروماني الذي هدم أورشليم سنة 70 ميلادية.. فاستمروا يحتفلون به ليلا كما كان مع عيد الميلاد.