في الأسبوع الماضي وبالتحديد في (اليوميات) المجاورة لهذا المكان كتب الأستاذ لينين الرملي (الكذب جميل) وطبعا الكذب ليس جميلا ولكن المقال هو الذي كان جميلا جدا جدا.. فقبل نشره بيوم واحد كنا في لقاء عائلي وكان أحد الأقارب يتحدث عن جزء مما قاله الأستاذ لينين في مقاله ألا وهو (الكذب الرسمي).. وفي اليوم التالي وجدنا المقال فسعدنا بأنه مازال البعض يبحث عن قليل من الصدق.. والكذب الرسمي الذي كنا نتحدث عنه هو كذب الجهات الرسمية من خلال الإعلام الذي تتحكم فيه لإظهار صور غير صحيحة بل وكاذبة تماما عن الواقع ليتلقاها المواطن العادي فيعتقد أن الواقع وردي.. وقد بدأ هذا النوع من الكذب في الظهور بضراوة فيما بعد الثورة وبخاصة في حرب 67 حين كان العدو يدك أراضينا ويأخذها في ساعات، وتقول صحفنا وإذاعتنا إننا منتصرون.. واستمر هذا الكذب الرسمي إما بتجميل الصور القاتمة وتلوينها بألوان مبهجة، أو بالتخفيف من الأرقام الدالة علي تدهور الحال، أو بتلفيق نسب مغلوطة للتقدم والازدهار.. وهكذا! حتي بات المواطن مشغولا بالأخبار لا ليعرف منها الحقائق بل ليقدر كمية الكذب فيها.. فكان في عصر مضي يسمع إذاعات أجنبية بعينها ليعرف منها الحقيقة عما يحدث في مصر.. ثم ينتظر الصحف المحلية ليري كيف ساقت الخبر ويكتشف كم الكذب فيه!! وهكذا تنامي شعور علي مدي عقود وصار من الصعب إيقافه بما يعرف عند المواطن المصري ب (الكذب الرسمي) وامتد ليشمل كل - وأقول كل - ما تصرح به الجهات الرسمية أو يصدر عنها من دراسات لتقارير لأخبار لأرقام.. وفقد المواطن المصري الثقة تماما في الجهات الرسمية والحكومية.. والأخطر من ذلك أن كثيرين قد أعطوا لأنفسهم الحق في الكذب مبررين ذلك بأن (الحكومة بتكدب علينا).. ومن ناحية أخري صارت قصة (الفتي والذئب) هي المثل الأقوي فيما يخص تصديق المواطنين لما تقوله الجهات الرسمية.. وكما لم يصدق أهل القرية الفتي الكذاب حين قال لهم إن الذئب آت بالرغم من أنه فعلا كان يتقدم نحو القرية.. ولكن لأن الفتي كذب عليهم كثيرا من قبل فلم يصدقوه أيضا.. وهكذا المواطن المصري الذي تنامي عنده الشعور بعدم الثقة إطلاقا في الجهات الرسمية، هل تتوقع منه أن يصدق مثلا أن التطعيم بمصل (أنفلونزا الخنازير) آمن كما يقولون؟ بالطبع لن يصدقهم.. لقد تحدث الأستاذ لينين الرملي عن أنواع كثيرة من الكذب اليومي الذي نعيشه والذي صار جزءا من حياتنا مع الآخرين ومع أنفسنا حتي صار كثيرون منا يكذبون علي أنفسهم حتي أمام المرآة علي حد قوله.. وفي آخر المقال كتب أن بعضنا صادق بالفطرة أو تربي علي ألا يحترم نفسه إلا إذا قال الصدق.. وأنا أتفق معه فهو نفسه يقول الصدق: لأن (علي بابا) فعلا حرامي.. وأنا أعرف بعضا ممن يقولون الصدق في بلدنا ولكنهم قليلون جدا جدا.