أكد المستشار صدقي خلوصي رئيس هيئة قضايا الدولة أن هناك بعض رجال أعمال مصريين حاصلين علي جنسيات أجنبية يقومون بتشوية صورة الدولة أمام هيئات التحكيم الدولية مستغلين جنسياتهم الأجنبية في إقامة دعاوي قضائية ضد الدولة تحت دعاوي متنوعة منها عدم حمايتها لاستثماراتهم بها. وقال خلوصي الذي تدرج في الوظائف القضائية من خلال عمله بمحكمة القضاء الإداري ثم الإدارية العليا بمجلس الدولة ودائرة الأحزاب السياسية بنفس المجلس ثم نائباً لرئيس الهيئة وصولاً لرئاستها: إن من حق الحكومة أن تجد من يدافع عنها أمام المحاكم الإدارية مثلها تماماً مثل المتهم الذي كفل الدستور له وجود محام معه يدافع عنه أمام قاضيه الطبيعي حتي ولو كان معترفاً بجريمته بكامل إرادته. وناشد في نفس الوقت القائمين علي مجلس تأديب أعضاء هيئة قضايا الدولة بدرجته الثانية بمجلس الدولة مراعاة ظروف طبيعة العمل وتقاليد الهيئة واصفاً إياها بأنها مثل العم الذي يربي أبناء أخيه. إلي نص الحوار.. كم قضية تتصدي لها هيئة قضايا الدولة؟ - الهيئة تباشر ما يقرب من مليون و600 ألف قضية وهذا العدد ليس معناه أن هناك قضايا سنوية بهذا الكم ولكن نظرًا لكون أن القضايا لا تنتهي بسرعة والفصل فيها يأخذ وقتًا فإن هذا العدد تحول بالتالي إلي عدد تراكمي.. لأننا لا نسعي إلي زيادة عدد القضايا المقامة.. وغالبية هذه القضايا ضد الحكومة. لماذا هذا الكم من القضايا ضد الحكومة؟ - لأن الحكومة دائمًا ما تراجع نفسها كثيرًا قبل أن تسعي لإقامة الدعاوي.. ولكنها في نفس الوقت لا تمنع أحدًا من أن يقاضيها أمام المحاكم. عدد القضايا الكبير ألا يعني أن قرارات الحكومة خاطئة؟ - أنا هنا أنظر لهذا التفسير بشكل مختلف، وهو أن هذا هو طابع الدولة القانونية.. التي ترفع شعار مبدأ سيادة القانون وتخضع هي نفسها لهذا المبدأ قبل غيرها.. وتسمح لأي شخص أن يقاضيها أمام أي محكمة وفق قاعدة أنه لا يمكن أن يحول بين حقه شيء.. وزيادة عدد القضايا ضد الدولة معناه أيضًا.. أن الدولة لا تستخدم سلطاتها لتمنع أحدًا من ممارسة حقه.. وتقبل أن تقف علي قدم المساواة معه أمام المحاكم. قضايا الضرائب الملاحظ أن قضايا الضرائب هي الأكبر، هل هذا يعود للتقديرات الجزافية التي تقوم بها المصلحة أم لأسباب أخري؟ - الضرائب من الإيرادات السيادية.. ومن حق الممولين أن ينازعوا مصلحة الضرائب في تقدير الأرباح التي تفرض عليها الضريبة.. وبالتالي سوف نجد الحكومة طرفًا في جميع المنازعات المتعلقة بالضرائب.. ولكن يجب أن نشرح مسألة.. وهي أن الدولة عايزة إيرادات علشان الإنفاق علي الأغراض التي تهم الناس وهناك مبدأ دستوري.. أن المواطنين متساوون أمام التكاليف العامة.. وهذا يعني أن الدولة إذا كانت بحاجة لإنشاء بعض المشروعات فهذا يعني اشتراك جميع المواطنين في دعمها.. وهناك ضرائب تفرض علي المواطنين.. ليس في مصر وحدها.. ولكن في جميع دول العالم.. وأنا هنا اعتبر دفع الضرائب بمثابة قمة المواطنة.. لأنها تقف علي قدم المساواة علي حق الدم وهو أداء الخدمة العسكرية. في بعض الأحيان يصف المواطنون وزارة المالية بجابي الضرائب وأنتم تساندونها وفق أطر قانونية معروفة.. فهل تحولت الهيئة إلي أحد أساليب جباية الضرائب؟ - الهيئة لا تقوم بجباية الضرائب.. ولكن هي تباشر القضايا المرتبطة بهذا النوع وصولاً إلي حقيقة النشاط وحجم الأرباح التي تستحق عنها الضريبة.. وأقول لك إن قانون الضرائب الجديد قلل من نسبة قضايا المنازعات انطلاقًا من البند الذي طبقه القانون بند التصالح مع الممولين الأمر الذي جعل معه عدد القضايا التي تباشرها الهيئة حاليا 180 ألف قضية.. هذا عدد ضئيل إذا قورن بضخامة عدد الممولين بالدولة من أصحاب الحرف والأنشطة التجارية والمهنية.. لذلك عندما أصدر وزير المالية قرارًا بتشكيل لجان كمحاولة منه لإنهاء النزاعات نحن وافقنا عليها. تكتل الموظفين من الناحية القانونية هل يشكل موظفو الدولة نوعاً من التكتل ضد الهيئة فيما يخص مسألة تحصيل الضرائب عبر إقامة القضايا أمام المحاكم بشأن زيادة الضرائب في بعض الأحيان؟ - أقول لك إن أول ممول منتظم وليس له أية منازعات مع مصلحة الضرائب هو الموظف الذي تحصل منه الضريبة من المنبع.. قبل أن يتقاضي راتبه.. إذ تخصم منه الضريبة.. ولكن النزاعات دائماً ما تكون بشأن من يقومون بنشاط يقدم عنه إقراراً.. وبالتالي نري أن أفضل ممول للضرائب بالدولة هو الموظف. هل يمكن أن تدافع هيئة قضايا الدولة عن قضية خاسرة مقامة ضد الحكومة؟ - أولاً علينا أن نعود للدستور.. والدستور يكفل محاميا للمتهم الذي اعترف علي نفسه بارتكابه جريمة ما.. وبالتالي أليست الحكومة لها الحق أن تجد من يدافع عنها. ولماذا تحولت قضية الغاز الإسرائيلي إلي قضية رأي عام.. وما هو موقفك كمحام من الحكومة؟ - أولاً تصدير الغاز كان موجودا.. والناس موجودة.. ولكن الرأي العام لم يتحرك إلا من خلال القضية التي أقيمت واقامة الدعوي القضائية لها شروط ومعايير محددة لأنه مش كل واحد تيجي في دماغه فكرة أن الدولة تتصرف غلط.. يروح يقاضيها.. ومعني هذا أنه يجب علي من يقيم الدعوي أن يكون له مركز قانوني وبالتالي: ما هو المركز القانوني بالنسبة لمواطن عادي تجاه شركة تعاقدت مع دولة لتصدير الغاز إليها.. إضافة إلي أنه لا يوجد قرار إداري يختص به القضاء الإداري.. وهذه هي رؤية الحكومة وهيئة قضايا الدولة. ونحن تقدمنا بطلب لوقف تنفيذ الحكم الصادر بمنع تصدير الغاز لإسرائيل.. وصدر الحكم بوقف التنفيذ من دائرة فحص الطعون بمجلس الدولة.. وبالتالي عندما أطعن علي الحكم وأحصل علي حكم بوقف التنفيذ..إذن فهذا الطعن له شواهده من الناحية القانونية. مشاعر المواطنين معني هذا أن ما تم تصديره للشارع كان لعباً علي وتر المشاعر بعيداً عن النص الدستوري والقانوني؟ - الطعن في الأحكام شرع في القانون بوجه عام حتي يتفادي المواطنون تقصيرهم في تقديم المستندات وحتي يمكن لهم التظلم من حكم قد يكون خاطئاً لأنه لو لم يكن هناك اعتراف بأن الأحكام من الممكن إن تخطئ لما سمحت بالطعن.. وهذه القضية التي نتحدث عنها لا يمكن أن أقول أن هناك تضليلاً للرأي العام.. لأنه قد يكون هناك رؤية وطنية ولكن من الناحية الشخصية.. رؤيتي أن هذا الحكم يصح أن يكون مقالاً في صحيفة معارضة.. ووفقاً لأطر التقاضي والمحاذير القانونية.. حكم وقف تصدير الغاز غير صحيح وفق وجهة نظر الحكومة لأنه هناك فارق بين المناشدة والإلغاء. لكن البعض يغضب من دفاع هيئة قضايا الدولة عن الحكومة في بعض القضايا وأقصد هنا بعض رجال القضاء؟ - نحن لا نغضب أحدا .. ولكن إذا جاء الغضب ليضيع مصلحة عامة.. إللي يغضب .. يغضب.. ولكن طالما أننا نحافظ علي المصلحة العامة.. فمن مصلحتي ألا أغضب قاضيا مني!! طرحتم مؤخرًا فكرة تبادل الوكالة القضائية بين هيئات قضايا الدولة في الدول العربية .. ما هو الهدف منها؟ - معني هذا: اذا كانت الحكومة المصرية تتم مقاضاتها أمام احدي المحاكم العربية فمن حقي أن أطلب أن تكون ادارة قضايا الحكومة في هذه الدولة مفوضًا للدفاع عني والعكس يتم في مصر .. وهذا سيكون وفق اتفاقية بين الدول العربية في حال التصديق عليها وفي حال إقامة دعوي قضائية بين الدول العربية غالبًا ما يتم التوصل إلي حلول علي المستوي السياسي قبل اللجوء للتقاضي. منازعات الاستثمار لماذا أخذت منازعات الاستثمار الأجنبي شكلا متطوراً من الناحية الإعلامية وهناك بعض رجال الأعمال أصحاب الدعاوي القضائية حاولوا تشويه صورة مصر أمام مكاتب التحكيم الدولية؟ - هذه المنازعات أكبر من حجمها في محاولة لتشويه صورة الدولة.. وللعلم معظم القضايا التي تقام ضد مصر أمام هيئات التحكيم الدولية من أجانب شكلاً... مصريين أصلا.. يعني أنه رجل أعمال مصري اكتسب جنسية احدي الدول الأجنبية.. مثل وجيه سياج.. جنسيته الأساسية مصري.. ولكنه اكتسب الجنسية الإيطالية .. وأقام دعواه ضد مصر باعتباره إيطاليا وليس مصريا ونحن نشكك في هذا. أيضا هناك رجل أعمال اسمه هشام العشماوي أصله مصري واكتسب الجنسية الأمريكية وتعاقد معنا علي مشروع استثماري بصفته أمريكيا.. لإقامة منتجع بالعين السخنة وسحب منه المشروع.. ويزعم حاليا أن الحكومة المصرية هي التي لم تقم بحماية استثماراته استنادًا إلي الاتفاقية الموقعة بين مصر وواشنطن بشأن حماية استثمارات رجال الأعمال في كلتا الدولتين.. ولكن الحقيقة هنا أن الحكومة ليست طرفا في المشروع الاستثماري ولكنها متعهدة بتوفير الحماية. لماذا لم تصدر الهيئة حتي الآن بيانًا توضيحيا للرأي العام بشأن قضية سياج أنه قام بادخال شركاء إسرائيليين معه في الأرض التي حصل عليها من الدولة مخالفا بذلك تعاقداته مع الحكومة؟ - نحن لا نتحدث في القضايا مع الجماهير.. ولكن نتحدث مع المحاكم .. والتحكيم الدولي .. ولا يعنينا أن نفعل ذلك لأن المحاكم بذلك سوف تتحول إلي الجمهور وهذا غير مطلوب .. والقضية من المفترض ألا ينشر عنها إلا عقب الفصل فيها. ولكن سياج قام بالنشر في احدي الصحف الخاصة.. بما في ذلك الوثائق المقدمة إلي هيئة التحكيم الدولية بشأن قضيته؟ - نحن نواجهه أمام القضاء .. والتحكيم الدولي الأصل فيه السرية فضلاً عن أن كل ما يعني الهيئة هو اداء واجبها دون الالتفات بشأن ما يقال .. لأننا لو تعقبنا كل من يكتب كلمة سوف أنسي عملي. ليس من الممكن أن يكون هناك تعديل علي قانون الهيئة يسمح بجعل درجات التقاضي بالنسبة لمجلس تأديب أعضائها داخل الهيئة بدرجتيه الأولي، والثانية؟ - أتمني هذا.. لأننا لا نريد أن يكون لنا مجلس تأديب يختلف عن باقي الهيئات القضائية. هناك حديث حول القيمة المالية التي تتقاضها مكاتب المحاماة الدولية للترافع عن القضايا الخاصة بالحكومة خارجيا. هل هناك ميزانية محددة لذلك؟ - تحديد قيمة أتعاب المحاماة بالنسبة للمحامين الأجانب موجودة بداية وليست من عندنا.. اضافة إلي أننا نلجأ إلي مكاتب كبيرة وبالتالي دائما ما تكون أتعابها كبيرة.. ولك مثال قضية وجيه سياج.. محكوم ضدنا بما قيمته 5 ملايين جنيه.. و5 ملايين دولار أتعاب محاماة.. وهذه قيمة تقديرية من جانب هيئة المحكمة نفسها وليس من جانبنا.