حينما يشاهد المصريون الناشطون الأجانب في قافلة شريان الحياة وهم يقتحمون بوابة ميناء العريش مساء أمس الأول، ويشتبكون مع رجال الشرطة، ويحتجزون موظفي الميناء المدنيين كرهائن، لا بد أن يثور الدم في رؤوسهم، فمصر ليست"ملطشة" ولن تكون أبدا.. لقد قال الله تعالي في كتابه الحكيم: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" وقد ظلت مصر مصداقا لقوله تعالي يتمتع فيها كل زائر بالأمن والأمان، الذي قد لا يجده في بلده الأصلي.. لكن الأمن في مصر يستدعي الأدب أيضا.. ويحتاج إلي احترام القوانين، والسيادة الوطنية! أصحاب قافلة شريان الحياة، يتصورون أنهم في حالة حرب مع مصر، ليست مبررة، ولا مقبولة، بداية من عدم الالتزام بالخط المحدد لسير القافلة، ثم عدم الرد علي أربع رسائل متتالية منذ منتصف نوفمبر الماضي أرسلتها السفارة المصرية في لندن لمكتب النائب البريطاني جورج جالاوي، وصولا إلي تغيير مسار القافلة، والإصرار علي دخولها من نويبع وليس من العريش كما تم إخطار جالاوي بذلك. أنا شخصيا أقدر الدور الذي يلعبه النائب جالاوي في دعم القضايا العربية، والتضامن مع الشعب الفلسطيني بغزة، لكن مثل هذا الأسلوب التصادمي الفوضوي الذي يتبعه جالاوي ومن معه، يفقده الكثير من الاحترام، ويضعه في دائرة الشك والاتهام، لإصراره الدائم علي تسيير القافلة كما يشاء، وعلي عدم الالتزام بالقانون المصري. مساء أمس الأول حطم أنصار جالاوي البوابة الحديدية لميناء العريش، واعتدوا بالضرب علي رجال الإطفاء الذين حاولوا إطفاء الحرائق التي أشعلوها داخل الميناء، وحين حاولت قوات الأمن منع أعضاء القافلة من التمادي في التخريب والحرق كان جزاؤهم الضرب مما أدي إلي إصابة أكثر من عشرين شرطيا. وواضح من كل ما يحدث سواء من القافلة، أو من الفضائيات التي تدعمها وتتحرك وراءها أنها تعرف تماما تفاصيل خطة التصعيد والتعدي علي مصر الأرض والقانون والشعب.. وهو أمر لا ينبغي السكوت عنه، أو التعامل معه بهدوء.. فزوار مصر آمنون متي احترموها.. لكن الخروج علي القانون يجب أن يواجه بالقانون ولا حصانة لأحد في ذلك. وأعتقد أن علي الحكومة المصرية النظر بجدية أكثر في موضوع القوافل التليفزيونية والإعلامية التي تأتي إليها للدخول إلي غزة.. وإذا كان ما يحدث في الأرض المحتلة هو بسبب الحصار الإسرائيلي في الأساس فيجب وضع إسرائيل في الواجهة وتحميلها جميع المسئوليات. وأتصور أنه علي وزارة الخارجية أن توجه من يريدون تنظيم قوافل للتضامن مع غزة.. للدخول عبر إسرائيل وليس مصر.. فالموانئ الفلسطينية كثيرة ومتعددة سواء تحت سيطرة حماس أو إسرائيل.. والمعبر الرئيسي الذي يربط غزة بالعالم هو مع إسرائيل وليس مع مصر.. وإذا كان أصحاب القوافل لا يلتزمون القانون المصري، ولا يحترمون أرضها وشعبها فليبحثوا عن أماكن أخري للوصول إلي غزة.. ليس عن طريقنا.. لأنه ليس مقبولا أيضا ان تتحمل مصر كل هذا الهراء.. بينما مقاتلون من حماس.. التي تسيطر علي غزة .. يطلقون النار مساء أمس الأول علي الحدود المصرية.. ولولا عناية الله لسقط شهداء مصريون برصاص فلسطيني كما حدث من قبل. من شاء التمتع بأمن مصر فعليه التزام الأدب.. أما من يتصيدون ويتحلون بقلة الأدب فلا مكان لهم في مصر.. لا تدخلوهم.. لا تستقبلوهم.. خاصة أن أكثر من 80٪ من المساعدات التي دخلت غزة العام الماضي كانت مصرية وليس من عصابة جالاوي.