في قلب الجالية الإسلامية بفرنسا، يتمتع الإمام بمكانة كبيرة وتلتف حوله الناس طلبا للمشورة والهداية، ولكن بعد أكثر من 30 عاما من الدعوة، قرر طارق أوبرو،الفيلسوف والداعية الفرنسي ذو الأصول المغربية و إمام مسجد بوردو ، أن يعيد النظر في مسيرته الطويلة منذ أن بدأ نشاطه في الثمانينيات في عدة مدن فرنسية ابتداء من ليموج ومروراً ببو قبل أن يستقر في بوردو، وحتي اليوم بعد أن أصبحت الحاجة لتعريف "الإسلام الفرنسي" أمراً لا غني عنه. وفي الكتاب الذي يحمل عنوان "المهنة:إمام" والذي يضم عدة حوارات أجراها الصحفيان ميكايل بريفو وسيدريك بايلوك، تناول أوبرو القضايا التي يثيرها وجود الاسلام في فرنسا العلمانية، في مزج بين الفقه الإسلامي والعلوم الانسانية المعاصرة. وفي استعراض لمسيرته الدعوية الطويلة مقارنة بتاريخ الاسلام الحديث نسبيا في فرنسا، حاول أوبرو فتح آفاق جديدة فيما يتعلق بالعلاقة بين الشريعة والعلمانية، والحوار بين الأديان، والمقارنة بين النموذج الإسلامي الفرنسي والنموذج الانجليزي، وتدريب الأئمة. لم يتردد هذا العالم المستنير المهتم بشئون الجالية الاسلامية في الاعلان عن وجهات نظره بصراحة حتي في أكثر القضايا إثارة للجدل. التوازن، هي أول كلمة تخطر بالذهن عند قراءة هذا الكتاب، وهو ماكان دائما الهدف الاساسي لهذا الإمام الذي اشتغل بالدعوة دراسة علمية، أثرت بالتأكيد علي رؤيته للأشياء و جعلتها أكثر موضوعية ودقة.فمن خلال الكتاب نري كيف سعي أوبرو دائما للحفاظ علي التوازن بين الانفتاح علي مجتمع علماني وبين الولاء للعقيدة الإسلامية، وبين صفحات الكتاب، يقدم أوبرو تفسيراً للقرآن الكريم والإسلام يتوافق مع روح العصر الحديث، حيث يشرح بإسهاب كيف ان الرؤية الأخلاقية للاسلام قد تكون مصدر إلهام لشريعة تتكيف مع أوضاع المسلمين الموجودين في الغرب بشرط التركيز علي الشيء الأهم: الإيمان والروحانيات. ولأن الكتاب موجه للفرنسيين جميعا وليس المسلمين منهم فقط، فقد حرص الإمام أثناء حواراته علي استخدام لغة سهلة بسيطة، مع اللجوء أحيانا لشرح بعض المصطلحات الإسلامية العربية التي لا يفهمها الكثيرون.