خلط الأوراق النقابية والمهنية بالسياسة واستخدامها في لعبة التنافس علي الحكم الخطر الحقيقي الذي يواجه الصحافة المصرية ويفتت صفوف الجماعة ويهدد وحدة النقابة فبات البعض يغلب الانتماء السياسي علي الانتماء المهني فأصبحنا نري زملاء صحفيين يرتدون ثوب الزعامات السياسية يهتفون ويهتف لهم ويحملون علي الأعناق.. لا ريب في أن يعبر كل زميل عن انتمائه السياسي وأن يبلغ به الطموح مبلغه حتي لو كان اعتلاء سدة الحكم طالما يحتكم للدستور والقانون ويعمل وفقا للقنوات السياسية الشرعية فهذا الحق مكفول لكل مواطن مهما كانت مهنته ومعتقداته لكن المؤسف أن تلوي اعناق الصحف وتلون الأخبار وتطغي المصلحة السياسية علي القواعد والمعايير المهنية لتنحرف عن قواعدها الثابتة فهذا قتل لمهنة الخبر والموضوعية واعتداء علي حق القارئ في أن يحصل علي خدمة إعلامية خبرية يكون هو بعدها صاحب الحق في تبني ما يشاء من قناعات.. وإن كانت الأوراق السياسية غلبت بعض الشيء في العديد من الصحف علي المعايير المهنية فمن غير المقبول علي الإطلاق أن تنقل تلك السيطرة إلي نقابة الصحفيين التي تقوم في الأساس علي تجمع أصحاب المهنة الواحدة للتعبير عن مصالحهم وحقوقهم بينما الأحزاب تضم كلاً منها أصحاب الفكر السياسي الواحد وبين الصحفيين معتنقون لأفكار متصارعة ومتباينة الأمر الذي ينقل الصراع إلي ساحة النقابة إذا دخلها التحزب. واللافت أن تيارات سياسية تتاجر في كل انتخابات نقابية بشعارات الاستقلال والتغيير وهي المغالطات التي تخدع قطاعات من الزملاء لسبب بسيط وهو أن قانون نقابة الصحفيين يكفل التغيير الإلزامي لمعتلي موقع النقيب بأن حظر علي المرشح تولي المقعد لأكثر من دورتين متتاليتين وبالتالي رفع شعار التغيير في انتخابات تجديد نصفي علي المقعد مزايدة علي اختيارات الجمعية العمومية وكان من الأولي برافعي هذا الشعار أن يضمنوا برامجهم الانتخابية بنداً خاصاً بتعديل تشريعي يضمن التغيير في عضوية المجلس بحيث يحظر علي العضو تولي المقعد لأكثر من دورتين متتاليتين أسوة بالنقيب لكن ربما إغفال ذلك يعود لتجنيب المرشح علي مقعد النقيب سخط أعضاء المجلس من التيارات التي تلتصق بمقاعدها من خلال تكتلات سياسية توظف انتخابيا أكثر من كونها محققة لإنجازات نقابية. الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين مازال معلمًا يعطي الدروس لشباب المهنة فهو الذي استطاع أن يجعل من نفسه نقطة التقاء يتفق عليها زملاء من مختلف التيارات فيكفي أن تجمع اللجنة الضامنة لاتفاق إنهاء أزمة الشعب الزملاء عبد القادر شهيب وعادل حمودة وطارق حسن وسليمان جودة ومجدي حلمي ولكل منهم اتجاهه لكنهم اتفقوا علي أرضية مهنية نقابية.. والدرس الثاني هو سفر النقيب رغم إرهاق الحملة الانتخابية فجر الثلاثاء إلي كوبنهاجن للمشاركة في مؤتمر التغيرات المناخية.. والدرس الثالث هو رفض النقيب دخول قاعة مجلس الشوري خلال انعقاد المجلس وهو عضو به رغم تواجده صباح الاثنين بالمجلس أي بعد ساعات من نجاحه مساء الأحد وذلك خشية أن يثني عليه أعضاء بالمجلس فهو عضو به أو أن يصفق البعض له قائلاً تجنبت الدخول حتي لا يحدث شيء من هذا فأنا لست زعيمًا سياسيا بل صحفي خاض انتخابات النقيب.. أعلم أن نشر ذلك قد لا يرضيك لكن عفوًا فشباب الصحفيين في أمس الحاجة لهذه الدروس.. نعم أنت لست زعيمًا سياسيا لكنك قدوة مهنية ونقابية فهل تملك أنت إحداث التغيير في التشريع القانوني المرتقب لقانون النقابة؟!