"النظرة المعادية" للعرب والمسلمين، ما هي إلا إحدي تجليات "الإسلاموفوبيا"، وكأن الفكر الإسلامي فكر تفجيري صريح، وكانت هذه الفكرة راسخة لديهم منذ فترة كبيرة، ولكنها وصلت إلي مداها بعد أحداث 11 سبتمبر"، هكذا تحدث الدكتور سعيد اللاوندي في الندوة التي أقامتها مكتبة "حنين" لمناقشة كتابه "الإسلاموفوبيا" وحضرها الكاتب الصحفي خالد جبر والكاتبة نوال مصطفي. وأكمل اللاوندي: ظهر التجلي الثاني في حادثة مروة الشربيني، فهم يرونها كامرأة مسلمة محجبة مشروع إرهابية، هذا إن لم تكن بالفعل إرهابية، فهي تشكل خطرا محدقا بهم. وحمّل اللاوندي الإعلام الغربي مسئولية هذا الخلط بين الإسلام والإرهاب، لعدم التمييز بين المسلمين والعرب والإرهابيين في خطابه، بل والربط بينهم، وتصدير هذه الصورة للمواطن الأوروبي. واعتبر اللاوندي أن قرار حظر بناء المآذن في سويسرا ليس سوي إحدي صور هذه "الفوبيا"، فالموقف من المئذنة ليس موقفا من شكل معماري بعينه، وإنما موقف من الإسلام الذي تعد المئذنة أحد أهم رموزه، والإسلام بالنسبة لهم يعني الإرهاب. وانتقد موقفنا كعرب ومسلمين من هذه الصورة التي يتبناها الغرب، حيث نتجاهل كل هذا، ونتعمد لعب دور الضحية، فلا نفكر في كيفية إقامة جسر لحوار الحضارات والأديان حتي يعرفوننا، ونكتفي بكيل الاتهامات لهم دون النظر إلي دورنا الذي تغافلنا عنه، وهو تصدير صورتنا كعرب ومسلمين بشكل صحيح، واستشهد بمقولة الدكتور محمد حمزة: "إنه من الخطأ أن نتحدث عن هذه الظاهرة كمسلمين، حتي لا تغلب علينا عصبيتنا الدينية، وكذلك حتي نضع أنفسنا مكان الشخص المقابل بثقافته وتجاربه وخبراته السابقة عن الإسلام". ثم يستكمل اللاوندي قائلا: نحن كعرب ومسلمين لا نجيد إقامة حوار حضاري حيادي ثقافي مع الآخر بشكل عام، ويجب أن نتمسك بمقولة العقاد التي قال فيها: إن الدين الإسلامي من الممكن عقلنة نسبة 95٪ منه، والبقية تأتي في إطار الروحانيات، فلم لا نخاطب العقل أولا؟ فللأسف نحن حتي لا نجيد التعامل معهم بلغتهم الأم، فخلال عشرين عاما لم يمر علي مستشار إعلامي مصري واحد في فرنسا يتقن الفرنسية، فجميعهم مع الأسف يعتمد علي الترجمة، فكيف سنحاورهم ونحن لا علم لنا بلغاتهم، وكيف نلوم عليهم فكرتهم عنا وهم يجدوننا حتي مهملين في تصدير نماذج مشرفة تحاورهم بلغتهم. أما الكاتب خالد جبر فقال: خلفيتنا الدينية التي تقول لنا دائما "أنتم خير أمة أخرجت للناس" تجعلنا نعتبر أن كل من يخالفنا أقل منا في كل شيء، ولا يساوي شيئًا، ومن ثم فإننا نستقطب عداءات الآخرين لأنه لا أحد يحب أن يقلل الآخر من شأنه، خاصة إن كان هذا الآخر أقل علميا وثقافيا واجتماعيا، وقال مؤكدا: إننا لا نجيد إقامة حوارات عالمية بشكل صحيح لا من قريب ولا من بعيد، ونسينا أن انتشار الإسلام اعتمد علي العقل، فلا إكراه في الدين، كما لا أبرئ ساحة الإعلام الغربي والشرقي علي حد سواء، فقد ساهم كثيرا في إحداث فجوة عميقة وهوة سحيقة بين القطبين الغربي والشرقي علي مر العصور. والأهم من تأكيد وجود مشكلة بيننا وبين الغرب هو إيجاد حلول جذرية تصحح هذه الصورة، وتحاول ربط العلاقات، فعلينا أن نبحث عن طريقة للحوار، وأن نختار لها التوقيت المناسب والمكان المناسب والوسائل الفعالة. فعلي سبيل المثال: لماذا لا نشكل هيئة إسلامية مهمتها توضيح حقيقة الإسلام وتبرئة ساحته مما تقترفه بعض الجماعات الإرهابية وإعلان التنصل من هذه الجماعات عالميا؟