في نفس هذا اليوم ولد المخرج الكبير داود عبدالسيد، في الثالث والعشرين من نوفمبر سنة 1946، مبدع مقل في إنتاجه، وليس أدل علي ذلك من أن أفلامه الروائية لا تُعد علي أصابع اليدين، بعد فيلمه الأول الصعاليك، الذي ظهر سنة 1985، وحتي فيلمه الأخير مواطن ومخبر وحرامي، سنة 2001، لم يقدم داود إلا الكيت كات، والبحث عن سيد مرزوق وأرض الأحلام وسارق الفرح وأرض الخوف، والمأمول أن يظهر قريبا الفيلم الذي أوشك أن ينتهي: رسايل البحر. أفلام قليلة العدد عظيمة القيمة، فكل فيلم منها يحمل رسالة فكرية ومتعة فنية وبصمة متفردة.. أفلامه تقدم نماذج مضيئة للجدية والإحساس بالمسئولية، وتصفع الأدعياء الذين يتسلحون بالبجاحة والوقاحة لإنتاج شرائط ركيكة لا صلة لها بالسينما إلا مشتركات هشة، لكنهم يملأون الدنيا ضجيجا، ويخلطون في لغة الحوار التي يستخدمونها بين التجارة وقشور الفن، وبين مهنهم الأصلية وحرفة الإبداع الذي يتطفلون عليه فيفسدونه ويشوهونه. بعض الأسماء الشهيرة في تاريخ السينما المصرية، قدمت في عام واحد ما يفوق إنتاج داود عبدالسيد في عمر كامل، لكن العبرة ليست بالكم، ولا يمكن أن تكون، والذين يراهنون علي التاريخ وعدالته، يوقنون أنه لا يصح في النهاية إلا الصحيح، من ذلك النمط الذي يقدمه داود ومحمد خان وعاطف الطيب، وقبلهم صلاح أبوسيف ويوسف شاهين.. إبداع هؤلاء سيبقي لأنه ينفع الناس، أما الزبد الذي يلفظه التجار الفاسدون فلابد بالضرورة أن يذهب جفاء. اليوم عيد ميلاد المخرج الموهوب داود عبدالسيد، صانع المتعة والوعي، وحامل راية الإبداع الجميل المتوهج الذي لا يعرف الغياب، ولأن البدر يفتقد في الليالي حالكة الظلمة، فإن الاحتفال واجب بداود، الشمعة الصلبة التي تواجه الظلام ببسالة.