استكمالاً للحديث عن مراكز الفكر الإسرائيلية نجد أن مركز هاري ترومان في جامعة القدس يعد من المراكز الأولي لمراكز الفكر الإسرائيلية والذي أقيم في عام 1965بدعم من الرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان ويحمل اسمه. ويقوم طاقم المركز بتفعيل نشاطات وبرامج ومنح دراسية بالإضافة لنشر الأبحاث والدراسات في التاريخ والسياسة والمجتمع كذلك يقدم المركز توصيات خاصة وعينية لمتخذي القرارات الإسرائيلية في قضايا شرق أوسطية وعالمية، ويضم المركز نخبة من كبار الباحثين المتميزين في الأبحاث السياسية والاقتصادية، ويعتبر من أهم مراكز الفكر الإسرائيلية خاصة في مجال رصد وعرض السياسات الإسرائيلية والاقتصادية. أما مراكز التفكير الإسرائيلية المستقلة فتعبر عن توجهات القائمين والداعمين لها في الأساس حيث يتصدر هذه الخزانات مركز فان لير في القدس الذي أقيم عام 1959، ويعدّ معهد فان لير من المراكز الفكرية المهمة في مجال الدراسات متعددة المجالات، ومناقشة القضايا المتعلقة بالفلسفة والمجتمع والثقافة والتربية. وبادر المعهد خلال مسيرته عبر العقود الماضية وشارك في ما يزيد علي 200 مشروع يمكن إدراجها تحت أربعة عناوين رئيسة هي :- الدراسات المتقدّمة، المجتمع المدني في إسرائيل الثقافة والهوية اليهودية المعاصرة الإسرائيليون، الفلسطينيون وجيرانهم
أما القطاع الثالث من مراكز الفكر الإسرائيلية فهو القطاع الحكومي، ومن هنا تجدر الإشارة إلي نظام الحكم في إسرائيل وكيفية تعامله مع مراكز الفكر الحكومية. حيث يعتمد نظام الحكم المؤسساتي في إسرائيل علي كوادر عمل وقوي بشرية متخصصة ثابتة تعمل في داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة، حيث نلاحظ وجود مراكز تفكير ملازمة وتابعة لكل وزارة من وزارات الدولة يعمل فيها باحثون متفرغون لرصد وتقديم التوصيات المتعلقة في الوزارة التي يعمل فيها الطاقم. إذ إن لكل وزارة طاقم عمل ثابت من بينها وحدة البحث الخاصة بالمركز، يعمل في هذه الوحدات متخصصون وباحثون متميزون في مجالاتهم. وتقوم طواقم البحث بإعداد ورصد جميع القضايا التابعة لمجال عملهم ومن ثم إعدادها علي شكل مذكرات تُرفع للوزير الذي يقوم بتحديد سياسة مكتبه في كل القضايا بناء علي توصيات طاقم البحث في مكتبه.
وهناك من يصنف مراكز الفكر الخاصة بالأحزاب كمجموعة رابعة لمراكز الفكر ولكن تبين الدراسة لهذا الجانب أن الأحزاب السياسية في إسرائيل تستند في بناء أجندتها السياسة علي مراكز فكر مستقلة متخصصة في مجالات استطلاعات الرأي خاصة في فترة الانتخابات البرلمانية وفي بعض الأحيان تستعين بعض الأحزاب بمراكز فكر خارجية أمريكية خاصة وأخري إسرائيلية متخصصة في مجالات البحث السياسي والأمني بناء علي دعوة وطلب لتقرير من هذه المراكز فى مواضيع مختلفة. ويختتم الباحث كمال حسان مقاله بدعوته وأمله لأن تكون دراسته عن مراكز الفكر الإسرائيلية مصدراً محفزاً للقيام بمشروع دراسة معمقة لمراكز الفكر الإسرائيلية في محاولة صريحة وعلمية لفهم المجتمع والسلطة في إسرائيل حتي يكون تعاملنا مع المجتمع والسلطة الإسرائيلي مبني علي العلم والمعرفة بالأساس.