بالرغم من تخصيص 10 مليارات جنيه في ميزانية الدولة لحل مشاكل مياه الشرب والصرف الصحي إلا أنها مازالت مستمرة بسبب تآكل خطوط وشبكات توزيع المياه في بعض المناطق مما أدي لكثير الأضرار الصحية بعد تسرب مياه الصرف الصحي المحيطة بهذه الخطوط إلي مواسير مياه الشرب ناقلة إليها بعض المواد العضوية الضارة والكائنات الدقيقة ولجأت شبكات تنقية المياه إلي زيادة كمية الكلور كمحاولة لتفادي هذه المشكلة رغم تحذيرات الخبراء من إصابة المواطنين بالسرطان والفشل الكلوي بسبب هذا الكلور الزائد. ناهيك عن انقطاع المياه لفترات طويلة خلال اليوم في مناطق أخري بسبب قلة المياه الخارجة من المحطات والذي أدي إلي محاولة استخدام المياه الجوفية في بعض القري بطرق بدائية وبدون تنقية وهو ما تسبب في انتشار مرض التيفود فيها أما سبب عدم وجود شبكات للصرف الصحي في مناطق عديدة فأدي إلي ارتفاع منسوب المياه الجوفية مكونة مستنقعات وبركاً في الشوارع والحواري مما يعد بؤرا خطيرة لانتشار العديد من الأمراض. دفع ذلك الحزب الوطني إلي تناول ورقة خاصة في مؤتمره السنوي السادس حول مياه الشرب والصرف الصحي وطالب إبراهيم محلب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب وأمين المهنيين بأمانة الحزب الوطني بالقاهرة من خلال توصيات مؤتمر القاهرة السنوي التي سترفع للأمانة العامة بإنشاء إدارة لتقليل الفاقد من مياه الشرب بدءاً من سلوك الفرد عن طريق حملات التوعية والخطاب الديني وعمل مسح كلي للشبكات المائية علي مستوي الجمهورية وتفعيل قوانين منع التعدي علي النيل والترع وتواجد أكثر لشرطة المسطحات المائية في القري لأننا نواجه تحدياً للمياه ونقصاً في الموارد المائية واقترح محلب تخصيص مادة دراسية في المدارس عن النيل بالإضافة للاستفادة من الأبحاث العلمية في مجال تنقية المياه ودراسة تحلية مياه البحر بعد أن أصبحت قليلة التكلفة وتخصيص جزء من محطات التنقية لهذا الغرض. وكشف خبراء المياه والصرف الصحي عن أسباب أخري لتلوث مياه الشرب وأنها قد لا تخرج من محطات التنقية آمنة وخاصة أن الدليل التدريبي في مجال الطوارئ الصحية وإصحاح مياه الشرب الذي اعدته وزارة الصحة بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ورغم أنه صادر من جهة حكومية إلا أنه يعترف بأن بعض محطات تنقية مياه الصرف الصحي إما معطلة وجار إحلالها أو أنها لا تقوم بمعالجة كاملة لسائل المجاري الخام مما يؤدي إلي صرفها إما غير معالجة أو معالجة جزئياً إلي المصارف والبحيرات غير المطابقة للمعايير المقررة للصرف الصحي علي المصارف ومن ثم رفع مياه المصارف الملوثة إلي مجاري المياه العذبة وهي محملة بالمواد العضوية ومسببات الأمراض والطفيليات. ورصد مسببات الأمراض التي تتواجد في المجاري المائية بعد تلوثها بالمخلفات الآدمية وهي ثلاثة أنواع أولها البكتريا مثل الكوليرا والسالمونيلا والشيجلا وثانيها الفيروسات مثل فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي وشلل الأطفال وفيروسات مسببة للإسهال والنزلات المعوية وثالثها الطفيليات مثل البلهارسيا والدوسنتاريا الأميبية والدودة الكبدية. وكشف الدليل التدريبي عن أن هذا التلوث يؤدي إلي الاستعانة بطرق أكثر تكلفة اقتصادياً للتخلص من مسببات الأمراض ويؤدي ارتفاع أسعار المياه علي المستهلك إلي معاناة المواطنين والمستثمرين اقتصاديا كما أن تلوث المجاري المائية يعتبر من العوامل السلبية التي تهدد خطط التنمية في الأقاليم والمحافظات والتي تعتمد كلية علي المياه السطحية. ويؤكد خبراء مياه الشرب أن عمليات التعقيم لا تنجح في إزالة المواد التي تدخلت في تركيب المياه نفسها والمواد العضوية الذائبة في الماء والمبيدات التي زادت نسبة تركيزها بسبب كثرة استخدام المبيدات وصرفها علي مياه النيل بالإضافة لانعدام عمليات الصيانة في المرشحات ومحطات التنقية. الدكتور محمود عويضة عميد كلية العلوم بجامعة المنوفية أكد أن محطات مياه الشرب في مصر يعمل معظمها بطرق تقليدية بدائية تعتمد علي تنقية المياه من المواد العالقة غير المذابة وتطهيرها من البكتريا دون النظر إلي المركبات الكيميائية الخطرة التي قد تنشأ بسب عملية المعالجة فزيادة الكلور بالماء عن النسب المسموح بها عالمياً يؤدي إلي الإصابة بأمراض السرطان والأورام الخبيثة للكبد والكلية والمثانة وهو ما يلجأ إليه بعض الفنيين في المحطات لتجنب التلوث الذي قد يحدث أثناء مرور المياه في المواسير التي تهالكت وأصبحت أهم مصدر لتلوث المياه. وقال إن العديد من دول العالم منعت استخدام الكلور في تنقية مياه الشرب واتجهت إلي طرق أخري للقضاء علي البكتريا الملوثة مثل الأوزون والأشعة فوق البنفسجية ويستخدم غاز الأوزون في تعقيم المياه في الدول الأوروبية لفعاليته في قتل مسببات الأمراض وإزالة أسباب الطعم والرائحة من المياه ولا يستخدم في مصر إلا لتعقيم المياه المعبأة لأن من عيوبه أنه لا يبقي في الماء أكثر من 30 دقيقة ثم يتحول إلي أكسجين وبالتالي فإن المياه بالشبكة لا تحتوي علي أوزون متبق لحماية المياه من التلوث كما أن إنتاج الأوزون من الهواء الجوي يحتاج إلي أجهزة كهربائية خاصة للتوليد غالية الثمن بالإضافة إلي أن أعمال الصيانة والتشغيل يجب أن تتم علي أرقي مستوي أما طريقة الأشعة فوق البنفسجية فهي غير شائعة ولكنها تطورت في الفترة الأخيرة وأصبحت أقل تكلفة ومساوية لتكلفة التنقية بالكلور. الدكتور مغاوري شحاتة أستاذ المياه بجامعة المنوفية شرح طريقة التنقية السليمة بعد سحب المياه من النيل وضخها إلي الخزان السريع الذي يقوم بتوزيع المياه علي المروق وهو عبارة عن حوض مياه كبير وفي هذه الأثناء يكون هناك تحضير للشبة والكلور بنسب حسب نسبة عكارة المياه والتي تقاس بجهاز ديجيتال بواسطة الكيميائي الموجود بالمحطة ومن المروق إلي الفلاتر وهي عبارة عن أحواض ترشيح لتنظيف المياه من الشوائب ومن الفلاتر إلي الطلمبات المعالجة التي تضخ إلي الشبكة العامة. وأضاف شحاتة أن بعض المحطات جيدة وأخري أقل كفاءة ولكن السبب الرئيسي في تلوث المياه هو شبكة مياه الشرب والصدأ الموجود في المواسير بسبب تهالكها لأنها أنشئت منذ أكثر من 140 سنة.