زادت في السنوات الأخيرة معدلات العنوسة بدرجة مزعجة لم تشهدها المجتمعات العربية من قبل، ففي المجتمع المصري وحده وصل عدد الشباب غير المتزوج من الجنسين إلي 13 مليون شاب وفتاة وفق آخر إحصاء رسمي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ولا شك أن الرقم في تزايد مستمر. العنوسة، صداع في رأس المجتمع المصري والعربي، فهي تعني زيادة معدلات الانحراف الجنسي والعلاقات غير الشرعية والتي يدخل فيها الزواج السري والعرفي، وزيادة معدلات الاغتصاب، وارتفاع نسبة الجرائم الأخلاقية بصفة عامة وتعني في المجمل العام تحللاً أخلاقياً للمجتمع، وهو خطر لا يمكن صده إلا بجهود متحدة متعددة من جهات شتي تستطيع أن تتعاون لصد هذا الخطر وممن يعرض لأسباب مشكلة العنوسة يصَّدر مشكلة مغالاة الآباء في المهور وتكاليف الزواج المادية، وهي مشكلة قائمة فعلاً، وإن كانت ليست بالحجم الذي يصوره القائلون، فعلي طول الزمان، والزواج مكلف، وتكلفته كبيرة للزوج، ودائماً يجهز له الشاب لسنوات طويلة، مما يعني أن هناك متغيراً جديداً دخل في المشكلة زاد حدتها وفاقم من أزمتها، وهو في تصوري أن فكرة الزواج أصبحت فكرة ثقيلة الظل بالنسبة للشباب، وأصبحت فكرة سخيفة يمكن الاستغناء عنها في ظل القنوات الفضائية والسماوات المفتوحة، والقنوات الإباحية والمواقع الخليعة علي شبكة الإنترنت، كلها تؤدي إلي غرض واحد، ومما رسخ هذا المعني لدي الشباب قنوات الفنون والثقافة وبالتبعية الاعلام عبر سنوات طويلة من خلال السينما والمسلسلات، وتحديداً أفلام السينما التي دائماً تصور الزواج وكأنه جحيم لا يطاق والزوجة تحيل حياة الزوج عذاب ومعاناة، والأولاد يحيطون آباهم بالطلبات والاحتياجات، وفي المقابل يعرض حياة الشباب قبل الزواج لاهياً عابثاً يعيش حياته بالطول والعرض يعيش في حرية مزعومة خلقتها له وسائل الإعلام وزينتها له وضخمتها فالإعلام بتراكماته عبر السنين أوضح للشباب أن الحياة بلا زواج أفضل فهو يعيش بلا زوجة تكبت حريته وتسأله من أين جئت وإلي أين تذهب، وتحيطه بطلبات والتزامات المنزل، فهو يصادق هذه ويتعرف علي تلك بدون مسئولية الزواج الثقيلة، وهكذا يعيش حراً وملك زمانه، وللحديث بقية...