لم يهتز كياني فرحا مثلما اهتز لعبارة رفعنا العلم التي رددها الضمير الوطني للمصريين في تلك الساعة المشهودة 1430 من يوم 6 أكتوبر بعد أن تكلمت العسكرية المصرية في سيناء.. وقالت كلمة المصريين في أعظم لحظة في تاريخ مصر الحديث والتي شهدتها أرض الفيروز.. والبطل الذي ناب عن أهل المحروسة في رفع العلم.. يقسم بالله العظيم أنه لم يحس بأي شيء حوله.. كانت كل أحاسيس أهل المحروسة مصر في أصابعي.. وعلم بلادي يرتفع ويرفرف.. البطل محمد العباسي يرفع العلم.. نمحو بنار أكتوبر المشتعلة غرور الجيش المغرور.. لحظة بكل العمر. انتقم يا مصري.. انتقم يا فرعون.. جاءت اللحظة التي كنا ننتظرها.. لنأكلهم بأسناننا.. هذا ما كان يقوله الجنود في خنادقهم.. ونحرر الأرض.. فالكل في واحد.. والواحد هو كل أبناء المحروسة مصر. قالوا له: الدم ينزف.. ولكنه لم يشعر به.. كان يطهر المصريين من الأيام التي كانت خارجة عن زمن المصريين التي يقولون عنها إنها يونيه.. نمحوها من تاريخ المصريين بنار أكتوبر المقدسة.. وننتقم لأبناء مصر الذين أجبرهم من لا نقول عنهم إنهم بشر ولا يعرفون الإنسانية.. علي أن يحفروا قبورهم بأيديهم ويدفنوا أنفسهم وهم أحياء.. والجنود الذين صوروهم حفاة في أفلام كان يشاهدها العالم في تليفزيونات الدنيا.. وفتيات إسرائيل يسخرن من جنود الجيش الذي يزعم أنه يملك أقوي قوة ضاربة في الشرق الأوسط.. جيش عبدالناصر ويريد أن يلقي بإسرائيل في البحر.. وأخذهم الغرور حتي أنهم بعد أن أكملوا إنشاء الساتر الترابي الذي يبلغ ارتفاعه 20 مترا.. كتبوا علي الساتر باللغة العربية: ستظل مصر جثة هامدة! وكانوا يجلسون علي الشاطئ ويفتحون الراديو ثم ينادون علي المصريين أثناء الليل ويجبرونهم علي الاستماع لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش من أجل بث الهزيمة في أنفسهم. وكانت قمة المأساة.. استشهاد عبدالمنعم رياض أمام عيوننا. وأقسم الرجال علي الثأر.. وثأر الرجال من أجل الرجل الذي أحبوه.. وذاق الجيش الذي يتصور أنه لا يهزم.. هزيمة تاريخية.. ودفع الثمن.. وما زال يدفع.. وعلم المصريين ما زال يرفرف فوق أرض الفيروز، ومصر تبني نهضتها في ظل السلام ويقول رافع العلم محمد أفندي.. أقيمت لي الاحتفالات.. وفي احتفالية حضرها جميع الوزراء.. فوجئت بأن أهل البلد كانوا جميعا في استقبالي بالخيل والطبل والزغاريد.. وأصبح أغنية يغنيها الشعب المصري.. محمد أفندي.. رفعنا العلم.. فهل هذه فرصة لأذكر محافظ القاهرة عبدالعظيم وزير بمشروع إنشاء حديقة للخالدين ويكون رافع العلم في صدارتها.. يضع تمثاله.. ليكون مزارا للمصريين في ذكري 10 رمضان و6 أكتوبر.. فهذا العلم المصري الذي يرفرف يجسد انتصارنا علي من أرادوا قهرنا فقهرناهم وقلنا للعالم مصر المحروسة أم الدنيا لا تقهر والمنتصرة.. وهي تبني الآن نهضتها في ظل السلام.. فهل تخلد هذه اللحظة.. لحظة الانتصار.. بتمثال لرافع العلم بوضعه في حديقة الخالدين ليكون شاهدا للتاريخ والأجيال المقبلة؟